في بداية الوباء، لم يكن من المفهوم جيدًا كيف يمكن أن يكون فيروس كورونا المستجد معديًا. أما الآن يعرف الباحثون أن أولئك الذين يعانون من أعراض خفيفة، ويطلب منهم البقاء في المنزل، يخاطرون بنقل الفيروس إلى أفراد الأسرة، ونقله إلى الآخرين خارج منازلهم حيث لا يزال الحجر جزئياً.
وبحسب نصيحة خبراء صينيين سافروا إلى أوروبا لتقديم المشورة، على إيطاليا التحول إلى الحجر الصحي الجماعي حتى للذين يعانون من أعراض خفيفة بدلاً من السماح لهم بالعزل في بيوتهم.
وبالفعل بدأت مدينة ميلان الإيطالية في حجز الفنادق للمرضى الذين يعانون من أعراض خفيفة. وستكون الأولى التي تحتوي على 306 غرف جاهزة هذا الأسبوع وسيتم تخصيصها لعزل المرضى عن أسرهم أثناء الحجر الصحي.
ويروي رئيس قسم الجهاز التنفسي بمستشفى غرب الصين بجامعة سيتشوان، أن الأطباء في ووهان ارتكبوا نفس الخطأ في وقت مبكر من تفشي المرض، وبينما تم إدخال فقط المرضى المصابين بأمراض خطيرة إلى المستشفيات، أوصى الأطباء في ذلك الوقت بأن يكتفي أولئك الذين يعانون من أعراض خفيفة بعزل أنفسهم في المنزل وذلك لتقليل الضغط على المستشفيات المثقل في ووهان.
الخطر داخل المنازل
وقال مايك رايان، رئيس قسم الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية: "بسبب الحجر فإن معظم حالات انتقال العدوى التي تحدث بالفعل في العديد من البلدان وقعت داخل الأسرة". وأضاف: "الآن نحن بحاجة للذهاب والبحث بين العائلات والعثور على الأشخاص الذين قد يكونون مرضى وعزلهم بطريقة آمنة وكريمة".
وأكد الأطباء أن الحجر الصحي الإيطالي في المنزل يكرر خطأ الصين. وذكرت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية يوم الاثنين أن حملة القمع ضد الأشخاص الذين ينتهكون قواعد الإغلاق كشفت عن حوالي 50 حالة مؤكدة كانوا في الشوارع بدلاً من البقاء في المنزل.
وفي أوائل فبراير/شباط خصصت مدينة ووهان الصينية، بؤرة كورونا، الحجر الصحي لجميع الحالات المعتدلة في المستشفيات المؤقتة التي تم تحويلها من مكاتب وملاعب وقاعات رياضية، وهي خطوة ساعدت على إبطاء انتشار الفيروس بشكل كبير. ونجحت المدينة التي ظهر فيها الفيروس لأول مرة في ديسمبر/كانون الأول الماضي في احتواء تفشي المرض بنجاح، وفقًا للأرقام الرسمية التي تظهر القليل من الإصابات الجديدة حتى مع تسارع الوباء في البلدان الأخرى.
ونصح فريق الخبراء الصيني، إيطاليا باتباع خطوات بكين في عزل المرضى الذين يعانون من أعراض خفيفة عن أسرهم. في الصين، أظهرت دراسة أجريت على إحدى المقاطعات أن 80% من الإصابات العنقودية نقلها الأشخاص الذين أُمروا بالراحة في منازلهم، وفقًا لشياو نينغ، الباحث من المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها والذي كان جزءًا من الفريق.
وأوضح الباحث الصيني نينغ أن العائلات الايطالية عموما تعيش في شقق أكثر اتساعا من سكان ووهان. ومع ذلك، هناك أدلة متزايدة على أن عائلات بأكملها تصاب بالعدوى من شخص مريض في وسطها، على الرغم من محاولات عزل المصابين في غرف منفصلة.
وارتفع عدد ضحايا الفيروس التاجي في إيطاليا إلى أكثر من 11000 شخص، وهو الأعلى في العالم. ويبلغ معدل الوفيات أكثر من الضعف في الصين على الرغم من ظهور تساؤلات حول ما إذا كانت الأرقام الرسمية في الصين تعبر بالفعل عن الحقيقة.
وأعلن رئيس لجنة الطوارئ الإيطالية أن عدد الحالات في البلاد يمكن أن يكون 10 أضعاف العدد الرسمي، الأمر الذي سيجعل معدل الوفيات في البلاد متماشيا مع الحالات الأخرى.
وفيات مجهولة
وأفاد الباحث الصيني نينغ أن ارتفاع عدد الوفيات يرجع بشكل رئيسي إلى كبار السن في إيطاليا. وذكر أن الكثيرين لم يسعوا للحصول على رعاية طبية بعد أن ثبتت إصابتهم بالفيروس وتوفوا في المنزل. وفي الصين فإن العديد من الوفيات بالمرض لم يتم تسجيلها لأنها لم تدخل المستشفيات المكتظة في إقليم هوبي، والتي لم تستطع حتى اختبار أولئك الذين ظهرت عليهم أعراض مرض Covid-19.
وأشاد شياو بنظام الرعاية الصحية في إيطاليا، قائلاً إن المستشفيات تعتني جيدًا بمرضى الفيروس لكنها تعاني من نقص في معدات الحماية. وقال إنه في حين كانت المحاولات السابقة لإغلاق البلاد وإبقاء الناس على منازلهم متساهلة للغاية، فإن تحرك إيطاليا لإرسال الجيش للشرطة في الشوارع اعتبارًا من 22 مارس/آذار كان بمثابة نقطة تحول على الأرجح.
وأشار إلى أن إيطاليا "ربما وصلت إلى ذروتها بالفعل" بعد تلك الإجراءات الصارمة لفرض الإغلاق وتقييد تحركات الناس. إذا استمرت هذه الإجراءات، ستنخفض الإصابات الجديدة بشكل ملحوظ. يجب عزل الناس جسديا عن بعضهم بعضا. هذا يعني عدم التجمع على الإطلاق".
وتشهد الدول الغربية من الولايات المتحدة إلى إسبانيا الآن ما مرت به مدينة ووهان في وقت سابق، بما في ذلك النقص في مجموعات الاختبار، والندرة الشديدة للإمدادات الطبية والمستشفيات المنهكة. في إيطاليا، أصيب الأطباء بالمرض بينما كانوا يكافحون من أجل علاج المرضى، واضطر الأطباء الإسبان إلى اختيار من يتركون للموت بسبب المرض في مواجهة ندرة المعدات المنقذة للحياة مثل أجهزة التنفس الصناعي.