وأثنى المؤيدون للمحاكمة على تلك الإجراءات القضائية، بوصفها أول خطوة نحو تحقيق العدالة لآلاف السوريين الذين تعرضوا للتعذيب في منشآت النظام، وذلك بعد فشل المحاولات التي استهدفت إقامة محكمة دولية بشأن سوريا.
كسر حصانة المجرمين في سوريا
وقال المحامي أنور البني، المتخصص بالدفاع عن حقوق الإنسان: "الاعتقالات التعسفية والتعذيب هما السلاح الرئيسي الذي استخدمه نظام الأسد لإشاعة الخوف بين السوريين وإخماد مطالبهم بتحقيق الديمقراطية والعدالة".
وذكر البني أنه احتُجز في سجن قرب دمشق على يد المشتبه به الرئيسي الذي سيحاكم في مدينة كوبلنز الألمانية.
وأضاف: "هذه المحاكمة ستكسر حصانة المجرمين في سوريا بدءاً من رأس النظام وصولاً إلى أصغر مسؤول فيه".
ودأب النظام السوري على نفي الأنباء التي أشارت إلى حدوث عمليات تعذيب وإعدام خارج نطاق القضاء في الصراع الدائر بالبلاد، والذي راح ضحيته مئات الآلاف من الأشخاص. ونفى الأسد نفسه في السابق اتهامات من هذا النوع ضد الأجهزة الأمنية.
ولم تأتِ وسائل إعلام النظام السوري ولا المسؤولون السوريون على أي ذكر للمحاكمة المقررة في كوبلنز.
ولم يفصح محامو المشتبه بهما عن الكيفية التي سيدافعون بها عن موكليهما. وبموجب القانون الألماني فإن أي مشتبه به بوسعه تقديم دفوعه فور بدء المحاكمة.
وقال مايكل بويكر أحد أفراد فريق الدفاع عن المشتبه به الرئيسي الذي أشير إليه باسم "أنور ر." وفقاً لقوانين الخصوصية الألمانية: "لا نرغب في إصدار أي بيان علني بشأن الاستراتيجية التي سنتبعها في الدفاع".
ولجأ ممثلو الادعاء الألمان إلى "قوانين الولاية القضائية العالمية" التي تتيح لهم إقامة محاكمات عن أي جرائم ارتكبت ضد الإنسانية في أي مكان في العالم.
وأكد ممثلو الادعاء أنه كان يشرف على عمليات الاستجواب قبل مغادرته سوريا في 2012، وقد وصل إلى ألمانيا عام 2014.
أما الاتهام الموجَّه للمشتبه به الثاني "عياد أ." (43 عاماً) فهو تسهيل عمليات التعذيب التي تعرض لها ما لا يقل عن 30 من ناشطي المعارضة بعد إلقاء القبض عليهم في مظاهرة مناهضة للأسد عام 2011. وكان هذا المتهم قد وصل إلى ألمانيا في أبريل/نيسان 2018.
وسيواجه الرجلان اللذان ألقي القبض عليهما في ألمانيا مطلع العام الماضي شهادة من عدة لاجئين سوريين يؤكدون أنهم تعرضوا للتعذيب في مركز الاعتقال المعروف باسم "الخطيب" أو "الفرع 251" بالقرب من دمشق.
ويمثل ما لا يقل عن تسعة من ضحايا التعذيب كمدعين مشاركين في القضية، على النحو المسموح به بموجب القانون الألماني، في حين يُتوقع استدعاء آخرين كشهود. ويدعمهم المدعون والشهود والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان.
ومن المتوقع أن تستمر المحاكمة عدة أشهر. وإذا أدين، يمكن أن يواجه "أنور ر." السجن مدى الحياة، بينما يمكن الحكم على "إياد أ." بالسجن لمدة تصل إلى 15 سنة.
إعاقة المحاكمة الدولية
وكانت روسيا والصين قد أحبطتا المحاولات التي قامت بها قوى غربية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإقامة محاكمة دولية بشأن سوريا. وسوريا ليست من الدول الموقعة على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
ويأمل المؤيدون للمحاكمة وضحايا التعذيب في أن تفتح المحاكمة الباب أمام إجراءات قضائية مماثلة في دول أوروبية أخرى مثل النرويج التي لها نفس "قوانين الولاية القضائية العالمية"، ويُعتقد أن أعضاء سابقين بأجهزة الأمن التابعة للنظام السوري يعيشون على أراضيها.
من جهته، قال حمودي شعيب (37 عاماً) أحد ضحايا التعذيب: "قد تكون سوريا أكثر الدول ظلماً في العالم". وأشار إلى أنه تعرض للتعذيب في سجن للنظام بمدينة دير الزور الشمالية في عام 2011 وفر إلى ألمانيا قبل ستة أعوام.
وأضاف: "بالنسبة لي، فإن مجرد إقامة محاكمة عادلة لهؤلاء الأشخاص في محكمة تحظى بالاحترام يمثل شيئاً من المكاشفة.. ليس في نفسي ذرة انتقام. أريد العدالة فحسب".