رأى الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط، جيدو شتاينبرغ، في حوار مع شبكة "دويتشه فيله" الألمانية أنه يتعين على أوروبا والولايات المتحدة قبول قرار الحرب في سوريا، بينما لا يجب على تركيا بعد الآن أن تدعم "جبهة النصرة" الإرهابية (والتي بات اسمها "هيئة تحرير الشام") حتى لا تطول معاناة السوريين. ولام شتاينبرغ الأتراك، لأنهم رجّحوا كفة "جبهة النصرة" على حساب "الثوار السوريين".
وشتاينبرغ هو خبير في شؤون الشرق الأوسط في "مؤسسة العلوم والسياسة" SWP في برلين، وكان مستشاراً لدى رئاسة المستشارية الاتحادية. وقد أجرت شبكة "دويتشه فيله" الألمانية هذا الحوار معه.
• الجيش التركي قاتل قوات نظام بشار الأسد في إدلب لمدة أسبوع، ومن ثم وافق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 5 مارس/آذار مع حليف الأسد الرئيسي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على وقف إطلاق النار. هل لا يزال هذا مستمراً، وإلى متى سيبقى؟
• ما هو الدور الذي قد يلعبه انتشار فيروس كورونا في منطقة إدلب؟
شتاينبرغ: من المحتمل أن يؤدي وباء كورونا في سوريا إلى جعل المقاتلين في محافظة إدلب أكثر حذراً. مع ذلك، الوباء في حد ذاته لن يؤدي إلى نهاية القتال، ولن يؤثر على قوات نظام الأسد بشكل كبير. بالتالي، أكثر من سيتأثر هم اللاجئون في المخيمات.
• يعرف أردوغان أنه لا يستطيع إلا أن يبطئ هجوم الأسد وبوتين، بدون دعم من الغرب، لكنه لا يستطيع إيقافه بشكل دائم، هل على الناتو (حلف شمال الأطلسي) دعم أردوغان لحماية سكان إدلب؟
شتاينبرغ: الأوروبيون يتحملون مسؤولية إنسانية فقط، من خلال اتخاد تدابير للمساعدة. أما هذه الحرب الأهلية، فقد انتهت قبل سنوات. الناتو والاتحاد الأوروبي لا يريدان التدخل، وخاصة في ظل جائحة كورونا. نرى أيضاً أن تركيا، في السنوات الأخيرة، تروج للمتطرفين في سوريا، أو من يطلق عليهم في الوقت الحالي اسم "هيئة تحرير الشام" التي تحكم إدلب، وهي تتكوّن من عناصر من "جبهة النُصرة". لن يكون من الصواب أن يتدخل الغرب إلى جانب مثل هذه الجماعة، والمتمردون الآن يزيدون من معاناة الناس.
• ماذا تقصد عندما تقول إن المتمردين هم مسؤولون عن معاناة السكان تماماً كالأسد، الذي يقصف السكان والمستشفيات في إدلب منذ أبريل/نيسان 2019؟
شتاينبرغ: "هيئة تحرير الشام" هي منظمة إرهابية مدرجة في قائمة الإرهاب في العديد من البلدان، بما في ذلك ألمانيا، لسبب وجيه. إن محاولة المتمردين السيطرة على إدلب ودعمهم من تركيا تتسبب في إطالة معاناة الناس. بالطبع، نظام الأسد هو المسؤول الأول عن اندلاع الحرب الأهلية، والنظام مسؤول أيضاً عن غالبية الضحايا وعن جرائم الحرب الوحشية. ومع ذلك لم يعد من الممكن كسب هذا الصراع.
في الأيام الأولى من الحرب، أظهر الجيش السوري الحر كيف يجب التصرف في مثل هذه المواقف، أي أنه في ذلك الوقت، عندما سار نظام الأسد في منطقة حمص إلى أماكنهم (أي أماكن الجيش السوري الحر)، كانت هناك مخاوف على الناس، فانسحب المتمردون حتى لا يصبح السكان المدنيون محور هجوم النظام. هذا هو مسار العمل المفترض اتباعه الآن. مع ذلك، لا يمكن توقع مثل هذه السياسة من تركيا وحلفائها.
• بالإضافة إلى "هيئة تحرير الشام" الإرهابية، يعيش العديد من المدنيين ومن المعارضين الديمقراطيين في إدلب، ومنهم من تمّ إجلاؤه إلى هذه المحافظة من مناطق أخرى. كيف يبدو مستقبلهم في عهد الأسد؟
شتاينبرغ: من الواضح تماماً أن الأسد سيسيطر على المحافظة، لذلك، فإن مسألة مستقبل المتمردين ستُطرح في كل الأحوال. أعتقد أن الحل الوحيد هو هروبهم إلى تركيا، التي تُعتبر مسؤولة عن انتصار المتطرفين الذين تدعمهم على الثوار السوريين منذ عام 2013. وبالتالي سيتعين على تركيا قبول هؤلاء واستقبال عدد متزايد من اللاجئين أيضاً. بغض النظر عن السيناريو المحتمل، لا يمكن منع موجة الهروب. سيهرب الناس إلى تركيا، والسؤال الوحيد هو ما إذا كانت تركيا ستفتح الحدود.
• يريد أردوغان منع سقوط إدلب بيد نظام الأسد بأي ثمن، لماذا يتمسك بها؟
شتاينبرغ: منذ عام 2015 كانت هناك أولوية جديدة في السياسة التركية تجاه سوريا. هدف تركيا قمع فرع حزب العمال الكردستاني هناك، أي "وحدات حماية الشعب" التي لها هيكل يشبه الدولة. ولا تزال حكومة أردوغان تحاول دعم المتمردين، ليس من أجلهم بل من أجل السيطرة وتحقيق سياستها في سوريا، ومن أجل المشاركة في أي تسوية سياسية في سوريا. هذه السياسة، وعلى الرغم من أن الحرب الأهلية حُسمت، هي السبب وراء كارثة إدلب، والتي ستزداد سوءً مع وباء كورونا في البلاد. يمكن لتركيا أن تجعل المتمردين يتوقفون عن قتال نظام الأسد، لكنها لا تريد ذلك، والهدف هو إنقاذ بقايا سياستها تجاه سوريا، لكن تركيا ستخسر هذا الصراع.
• أشار وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو بالفعل إلى أنه سيتم تسليم المناطق الواقعة جنوب الطريق السريع M4، والتي يسيطر عليها المتمردون حالياً، إلى روسيا، وستبقى منطقة صغيرة ستظل تسيطر عليها الجماعات المتحالفة مع تركيا، ما مدى واقعية هذه الخطوة؟
شتاينبرغ: نظام الأسد مصمم على استعادة كل أجزاء البلاد. قد يستغرق الأمر بعض الوقت، لكن سوريا ومؤيديها الروس والإيرانيين مصممون، ولا يوجد حل آخر. وتحاول تركيا مواصلة السيطرة على أي منطقة في شمال إدلب، لاستخدامها في المفاوضات.