الرياض 12 شعبان 1441 هـ الموافق 05 إبريل 2020 م واس وتزخر مناطق المملكة بعدد كبير من نوادر المخطوطات العربية ونفائسها على اختلاف مناطقها وتنوعها، فمن أهم حاضرتين تاريخيتين بها وهما مكة المكرمة والمدينة النبوية قصدها العلماء ومعهم الكتب المختلفة التي يغلب عليها الكتابة باللغة العربية، لتنشأ في وقت مبكر المكتبات التي تميزت بحسن التنظيم وتنوع المصادر، وفي شرق الجزيرة العربية حيث احتضنت واحات الأحساء جملة من العلوم الفقيه والآداب ليتشكل مع هذه الحالة نواة جاذبة للعلم ومخطوطاته، وفي الجنوب في عسير وجازان والباحة ونجران يجد الباحث أن هناك اهتمامًا كبيرًا بالمخطوطات بسبب وجود كثير من بيوتات العلم العريقة. أما في وسط الجزيرة العربية فقد بدأ الاهتمام بالتدوين والتعليم ومعه ظهر الاهتمام بالمخطوطات وحفظها مع ظهور الدولة السعودية في القرن الثاني عشر الهجري، وبهذا صارت المملكة مستودعًا للمخطوطات العربية حيث إن العنصر العربي وثقافته هو السائد على تاريخ وجغرافية الوطن. ولأهمية رصد تاريخ المملكة والجزيرة العربية وبلاد العرب والإسلام بشكل عام وتوثيقه والمحافظة على مصادره وجمعها، وهي المهمة الملقاة على عاتق دارة الملك عبدالعزيز عند إنشائها، فقد أولت " الدارة " قصارى جهدها ولأكثر من تسعة وأربعين عامًا على الاعتناء بجانب المخطوطات ضمن برنامجها الإستراتيجي لخدمة مصادر تاريخ المملكة فأنشأت أولاً مركز الوثائق والمخطوطات، وكانت من بواكير أعماله الحصول على صور لمخطوطات تملكها شركة أرامكو السعودية وذلك في عام 1393هـ، وقام المركز ببذل جهوده المستمرة لأجل الحصول على المزيد من تلك المخطوطات سواءً كانت أصلية أو مصورة، مما شكل لها قاعدة علمية تزداد رسوخًا مع الوقت. ومن أفق أوسع بعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - رئاسة مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز - أمير منطقة الرياض حينها- لقيت الدارة كبير اهتمامه وعنايته، لكي تقوم بدورها المنشود في خدمة التراث المحلي والعربي والإرث الثقافي والتاريخي من خلال حصر مصادره وحفظها وتتبعها والاستفادة منها، لذا قامت بمضاعفة جهودها في هذا المضمار، فابتداءً من عام 1416هـ أطلقت الدارة مشروع (مسح المصادر التاريخية)، حيث شكلت فرقاً ميدانية جابت جميع مناطق المملكة، وكان من ضمن مهامها الحصول على أصول أو صور أو معلومات عن المخطوطات في كل منطقة، وإعداد قاعدة معلومات تشمل المهتمين بجمع وحفظ ودراسة المخطوطات، كما عملت من خلال مركز الملك سلمان للترميم والمحافظة على المواد التاريخية على تعقيم المخطوطات وترميمها وتصويرها وإعادتها إلى أصحابها، وذلك المركز يقوم على مساحة (900) متر مربع في مبنى الدارة القديم بحي المعذر مختص بالتعقيم والترميم والتجليد والتصوير الميكروفيلمي والإلكتروني، بالإضافة إلى سيارة متنقلة للتعقيم. ولأن كثيراً من المخطوطات وقف لا يجوز التصرف فيه أو نقله من مكانه، فقد عرضت الدارة الأمر على اللجنة الدائمة للإفتاء لتصدر فتوى بجواز نقل المخطوطات الموقوفة إلى خزانة الدارة بهدف تعقيم تلك المخطوطات وترميمها والمحافظة عليها في بيئة صالحة، وهذا يتوافق مع مقاصد صاحب الوقف ورأت اللجنة أن نقلها لهذا الغرض ليس فيه مخالفة لنص الواقف، وهذا ما أتاح المجال رحبًا للدارة للتوسع في خدمة المخطوطات، حتى خصصت قسمًا خاصًا بالمخطوطات في عام 1423هـ يضم قاعة مزودة بوسائل السلامة والحفظ، وكذلك قاعة للفهرسة مزودة بالكتب والمراجع مع تطبيق دورة عمل متكاملة في التعامل مع المخطوط، بالإضافة إلى قاعة متخصصة في المخطوطات للعناية بها من جهة الحصر والتعقيم والفهرسة والتصوير والحفظ، كما زودت القسم بفريق من الموظفين المتخصصين في دراسة المخطوطات داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، لتكون حصيلة تلك الجهود تمكن الدارة من جمع أكثر من (5000) مخطوط، وإعادة عرضها ليستفيد منها الدارسون والباحثون بشكل يتماشى مع تقنية العصر، لتوسِّع بذلك الأفق للمزيد من التصنيف والتأليف الذي سيثري المكتبة العربية. ومن مظاهر اهتمام الدارة بالمخطوطات إقامتها معرضًا متخصصًا لتراث المملكة العربية السعودية المخطوط، صاحبه عدد من الأنشطة الثقافية، وعدد من الإصدارات منها سِفْرٌ ضخم بعنوان (نوادر المخطوطات السعودية نماذج من المخطوطات المحفوظة بدارة الملك عبدالعزيز) المجموعة الأولى، فقد تم انتقاء النوادر المخطوطة من أكثر من ستين مكتبة مشتركة في المعرض، وبلغ عدد المخطوطات التي فيها أكثر من ثلاثة آلاف مخطوط، يحوي كثير منها الصبغة المحلية، وقد رتب الكتاب أبجدياً على المكتبات المحلية المشاركة في المعرض. // انتهى //13:51ت م 0077