محمد الخميس
في دولة مجاورة، تعرضت لخطر انهيار عملتها المحلية التي صارت تسابق الريح في النزول، وكان لزاما عليها التصرف لوقف هذا النزول فكلفت فريقا من جهابذة الاقتصاد لديها للقيام بدراسة سريعة لإيجاد حل لوقف هذا التدهور، ورجع الفريق باقتراح غريب في شكله، لكنه الحل العملي الوحيد أمامهم وهو إلغاء العملة المحلية والتداول داخليا بعملات صعبة متنوعة.
لكن هذا الحل لم يعجب السياسيين ولن يرضى به مواطنوها، فأعيدت الدراسة إلى الفريق لإيجاد حل وسط بين هذا وذاك، وتفتقت أذهان فريق الدراسة إلى طريقة عملية توقف تدهور العملة المحلية وتحافظ على الهوية الوطنية في بقاء عملتها الوطنية كوسيط بين الوضع المالي المحلي والوضع المالي العالمي والعمل بالعملات الصعبة من وراء ظهرها الذي سيقوى مع الزمن ويعيد الهيبة للعملة المحلية، حيث أوصى فريق الدراسة بأن ينشأ حساب رديف لكل المواطنين تكون قيمته محسوبة بسلة عملات صعبة، ومن ثم بمجرد إيداع العملة المحلية في حساب المواطن، فإن الحاسوب يقوم بتحويلها بشكل فوري للحساب الرديف، وعند حاجة المواطن إلى الصرف بالعملة المحلية، فإنه يتم التحويل الفوري من حسابه الرديف إلى الحساب الأصلي بالقيمة التي يريدها في وقت الصرف نفسه، حيث ستكون غالبا أعلى من القيمة السابقة، وهكذا يتم تلافي نزول العملة بشكل يحفظ حقوق المواطن ويعطيه عملة محلية أعلى عددا من قيمتها في أثناء الإيداع الأول، وذلك لأنها قدرت بقيمة العملة الصعبة، ولو سئل خبراء الاقتصاد في تلك الدولة أو غيرها لاعترفوا بأن هذا الأسلوب كان بمنزلة طوق النجاة الذي أنقذ هذه الدولة من الزوال نهائيا.
ونحن في المملكة - نحمد الله - على ربط العملة المحلية مع عملات صعبة التي يشكل الدولار أكثرها، لكننا لو انتهجنا هذا الأسلوب الجديد لاستطعنا رفع القيمة الشرائية لدى المواطنين بنسبة قد تزيد على معدلات التضخم سنويا ولنشأة مظلة مالية كبيرة وقوية، قد تغري الوافدين بترك أرصدتهم في المملكة والسحب منها عند الحاجة بدلا من التهافت على المصارف لتحويل دخولهم سواء كانت كبيرة أم صغيرة بشكل فوري إلى خارج المملكة، بل قد ينعكس الوضع ويجلب الوافدون مدخراتهم في بلدانهم إلى المملكة.
كما أننا مع اعتماد الوضع الجديد ومع وجود مركز الملك عبد الله المالي سينشأ وضع مالي قوي، وسيغري الكثير من رؤوس الأموال المهاجرة لتقطن في المملكة وتزيد من المخزون النقدي بالعملات الصعبة، حيث لن تمر سنوات معدودة إلا وتتحول عملتنا المحلية إلى عملة قيادية تحرث الأرض الطيبة بمحاريث العملات الصعبة الصلبة، لتزهر الأرض وتنتج أطيب الثمار، وسيفضلها الكثير من المستثمرين حول العالم – مواطنون أو غيرهم - ما يجعل بيئة الاستثمار واستقطاب الأموال الأجنبية أمرا حتميا يأتي بأقل الحوافز ودونما هيئة استثمار عامة التي قد يكون دورها مستقبلا دورا تنسيقيا فقط.
وسيدعم هذا التوجه الكثير من الخبراء والعاملين في المصارف المحلية، وذلك كونهم أعلم بقدرات الحواسب التي لديهم وقدرتها فنيا وعمليا لتنفيذ عملية الحساب الرديف بتركيب برامج بقوالب جاهزة مع تعديلات تناسب كل مصرف على حدة بحسب النظم المحاسبية التي ينتهجها التي تعمل بشكل توافقي مع الأنظمة المحلية والعالمية.
ولن أكون مبالغا لأتوقع تبني مثل هذا الطرح في القريب العاجل لما يحتاج إليه من دراسات مستفيضة لا بد من دعمها بقرار سياسي، لكنني أتمنى من المسؤولين في مؤسسة النقد، وعلى أقل تقدير، دراسة هذا الطرح مع بقية جهات الاختصاص، فإن أصبنا فلنا أجران وإن لم نصب فأجرنا على الله. http://www.aleqt.com/2013/01/13/article_724267.html