على مدى اليومين الماضيين واجهت تركيا أزمة جديدة على خلفية استقالة وزير الداخلية سليمان صويلو الّذي أعلن عن استقالته عبر موقع "تويتر" على خلفية الانتقادات التي وُجهت إليه بعد فرضه حظر تجوّل كاملا لمدة يومين فقط في 31 ولاية تركية، بشكلٍ مفاجئ نهاية الأسبوع الماضي، في محاولة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد في البلاد.
وعلى الفور، رفض كلّ من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحليفه رئيس حزب "الحركة القومية" دولت بهجلي، استقالة صويلو، في حين اعتبر زعيم حزب "الشعب الجمهوري" المعارض كمال كليتشدار أوغلو أن الوزير تقدّم باستقالته مرغماً لإنقاذ أردوغان من عواقب قرار حظر التجوّل الأخير، والّذي واجه الكثير من الانتقادات كغيرها من الإجراءات الوقائية التي لجأت حكومة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم إلى تطبيقها في البلاد مؤخراً.
وقال رئيس بلدية ولاية تركيّة تقع جنوب شرقي البلاد إن "وزير الداخلية لا يمكنه أن يفرض قرار حظر التجوّل في تركيا إن لم يكن أردوغان موافقاً عليه".
وأضاف محمد دمير، وهو رئيس بلدية مدينة باطمان الكبرى في مقابلة مع "العربية.نت" أن "إعلان وزير الداخلية عن فرض منع التجول قبل ساعتين من دخول القرار حيز التنفيذ أدى لخروج مئات الآلاف إلى الشوارع بغرض التسوق"، لافتاً إلى أن "قراره لم يأخذ بعين الاعتبار مخاطر التجمّعات التي قد تحدث وتؤدي الى انتشار الفيروس بشكلٍ سريع بين الناس، وأيضاً لم يكن رؤساء البلديات على معرفة مسبقة به".
وتابع أن "رفض أردوغان لاستقالة الوزير تبدو مسرحية هزيلة، فلو كان قرار الداخلية صحيحاً، كان سيقول أردوغان إنه منْ أعطى الأوامر ولكن باعتبار كانت نتائجه وخيمة، فهو يسعى لتحميل المسؤولية الكاملة للوزير رغم أنه ينبغي أن يتحمل عواقب قرار حظر التجوّل باعتبار أن تركيا لم تعدّ دولة مؤسسات بل قرارها فردي يتخذ من قبل شخصٍ واحد هو أردوغان".
كما أشار إلى أن "ميزانية الحكومة المخصصة لمواجهة كورونا ضئيلة مقارنة بميزانيات غيرها من الدول ولا تكتفي الحكومة بذلك، وإنما تطالب الناس بالتبرع لها. وبهذا الشكل لا يمكن لها إدارة هذه الأزمة، فهي لم توافق على إطلاق سراح سجناء الرأي والمعارضين رغم أن هذا الأمر حصل في كثير من الدول كإجراء وقائي لاحتواء كورونا لا سيما أن السجون فيها أعداد كبيرة ويحصل فيها اختلاط دائم".
وشدد رئيس البلدية الّذي ينتمي لحزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد والمعزول من منصبه منذ ثلاثة أسابيع على أنه " حين كنت أمارس مهامي، كان عدد حالة الإصابات بفيروس كورونا في باطمان 4، لكن بعد عزلي من منصبي، بلغ عدد المصابين أكثر من 50 شخصا. كما توقّفت التحاليل التي تكشف هذا الفيروس وكنا في البلدية قبل ذلك طلبنا من والي المدينة إغلاق الأسواق وأماكن التجمعات الأخرى، لكن هذا لم يحصل، فاقتراحات المسؤولين الأكراد مرفوضة في كل المجالات هنا".
ولفت إلى أن "بلدية باطمان لجأت لتطبيق إجراءات وقائية وباعتباري طبيبا، قدّمت لزملائي أمثلة عن الإجراءات التي لجأت عدّة دول لتطبيقها، لذلك قمنا بحملات لتنظيف الشوارع وتعقيمها في المدينة وتجهيز المستشفيات، لكن هذا الأمور لم تعد تحصل بعد عزلي".
وأكد أن "الوكلاء الّذين عينتهم وزارة الداخلية بعد عزلنا كرؤساء للبلديات، هدفهم الرئيسي هو سلب ونهب أموال البلديات كي يستخدمها حزبهم الحاكم بتمويل مشاريعه العسكرية في سوريا وليبيا، فهم يطردون مئات الموظفين ويعينون بدلاً منهم أشخاص من حزبهم. ومن ثم يقومون بتعيين موظفين شكليين بهدف الحصول على رواتبهم".
وبلغ عدد المصابين في تركيا أكثر من 61 ألفاً في حين تجاوز عدد الوفيات جراء فيروس كورونا نحو 4 آلاف حالة وفاة.
وتراجع وزير الداخلية التركي عن استقالته بعد ذلك بيومٍ واحد. واعتبر مراقبون الاستقالة نتيجة صراع الأجنحة داخل الحزب الحاكم بين صويلو وصهر أردوغان وزير المالية.
ويتهم أكاديميون أتراك حكومة بلادهم بإخفاء إرشادات المجلس العلمي لمكافحة كورونا ويعتقدون أن المجلس كان قد نصح الحكومة بفرض عزلٍ كامل في عموم البلاد قبل أسابيع.