يواصل فيروس كورونا المستجد انتشاره في تركيا وسط قلقٍ شعبي متزايد مع ارتفاع أعداد المصابين خاصة في مدينة إسطنبول التي تعد من كبرى مدن البلاد والبؤرة الرئيسية التي تتوزع فيها أكثر من نصف الإصابات.
وانتقدت مسؤولة بارزة في حزب "الشعب الجمهوري" وهو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، التدابير الوقائية التي لجأت إليها الحكومة التي يقودها حزب "العدالة والتنمية" الحاكم والذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقالت غوُكتشة غوُكتشن (G?kçe G?kçen) وهي نائبة رئيس حزب "الشعب الجمهوري" كمال كليتشدار أوغلو لشؤون حقوق الإنسان: "أصدرنا حزمة من التوصيات للحكومة للحدّ من انتشار الفيروس كالحفاظ على مسافةٍ بين الأشخاص خلال اللقاءات الضرورية والبقاء في المنازل، لكن من المستحيل تطبيقها وحماية مواطنينا طالما أنهم مضطّرين للذهاب إلى العمل بشكلٍ يومي".
"الحكومة منعت جمع التبرعات للمحتاجين"
إلى ذلك، أضافت المسؤولة التركية في مقابلة مع العربية.نت: "كان على الحكومة اتخاذ تدابير لمنع الفقر والبطالة بين الناس، لكنها لم تفعل ذلك، لذا قررنا أن نبذل كلّ جهودنا للحفاظ على سلامتهم من خلال بلدياتنا عبر توزيع المساعدات التي تلبي احتياجاتهم الأساسية وأيضاً تقديم الأموال إلى بعض المحتاجين منهم لضمان بقائهم في بيوتهم".
وتابعت "لذلك أطلقنا حملة تبرعات لتقديم هذه المساعدات بشكلٍ عاجل وقانون البلديات والتبرعات السائدَين في البلاد يسمحان بذلك".
كما أكدت أن "الكثير من الناس تبرّعوا لبلدياتنا البالغ عددها 11 بلدية مع انطلاق الحملة قبل أيام، لكن وزارة الداخلية أصدرت قراراً يُرغم البنوك على إغلاق الحسابات المصرفية والتي تم إنشاؤها لهذا الغرض وبقيت الأموال التي كان من المفترض أن تنفق على المحتاجين في تلك الحسابات المحظورة".
وأبدت المسؤولة التركية غضبها من هذا القرار الصادر يوم الأربعاء الماضي، الذي بموجبه أُجبرت البنوك على إغلاق حسابات التبرعات التي تعود ملكيتها لبلديات حزب "الشعب الجمهوري" المُعارض.
"نظام الرجل الواحد"
وقالت في هذا الصدد "لا يبدو هذا القرار صادماً بعد كلّ ما رأيناه من نظام الرجل الواحد ولكن من المحرج أن نرى البنك المركزي التركي يتبرع بـ 100 مليون ليرة تركية لحملة الرئاسة ولكن في الوقت نفسه يقوم بحظر التبرعات وحسابات البلديات التي تعود لحزبنا في هذا الوقت الصعب".
كما أكدت أن "أي تبرعاتٍ مهما كانت أهدافها إنسانية تعتبر غير قانونية طالما يتم تنظيمها من قبل حزبنا المُعارض".
ورفض أردوغان حملة التبرعات هذه بشدّة وقال إنه "لا يمكن القبول بدولة ضمن دولة" في حين أن البلديات التي أرغمت الحكومة البنوك على إغلاق حساباتها المصرفية رفعت دعوى قضائية احتجاجاً على قرار وزارة الداخلية.
واعتبرت المسؤولة المعارضة أن "الوقت الحالي لا يسمح بالعثور على الأعذار وعلينا منح الأولوية لمساعدة الفقراء والمحتاجين وإذا لم يصحح القضاء التركي قرار الداخلية الّذي منعنا من جمع التبرعات، فهذا يعني أن الحكومة لم تتعلم بعد من الدرس الانتخابي العام الماضي حين أصرت على إعادة الانتخابات في اسطنبول وفاز فيها مرشحنا مرة ثانية".
"أوقات عصيبة"
إلى ذلك، حذرت من أن "تركيا قد تشهد أوقاتاً أكثر صعوبة طالما أن الحكومة تصرّ على عدم اتخاذ إجراءاتٍ صارمة وطالما أن الرئاسة لا تأخذ نصائح المجلس العلمي لمكافحة فيروس كورونا على محمل الجدّ".
كما اتهمت وزير الصحة التركي فخر الدين كوجا بالتهرب من الإجابة على أسئلة الصحافيين خلال مؤتمراته والمتعلقة بفرض حظر التجوّل في عموم البلاد وهي من النصائح المقدّمة له من قبل المجلس العلمي التابع لوزارته.
ولفتت إلى أن "هناك عددا كبيرا من العاملين الّذين يضطرون إلى مزاولة مهنهم لا سيما وأن الحكومة لا تقدم أي بديل لهم كالمساعدات العينية أو تخصيص دخلٍ مؤقتٍ لهم، وهؤلاء يعملون دون أي ضماناتٍ صحية تمنع انتقال عدوى فيروس كورونا إليهم".
إلى ذلك، أشارت إلى أن "الّذين التزموا بالحجر الاختياري هم فقط الّذين يملكون المال وهذا يعني أن القرارات الصادرة من جانب الحكومة غير أخلاقية بحق المواطنين، فهي تحمي الطبقات الوسطى والأغنياء وتترك الطبقة العاملة دون حماية من الفيروس".
يذكر أنه في تركيا، تتوزع البلديات بين الحزب الحاكم الّذي يقوده أردوغان مع حليفه في "حزب الحركة القومية" وأحزاب المعارضة.
ويسيطر الحزب الحاكم على نحو نصف كبرى بلديات البلاد خاصة بعدما عيّن وكلاءٍ من الموالين له عوضاً عن الرؤساء المنتخبين والّذين ينحدرون من حزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد في أكثر من 30 بلدية.
وأعلنت وزارة الصحة في تركيا يوم أمس عن ارتفاع العدد الإجمالي للوفيات في البلاد نتيجة فيروس كورونا إلى 356 شخصاً خلال آخر 24 ساعة بعد تسجيل 79 حالة وفاة جديدة. كما أكدت الوزارة في بيان أمس الخميس، ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا إلى 18135 في عموم تركيا بعد تسجيل 2456 إصابة جديدة.