يستمر سعر صرف الدولار في التحليق عالياً مقابل الليرة اللبنانية، وتجاوز عتبة الأربعة آلاف ليرة في وقت تتآكل رواتب اللبنانيين في ظل ارتفاع جنوني بأسعار السلع المستوردة وتراجع القدرة الشرائية.
وتحرّكت الأجهزة الأمنية في الأيام الأخيرة للجم من يتحكّمون "بلعبة" النقد في لبنان، فأوقفت أكثر من أربعين صرّافاً في مختلف المناطق اللبنانية
وبلغت هذه التوقيفات ذروتها مع توقيف نقيب الصرّافين في لبنان محمود مراد، التي كشفت التحقيقات معه خلال اليومين الماضيين أنه يتلاعب بسعر صرف الليرة من خلال شرائه الدولارات بسعر مرتفع كي يبيعها لاحقاً لتجار الجملة فيُحقق فيها أرباحاً طائلة، بالتواطؤ منع بعض مديري المصارف، وقد أوقف السبت مدير أحد الفروع المصرفية في جبل لبنان.
شركة "مرادكو للصيرفة"
ومع أن الحملة الأمنية ضد الصرّافين ونقيبهم محمود مراد تركت ارتياحاً لدى اللبنانيين لجهة وضع حدّ لجشع هؤلاء الذي يأتي على حساب لقمة عيشهم، إلا أن القلق مستمر لدى اللبنانيين من احتمال تدخل أحزاب نافذة في هذا الملف من أجل التغطية أو التبرئة.
وفي السياق، أفادت معلومات خاصة لـ"العربية.نت" "أن شقيق نقيب الصرّافين في لبنان المدعو يحيى مراد هو من أبرز اللاعبين على حلبة الدولار، فهو يُدير مع شقيقه نقيب الصرّافين محمود مراد شركة مركزها منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية معقل حزب الله، وهذه الشركة لديها دور كبير في رفع سعر صرف الدولار من خلال شرائها العملة الخضراء بأسعار تفوق سعر السوق".
شقيقه مسؤول في حزب الله
كما أشارت المعلومات إلى أن شقيق نقيب الصراّفين عضو في الوحدة 104 في حزب الله وهي وحدة "المالية الجهادية" برئاسة المدعو الحاج جهاد.
إلى ذلك، أوضحت المعلومات الخاصة لـ"العربية.نت" أن حزب الله يحصر معظم عملياته النقدية بتلك الشركة، إذ إن عدداً كبيراً من عناصره يلجأون إليها لصرف دولاراتهم بالليرة اللبنانية، لأنها تشتري الدولار بسعر أغلى من غيرها، كما أن مؤسسات الحزب المالية منها "قرض الحسن" التي تُعدّ إحدى أكبر جمعيّات التسليف تتعامل مع تلك الشركة أيضاً، بحيث تبيعها الدولارات التي تقبضها لقاء القروض التي تُعطيها لزبائنها كي تستفيد من فرق الأسعار.
يأتي هذا على الرغم من أن أمين عام حزب الله حسن نصرالله قال في إطلالته قبل أسبوع "إنه ليس لدى حزب الله أي نشاط صيرفة ولم نكلّف أي مؤسسة أو فرد في الحزب ممارسة هذا النشاط"، وأضاف "لا نقوم بجمع الدولار ولا نقوم بنقله لا إلى إيران ولا إلى سوريا، ونحن نجلب الدولار إلى البلد ولا نسحبه".
حزب الله والنظام السوري والتحكّم بالدولار
في المقابل، أوضح الناشط السياسي مكرم رباح لـ"العربية.نت" "أن هناك عوامل عدة سبّبت أزمة الدولار، لكن أبرزها دور حزب الله ومعه النظام السوري، لأنهما بحاجة للدولار في السوق اللبناني وفي سوريا أيضاً".
ورأى "أن هذه الأزمة بدأت تطل برأسها في أوغسطس/آب الماضي من خلال عمليات تهريب البضائع على أنواعها ويُدفع بالدولار في بيروت".
يذكر أنه يوجد في لبنان أكثر من 300 صرّاف مرخّص يتوزّعون بين مختلف المناطق اللبنانية.
ومنذ بدء شحّ العملة الخضراء في السوق اللبناني في سبتمبر/أيلول العام الماضي قبيل بدء الحراك الشعبي في 17 أكتوبر/تشرين الأول، يلعب الصرّافون دوراً رئيسياً في اللعبة النقدية في لبنان من خلال تحكّمهم بمعادلة "العرض والطلب" التي يخضع لها سعر صرف الدولار، وذلك بعدما فقدت المصارف القدرة على تلبية حاجات المودعين لسحب دولاراتهم.
وأشار رباح الى "أن حزب الله يملك شبكة من الصرّافين غير الشرعيين يتمركزون في مناطق نفوذه غير الخاضعة لسلطة الدولة اللبنانية، حتى إنهم يتحكّمون بصرف الشيكات المصرفية بالعملة الأجنبية ويقتطعون في المقابل نسبة محددة (نحو 30%) من المبلغ".