وأفادت صحيفة "الاقتصادية " في افتتاحيتها التي جاءت بعنوان ( الطاقة المتجددة محرك استثمارات المستقبل ) : لا تزال الطاقة المتجددة تكافح من أجل إثبات مكانتها، وأنها البديل الأمثل للطاقة الأحفورية، وهذا الكفاح نابع من أن التبرير في التحول والاستثمار في الطاقة المتجددة يأتي أساسا من فكرة أخلاقية، وهي المحافظة على البيئة ومواجهة التغيرات المناخية، بينما الاستثمار يهتم بالتكلفة والعائد. وفي هذا الشأن، فإن الطاقة الأحفورية لم تزل رائدة وفي المقدمة، ذلك لأن فيها تبريرات كافية للاستثمار مقابل التكاليف التي سيتم تكبدها في العادة، فقد تراجع الاستهلاك العالمي للطاقة نتيجة الإغلاق الاقتصادي العالمي الكبير وانخفضت أسعار الطاقة بشكل كبير، وأصبحت الضغوط على العائد أكبر من أي وقت مضى، وهذا أدى - كما شهدنا - إلى إغلاق عديد من منصات مناطق النفط الصخري، بسبب التكلفة والعائد. وأوضحت قبل أيام، نشر برنامج الأمم المتحدة للبيئة، تقريرا عن “الاتجاهات العالمية في الاستثمار في الطاقة المتجددة لعام 2020”، قدم دليلا على تراجع الاستثمارات في عديد من دول العالم، من بينها جنوب إفريقيا، بهبوط قدره 76 في المائة عن 2018، وكينيا بانخفاض 45 في المائة، والمغرب بهبوط قدره 83 في المائة، ومصر بهبوط قدره 56 في المائة، وكذلك الأردن بهبوط قدره 69 في المائة. فيما عززت الإمارات والسعودية وزيمبابوي النمو في الاستثمارات. ونعلم أن السعودية ذهبت بعيدا في مجال الاستثمار في الطاقة المتجددة بتنفيذ عديد من المشاريع في الطاقة الشمسية والرياح والنووية السلمية لتوليد الطاقة الكهربائية. وبينت: وهنا يثار التساؤل عن الأسباب التي قادت هذه الدول إلى التراجع في الاستثمارات، رغم أن التقرير يشير إلى أهمية تعزيز الطموحات بشأن الطاقة المتجددة، وبشأن إزالة الكربون من وسائل النقل والمباني والصناعة، لكن المتأمل في التقرير، يجد أن هذا الانخفاض الملحوظ في الاستثمارات لم يؤثر في حجم الطاقة التي أضيفت في عام التقرير 2019، حيث يؤكد أن هناك 184 جيجاواط من الطاقة، وهي قفزة تمثل 20 جيجاواط من 164 جيجاواط المضافة في 2018، وبما يماثل 20 مفاعلا نوويا جديدا، وأن هذه القدرة الجديدة قد تم تسليمها بالاستثمار نفسه تقريبا في 2018، أو ما يعادل 282.2 مليار دولار، ما يدل على انخفاض التكاليف. وقالت: هذه النتيجة التي انتهى إليها التقرير، يجب أن تقرأ بعناية، خاصة من صناعي القرار، فهناك خفض كبير وواسع في تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة، وهو خفض ملموس بشكل يجعل عديدا من الدول، التي تحتل المراكز المتقدمة عالميا في هذا المجال، تخفض من استثماراتها بنحو يتجاوز 80 في المائة. وأضافت: وبهذا، فإن السباق نحو تطوير هذه الطاقة قد أخذ بعدا جديدا، مع انخفاض التكلفة، وأن سباقا محموما يلوح في الأفق، فقد أشار التقرير إلى خطط بشأن إنتاج 826 جيجاواط من الطاقة المتجددة الجديدة بحلول 2030، بتكلفة من المرجح أن تبلغ نحو تريليون دولار، وإذا كان الجيجاواط الواحد يماثل سعة مفاعل نووي، فإننا أمام مشاريع تعادل بناء أكثر من 800 مفاعل. علاوة على كل ما سبق، فإن التقرير يقدم أدلة بشأن انخفاض تكلفة تركيب الطاقة المتجددة إلى مستويات قياسية، ما يعني أن الاستثمارات المستقبلية تحقق عوائد مجزية. كما أن التقرير يؤكد أن تكاليف الكهرباء من محطات الطاقة الشمسية الجديدة في النصف الثاني من 2019 أقل 83 في المائة مما كانت عليه قبل عقد من الزمن، لذا فإن صناعة الطاقة المتجددة ستتحول من التزام بالقيم والمثل الإنسانية لتجد دعما غير محدود من مفاهيم الأرباح ومقاييس أسواق المال، وهذا سيعزز أكثر من فرص تحقيق المستهدفات العالمية. وفي هذا يقول المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إن الطاقة المتجددة واحدة من أذكى الاستثمارات وأكثرها فاعلية من حيث التكلفة، وإذا استغلت الحكومات سعر الطاقة المتجددة الذي ينخفض باستمرار، فيمكنها أن تخطو خطوة كبيرة نحو عالم طبيعي وصحي. وهنا نقول، إذا كان العالم ما بعد كورونا قد يشترط نظاما صحيا شاملا وملائما لتوجيه الاستثمارات الأجنبية وحركة رأس المال والتمويل، فإن التوسع في الطاقة المتجددة سيكون دليلا لا يمكن دحضه على هذا المجتمع الصحي، كما تمثل محرك التعافي الاقتصادي من وباء كوفيد - 19، لأنها ستدعم الناتج الإجمالي العالمي بنحو 100 تريليون دولار بداية من العام الجاري حتى عام 2050. حيث ذكرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أحد تقاريرها، أن زيادة الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة ستنتج فوائد اقتصادية جمة، إضافة إلى أنها تساعد على حل مشكلة التغير المناخي. كما أن الأزمة الاقتصادية الحالية التي نتجت عن وباء كوفيد - 19، أظهرت ضعف النظام الحالي، ودفعت الحكومات إلى التفكير في زيادة الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة لتحفيز النمو الاقتصادي والحد من التغير المناخي. وختمت الصحيفة: وهنا، لا بد أن نشير إلى أن الاستثمار في الطاقة المتجددة سيساعد على مضاعفة الوظائف في هذا المجال أربعة أضعاف، لتصل إلى 42 مليون وظيفة على مدى الـ30 عاما المقبلة. وسيدعم أيضا مستوى الصحة والرفاهية في العالم. // يتبع //06:03ت م 0005