مع اتساع رقعة الانتقادات للمؤسسات الثرية التابعة للمرشد الإيراني، علي خامنئي، ودورها في مكافحة فيروس كورونا، أضاف موقع خامنئي الإلكتروني قسمًا جديدًا على صفحة "الأموال الشرعية" تحت عنوان "مساعدة ضحايا كورونا".
وأنشأ المكتب القسم أمس الجمعة من أجل مساعدة مصابي كورونا في بلد يشكل أكبر بؤرة للجائحة في منطقة الشرق الأوسط، وذلك مع تزايد الانتقادات لعدم مشاركة المؤسسات الثرية التي تقبع تحت قيادة المرشد في مساعدة المتضررين من الوباء.
لكن القسم الجديد أطلق بدلاً من أخذ المساعدات من المؤسسات العملاقة الثرية الخاضعة لخامنئي وتوزيعها على المتضررين "حملة تبرعات" لجمع الأموال الشرعية من الميسورين مثل "الزكاة والخمس والصدقات"، والتي يطلق عليها في المذهب الشيعي بـ"الوجوهات الشرعية"، عبر "صناديق الأموال الشرعية" وإنفاقها على المصابين
ويأتي هذا القرار بعد ازدياد الانتقادات لمؤسسات المرشد لعدم مشاركتها الفعالة في تمويل مشاريع مكافحة الفيروس المستجد في الوقت الذي يعاني فيه اقتصاد البلاد من العقوبات الأميركية المشددة.
يذكر أن السفارة الأميركية في العاصمة العراقية بغداد، كشفت في 25 أبريل / نيسان أن حجم ثروة مرشد إيران علي خامنئي تقدر بمئتي مليار دولار أميركي.
وقالت السفارة في بيان لها، نشرته على صفحتها في "فيسبوك"، إن الفساد يستشري في جميع مفاصل النظام الإيراني، بدءاً من القمة.
وأضافت أن ممتلكات مرشد النظام علي خامنئي وحده تقدر بـ200 مليار دولار، بينما يرزح الكثير من أبناء الشعب الإيراني تحت وطأة الفقر بسبب الوضع الاقتصادي المزري بعد 40 عاماً من حكم رجال الدين في إيران، وفقاً لبيان السفارة الأميركية.
يشار إلى أن الثروة التي أشار إليها البيان هي أموال وممتلكات مؤسسات عملاقة لا تخضع إلا لإمرة خامنئي.
وفي سياق انتقاد دور مؤسسات المرشد في مكافحة كورونا، كتب مسيح مهاجري، رئيس تحرير صحيفة "جمهوري إسلامي" الأسبوع الماضي، مقالا انتقد ف?ه بعض المؤسسات العملاقة والثر?ة تحت قيادة "الولي الفقيه"، وحثها على أداء دورها في عهد كورونا.
كما كتب متسائلاً: "ماذا يفعل الموظفون في لجنة تنفيذ توصيات الإمام ومؤسسة المستضعفين ومؤسسة الإمام الرضا إذا لم ينفقوا أموالهم على المضطهدين؟".
وتعتبر تلك المؤسسات الأغنى في إيران على الإطلاق وتتحكم بالمليارات، فعلى سبيل المثال لا الحصر تعد "مؤسسة المستضعفين" أغنى مؤسسة مالية في إيران بعد شركة النفط الوطنية وهي لا تدفع الضرائب وقرارها بيد المرشد الأعلى.
كما انتقد الناشط السياسي الإصلاحي البارز، عباس عبدي تلك لمؤسسات الثرية لرفضها مساعدة الناس الذين يواجهون ضيق المعيشية في حالات الطوارئ مثل تفشي كورونا.
وقال عبدي إن بعض الموارد العامة للناس هي في أيدي بعض الناس الذين ليس من المعروف ماذا يفعلون بها، مضيفاً أن "الفصل بين الموارد العامة والحكومة" يعد أمرا غير منطقي، في إشارة غير مباشرة إلى سيطرة المرشد على هذه الموارد.
وفي مقابلة مع موقع "مدارا الإخباري" الناطق بالفارسية يوم الاثنين الماضي، قال إن آلية مؤسسات مثل "آستان القدس" (وقف الأمام الرضا) و"مؤسسة المستضعفين" و"اللجنة التنفيذية لتوصيات الإمام" خارج سيطرة الحكومة، واصفا ذلك بـ "غير المعقول".
يذكر أن عبدي كان من قادة "الطلبة السائرون على نهج الإمام الخميني" الذين احتلوا السفارة الأميركية في طهران ولعب دورا بارزا في إنشاء وزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية في الثمانينيات وخلال الحقبة الإصلاحية ساهم في تأسيس "حزب المشاركة الإسلامية" الإصلاحي الذي تم حظره في 2009.
ثروات ضخمة
أما المؤسسات التي أشار إليها عبدي فتعتبر الأغنى في إيران على الإطلاق ومن أبرزها "اللجنة التنفيذية لتوصيات الإمام"، وهي منظمة خيرية حكومية تحت سيطرة المرشد الأعلى لإيران، وتم تأسسها بأمر من الخميني مؤسس نظام الجمهورية الاسلامية في الثمانينيات، وهي مسؤولة عن إدارة الممتلكات في حوزة "الولي الفقيه" وتنشط في مجالات عدة منها الخدمات المالية والمصرفية، والعقارات، وصناعة النفط، والاتصالات، وتربية المواشي.
إلى ذلك، تدار مؤسسة "آستان قدس" (وقف الأمام الرضا) التي يقع مقرها الرئيسي في مدينة مشهد حيث ضريح الأمام الرضا ثامن أئمة الشيعة، بإشراف المرشد.
وتعتبر تلك المؤسسة واحدة من أكبر مؤسسات الأوقاف في العالم الإسلامي، وتمتلك ثروة ضخمة وعلى الرغم من أنشطتها الاقتصادية الشاملة، فإنها لا تدفع الضرائب للحكومة، لأنه وفقا لسادن مرقد الأمام الرضا، أن المؤسسة لديها خطاب إعفاء من الضرائب من روح الله الخميني مؤسس النظام
أما مؤسسة المستضعفين فهي أيضا منظمة غير ربحية في النظام الإيراني وتدار من قبل بيت المرشد علي خامنئي مباشرة، وهي ثاني أكبر مؤسسة اقتصادية في إيران بعد شركة النفط الوطنية الإيرانية وتعمل في مجالات متنوعة اقتصادية وصناعية وتجارية ومالية.
وفي السنة المالية 2016، كان دخل مؤسسة المستضعفين أكثر من 28 ألف مليار تومان وأعلن عن صافي أرباحها 3 آلاف مليار تومان.
وكان سعر الدولار في تلك السنة حوالي 3 آلاف و500 تومان واليوم 15 ألف و500 تومان.
ونظرا لأن هذه الثروات لا تخضع لإدارة مؤسسة رئاسة الجمهورية المنتخبة، فقد حثّ الرئيس الإيراني، حسن روحاني، صندوق النقد الدولي، الأربعاء 8 أبريل / نيسان، على منح بلاده قرضاً طلبته بقيمة خمسة مليارات دولار، لمساعدتها في مكافحة تفشي فيروس كورونا.
كما انتقد العقوبات الأميركية على إيران، واتهم واشنطن بعرقلة مساعي إيران في طلب القرض.
وقال الرئيس الإيراني خلال اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا "قدمنا طلبا لصندوق النقد الدولي لمنح إيران قرضا قيمته 5 مليارات دولار، لكنه لم يلتزم بمسؤوليته متبنيا سياسة أحادية الجانب".