بعدما وجّهت حديثها قبل أيام عبر تغريدة لها في تويتر إلى رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، شارحة حال سجن كانت اعتقلت فيه، إثر إعلان الأخير ضمانه التزام القوات الأمنية بحماية المتظاهرين والمظاهرات، كشفت الإعلامية العراقية أفراح شوقي لـ"العربية.نت" في حديث خاص لها عن كل ما مرت به.
فما إن أعلن الكاظمي عن تأكيده على حق التظاهر السلمي في البلاد والمكفول بعمل الدستور حتى سارعت شوقي التي بقيت غائبة عن الساحات الإعلامية مدة لا بأس بها، إلى التدخل وتوجيه كلمتها للكاظمي عبر تويتر مطالبة إياه بالقصاص، موضحة أنها احتجزت نهاية العام 2016 في سجن ترجح أنه مقر لفصيل مسلح متنفذ، وقريب لجهة رسمية.
وفي حوارها أفادت شوقي بأن واحداً من شروط خروجها من السجن السري الذي مكثت فيه، كان تعهدها بعدم التحدث مع الإعلام، وعدم إجراء أي مقابلات صحافية، وكذلك عدم كتابة مواضيع حساسة أو نشر ما هو ضد الحكومة العراقية.
كما تضمن تعهد خروجها أيضا التغيير من نمط كتاباتها، وذلك بعد تهديد خاطفيها بمراقبتها، بأنها ستبقى تحت أنظارهم بعد إطلاق سراحها، فإذا ما التزمت ضمنت عدم المساس بعائلتها، وهو ما دفعها لعدم الكلام خلال تلك الفترة.
تحقيق مع التعذيب
عن البداية سردت الصحافية المعتقلة، أنه وفي أواخر عام 2016، تحديدا يوم 23 ديسمبر/ كانون الأول، داهمت قوة مسلحة مؤلفة من 3 سيارات بدون لوحات منزلها، مدعية أنها من استخبارات الأمن الداخلي. دخلت القوة وقيّدت أبناء الصحافية، ومن ثم قيدت هي وعصبت عيناها، وأغلق فمها، ثم اقتيدت إلى جهة مجهولة.
بقيت شوقي هناك حوالي 9 أيام، أجرى معها من كان موجودا عمليات تحقيق مشابهة للتحقيقات الرسمية، صاحبها أنواع تعذيب لا تحصى، بينها التعليق بالعكس وضرب مبرح دون توقف من قبل 4 عناصر.
سجن بلا نوافذ
وأضافت شوقي، أنها قبعت في سجن انفرادي مغلق دون نوافذ، لا يميز من يمكث فيه الليل من النهار، مؤكدة أن عمليات التحقيق كانت تتم وهي معصوبة العينين وجالسة إلى الخلف كي لا ترى المحققين الذين أطلق عليهم السجانة لقب "سيدي".
كما شرحت أن المحققين امتلكوا سجلا كاملا يحمل معلومات عنها وعن عائلتها، وفيه مكان عملها ودراسة أطفالها وحتى حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي.
في حين، ركزت شوقي اعتقادها بأن الجهة الخاطفة كانت جهة شبه رسمية، بسبب ماهية التحقيق، إلا أنه لم يكن للقضاء وجود هناك مع استمرار التعذيب.
مطالبات بالاعتراف
في إفادتها، أوضحت شوقي أن المحققين طلبوا منها الاعتراف بمعلومات تحت التعذيب، وقد اعترفت بما لم ترتكب بسبب الضغط، وبعد أن قاموا بالتقاط مقطع فيديو يوثق ذلك.
وعن التهمة أفادت شوقي، أن سبب وجودها كان تقارير نشرتها عن الميليشيات الموجودة في العراق، منها عصائب أهل الحق.
تهديد بعودة دون خروج!
وبعد أيام من وجودها، هدأ التعذيب قليلا دون أن تفهم السبب إلا عند خروجها، حيث علمت أن حملة شعبية وإعلامية كانت انطلقت مطالبة بإطلاق سراحها.
وفي اليوم التاسع، أطلق سراحها، وعند إخراجها من المعتقل عصّبت عيناها، وأوضح لها الخاطفون أنها تحت المراقبة، وأنهم يعرفون كل تحركاتها، وفي حال خالفت تعليماتهم ستعود للمعتقل دون عودة.
"الشرطة: لا للتفاصيل"
بعد خروجها، أدلت الصحافية بما عاشته في إفادة لها عند الشرطة التي نصحتها بألا تخوض بالتفاصيل وألا تتابع الموضوع لأن ذلك أسلم لحياتها، فهناك قضايا أخطر بكثير مما مرت به.
وأضافت شوقي أن الخاطفين لاحقوها بعد الخروج بفترة طويلة، ولهذا لم تخرج إلى الإعلام أبدا.
إلى ذلك، أكدت أنها ترغب بعودة حقها مع جميع العراقيين من ميليشيات إيرانية تتحكم بمصير الشعب العراقي.
فالح الفياض: إليك مالاً ومنصباً
وبعد خروجها، كشفت شوقي أن جهاز الأمن الوطني أرسل لها من يبلغها عرضا من رئيسه فالح الفياض، مفاده استعداد الجهة الرسمية تسهيل ترشيحها بالانتخابات وبمبلغ مالي مقابل سكوتها عن موضوع الاختطاف.
الكاظمي.. فسحة الأمل
وعن وصول رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى رئاسة الحكومة، أعربت شوقي عن أنها تفاءلت بالإجراءات الجديدة التي أعلن عنها الأخير، موضحة أنها طالبته بتنفيذ ما تعهد به حول حماية المتظاهرين، بملاحقة الخاطفين والمجرمين، وحصر السلاح بيد الدولة وإخراج المختطفين، وطالبته أيضا بالقصاص من المجرمين الذين يختطفون العراقيين كل يوم تحت اسم الدولة.
نكسة للحريات
يذكر أن الأعوام الأخيرة في العراق كانت شهدت انتكاسة كبيرة للحريات الصحافية والحقوق المدنية، وذلك بسبب الانتهاكات الخطيرة غير المسبوقة التي طالت المؤسسات الإعلامية وعامليها في البلاد.
فقد سجلت 373 حالة اعتداء على صحافيين وإعلاميين بينها عمليات اغتيال وتصفية.
وجاءت تلك الإحصائيات وفقا لتقارير رصدها المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب للانتهاكات ضد الناشطين والإعلاميين في العراق، خلال المدة من 1/10/2109 - 20/1/2020 حيث بلغت عمليات اغتيال الناشطين حوالي 37 حالة اغتيال وأكثر من 41 حالة اختطاف.
أما الإعلاميون فقد وثقت أكثر من 73 حالة تعرض للقتل أو الاستهداف والتهديد، منها 9 حالات خطف واعتقال.
إلى ذلك قامت حكومة عادل عبدالمهدي بإصدار ما لا يقل عن 130 أمر اعتقال بموجب قوانين مكافحة الإرهاب ضد الناشطين المشاركين في الاحتجاجات والصحافيين الذين يقومون بتغطية المظاهرات العراقية التي انطلقت في الشهر العاشر من عام 2019، واضطر الكثير من الصحافيين أن يتركوا عملهم في بغداد، ويفروا إلى جهات مجهولة خوفا من القتل والاعتقال أو إلى إقليم كردستان أو خارج البلاد ومنهم الصحافية أفراح شوقي التي هربت خوفا من بطش الميليشيات إلى فرنسا.