يبدو أن فضيحة حصول رئيس وزراء قطر السابق، حمد بن جاسم، على رشاوى ورسوم سرية ستظل وصمة عار تتجدد كالنار تحت الرماد تعاود الاشتعال كلما تخيل البعض أنها خمدت، خاصة أنه في كل مرة تظهر فيها أخبار عن تلك الواقعة أو وقائع مرتبطة بها تتكشف خبايا مخزية جديدة.
ويشهد القضاء البريطاني حالياً قضية تطالب فيها سيدة الأعمال البريطانية، أماندا ستافيلي، بتعويضات من بنك باركليز، أسوة بما حصل عليه حمد بن جاسم وأعوانه وأسرته عام 2008.
لكن بحسب ما نشرته صحفية "التلغراف" البريطانية، زعم مسؤول تنفيذي في باركليز أن زوجته، وليس أماندا ستافيلي، هي التي لعبت دوراً أساسياً في إبرام صفقة لإنقاذ لبنك باركليز بقيمة 4 مليارات من الجنيهات الإسترلينية في رسالة بريد إلكتروني اطلعت عليها هيئة المحكمة البريطانية العليا التي تنظر القضية.
كما أعرب روجر جنكنز، مدير تنفيذي سابق في باركليز، عن غضبه من أن ستافيلي تدعي أن شركتها PCP أسهمت في جلب مشترين لأسهم البنك عام 2008 إبان الأزمة المالية، التي كادت أن تؤدي إلى تأميمه وفقاً لخطة إنقاذ حكومية.
تعويضات بقيمة 1.6 مليار إسترليني
إلى ذلك تطالب ستافيلي بتعويض عن الأضرار بقيمة 1.6 مليار جنيه إسترليني، مدعية أن شركتها تستحق عمولة مقابل الخدمات التي قامت بتأديتها خلال الأزمة المالية لعام 2008، تتساوى مع ما حصل عليه حمد بن جاسم، في ضوء ما تكشف من حقائق خلال القضايا التي نظرتها المحاكم البريطانية بشأن مدفوعات سرية لحمد بن جاسم في شكل رسوم مقابل "خدمات استشارية" بموجب اتفاقيتين سريتين، الأمر الذي اعترض عليه بنك باركليز.
وفي محاولة لتبرير سبب اعتراض باركليز، زعم جنكنز أن رئيس الوزراء القطري السابق، حمد بن جاسم، هو من كان من مقدمة المستثمرين، وليس مستثمر عربي آخر كما تدعي ستافيلي، والذي قام باستثمار 3.25 مليار جنيه إسترليني، بوساطة منها، في اكتتابين طارئين لجذب رؤوس الأموال للبنك.
كما فجر جنكنز قنبلة مدوية في رسائل بريد إلكتروني، اطلعت عليها المحكمة العليا في لندن، وهي أن زوجته ديانا لم تحصل على التقدير المناسب للدور الذي لعبته في التوسط في الصفقة مع حمد بن جاسم.
دور زوجة حمد بن جاسم
وبحسب إحدى رسائل البريد الإلكتروني المليئة بالأخطاء الإملائية، أوضح جنكنز أن "علاقة الثقة القوية مع حمد بن جاسم بدأت في الواقع من خلال زوجته، التي كانت ترغب في الانضمام لدائرة معارف ديانا (زوجة جنكنز)، وأنها (زوجة حمد بن جاسم) بذلت جهداً كبيراً للاحتفاظ بعلاقات اجتماعية والحصول على نصائحها الاستشارية لعدة شهور دون أي مقابل".
وأضاف جنكنز أن "(زوجته) ديانا حظيت بثقة كبيرة".
عارضة أزياء شهيرة
واستطرد جنكنز، الذي كان يواعد ذات يوم عارضة الأزياء إيل ماكفرسون والذي حصل على مكافأت تقدر بـ39.5 مليون جنيه إسترليني لإسهامه في إنقاذ باركليز من التأميم، شارحاً في رسالة بريد إلكتروني أخرى: "عملت (ديانا) على بناء هذه العلاقات التي ساعدته على تحقيق صفقات تجارية ثقيلة ولم تحصل على شيء في المقابل".
ويمضي قائلاً: "إنها تبدو الآن مثل باريس هيلتون، وهي حاصلة على درجتين جامعيتين! إنها فتاة رائعة تستحق الكثير"، مشيراً إلى أنه "ليس من الإنصاف بعد كل هذا أن تحصل أماندا على كل الأضواء".
مواعدة الأمير أندرو
وتعارض ستافيلي، التي سبق أن واعدت الأمير أندرو ذات مرة، رواية جنكنز، مؤكدة في بيان مكتوب أنها لعبت دوراً أساسياً في التوسط لإتمام الصفقة، قائلة إن خدماتها لباركليز لا علاقة لها "بزوجة جنكنز أو الشيخ حمد (بن جاسم)".
كما ذكرت أن جنكنز نفسه قام بالـ"كذب" عليها عندما أكد لها أن الصفقة مع الجانب القطري تتماثل مع ما حصل عليه عملاء شركتها، ولم يتطرق إلى "الرسوم السرية"، التي تم دفعها إلى حمد بن جاسم.
تعمد تضليل الأسواق
إلى ذلك قال جو سموحة، محامي ستافيلي، إن "شركة PCP تم حثها على الاستثمار بشروط أسوأ بشكل واضح من التي حصل عليها المستثمرون القطريون".
وأضاف سموحة في مرافعته: "إن بنك باركليز في هذا الصدد لم يتعمد تضليل عملاء شركة PCP فحسب، وإنما باقي المساهمين (في باركليز) والأسواق (المصرفية) أيضاً".
"شقراء ماكرة"
واستمعت هيئة المحكمة إلى المفاوضات حيث وصف جنكنز، (64 سنة) ستافيلي بأنها "مستفزة"، بينما قام وصفها مسؤول تنفيذي سابق آخر في باركليز بأنها "شقراء ماكرة".
ووصف محامو الدفاع عن باركليز المطالبة بتعويضات من شركة PCP بأنها "انتهازية ومزايدة"، موضحين أن "شركة PCP في الواقع لم تخسر وأن مزاعم ستافيلي لا تدعمها وثائق وأدلة".
براءة لا تنفي الجرم
في فبراير، تمت تبرئة جنكنز واثنين من المديرين التنفيذيين السابقين في بنك باركليز هما توماس كالاريس وريتشارد بوث من جانب محكمة أولد بيلي البريطانية من تهم الاحتيال لتنفيذ صفقة استثمار بقيمة 4 مليارات من الجنيهات الإسترلينية مع قطر في ذروة الأزمة المالية عام 2008.
وأورد مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الكبرى SFO في الدعوى تفاصيل حول مدفوعات سرية إلى صندوق الثروة السيادي القطري، الذي كان يرأسه آنذاك حمد بن جاسم إلى جانب مناصبه كرئيس للوزراء ووزير للخارجية، والذي قام بالموافقة على قرار الاستثمار في باركليز بأموال صندوق الثروة السيادي القطري وشركة قابضة تابعة له بالإضافة إلى شركة تشالنجر الخاصة والمملوكة لحمد بن جاسم وأسرته في أحد الملاذات الآمنة، وبما يزيد عما تم الإعلان عنه ودفعه لباقي المستثمرين الآخرين.
من هي ديانا جنكنز؟
تبلغ ديانا جنكنز من العمر 47 عاماً وتنتمي لأسرة من الطبقة المتوسطة في البوسنة، فر أفرادها من سراييفو سيراً على الأقدام للنجاة بحياتهم من حرب البلقان. وصلت ديانا إلى لندن كلاجئة في عام 1993. واستكملت تعليمها في بريطانيا، حيث حصلت على شهادة جامعية في مجال علوم الحاسوب مع مرتبة الشرف وشهادة أخرى في الاقتصاد والهندسة الاجتماعية من جامعة سراييفو.
التقى جنكنز وديانا في صالة ألعاب رياضية قريبة من الجامعة، التي كان يقوم بالتدريس فيها وتزوجا عام 1999 ورزقا بطفلين، ثم انفصلا بعد 10 سنوات. يعيشان في عقارات منفصلة داخل مزرعة تطل على شاطئ ماليبو، تقدر قيمتها بحوالي 25 مليون جنيه إسترليني.