بقصد تمجيد النصر والطعن بالهلال على خلفية أوضاع الفريقين خلال العشر سنوات الأخيرة، تناقلت وسائل التقنية خلال الأسبوع الحالي رسالة تحمل أحداثا تاريخية رياضية كاذبة، مستغلين تقادم تلك الأحداث وزاعمين أن المنتخب بإنجازاته التاريخية كان قائما على لاعبي نادي النصر فقط، وأن إخفاقاته قائمة على لاعبي الهلال فقط، حيث تم التركيز على المنتخب السعودي الذي حقق كأس آسيا عام 84م في سنغافورة وبأنه ضم 8 لاعبين نصراويين ، وغير ذلك من مدعيات تفيد بان تدهور المنتخب حاليا لم يكن إلا بسبب تراجع النصر وبروز الهلال.
الموضوع ليس دفاعا عن لاعبي نادٍ معين أو مهاجمة لاعبي النادي الآخر، بقدر ما يكون تصحيحاً لأكاذيب يتم الترويج لها بشكل واسع، ولا أعلم لماذا تتدنى الثقة لهذه الدرجة بمحبي نادي النصر، ولا أعلم أيضا لماذا لا يقال الحدث كما شاهدناه وعلم به الجميع؟ لأن الحقيقة التي تسندها الوثائق تقول بأن منتخب المملكة الذي حقق كأس آسيا عام 1984م شكل لاعبو الهلال الغالبية بما فيهم الأساسيين، حيث ضم المنتخب عدد 5 لاعبين هلاليين وهم صالح النعيمة وحسين البيشي وفهد المصيبيح كأساسيين، وعادل عبدالرحيم وخالد الغانم احتياطيين، بينما ضم من النصر فقط ثلاثة لاعبين هم ماجد عبدالله ومحيسن الجمعان كأساسيين فقط والثالث الكابتن يوسف خميس احتياط فمن أين لذلك المنتخب بثمانية لاعبين نصراويين؟ ومن أتى بهذه المعلومة الكوارثية؟
التشكيلة الأساسية الكاملة لمنتخب 84 ضمت عبدالله الدعيع كحارس ورباعي دفاع مكون من النعيمة والبيشي وناصر المنصور ومحمد عبدالجواد، وفي الوسط صالح خليفة وفهد المصيبيح ويحي عامر، أما الهجوم فتكوّن من شايع النفيسة وماجد عبدالله ومحيسن الجمعان، فهل توجد تشكيلة لا نعلم بها ولم يشاهدها أحد غير من روج لتلك المعلومة الكاذبة؟ أم أن هناك لاعبين نصراويين يرتدون طاقية الإخفاء ولم يشاهدهم أحد؟
إن الزعم بأن منتخب 84 ضم 8 لاعبين نصراويين غير صحيحة على الإطلاق ، والمعلومة أعلاه توضح حقيقة عدد لاعبي النصر والهلال الذين ضمهم ذلك المنتخب وحقق بهم وبلاعبي الأندية الأخرى الانجاز الآسيوي الأولى .
إن منتخب 84 لم يمض عليه إلا ربع قرن ، ومبارياته موثقة توثيقا كاملا ، بل وحاضرة في ذهن الرياضيين الذين تعايشوا مع تلك الفترة، وتزويرها بإشاعات كاذبة ومغرضة لا طائل من ورائها سوى جذب الرياضيين إلى تراشقات تحقيقاً لأهداف ومآرب تحرف المجتمع الرياضي عن أهدافه ومقاصده بخلق بلبلة ما بين نفي وإثبات ستكون نهايتها مجرد تأكيد لكذب المعلومة التي تم الترويج لها والضحية المنتخب ، كما أنه يجبرنا على الرجوع للتاريخ الرياضي الموثق، ومعرفة متى مثل المنتخب لاعبون غالبيتهم من النصر وماهي نتائج تلك المنتخبات طالما الزعم بأن إنجازات المنتخب ارتبطت بلاعبي النصر فقط دون غيرهم وفي ذلك تجني واضح وصريح على الحقيقة .
التاريخ الموثق والصحيح يسجل بأن النادي الذي يتألق محليا في فترة معينة يشكل لاعبوه غالبية لاعبي المنتخب وهذا أمر طبيعي، فالنصر مثلا من المعلوم انه تألق على مستوى الأندية خلال الفترة من عام 1974م إلى عام 1982م وكان إما بطلا او وصيفا وهذي حقيقة لا جدال فيها لأنها موثقة، وبالفعل في تلك المرحلة شكل لاعبوه أغلبية لاعبي المنتخب، ولنبدأ من دورة الخليج الثالثة عام 74 فقد ضم 6 لاعبين نصراويين هم (مبروك التركي ، ناصر الجوهر ، محمد الهديان ، يعقوب مرسال ، محمد سعد العبدلي ، خالد التركي ) وخسر المنتخب نهائي كأس الخليج بنتيجة 4/0 أمام الكويت.
أما منتخب دورة الخليج الرابعة بقطر والذي يعد أسوء منتخب مثلنا في تاريخ منتخباتنا فقد ضم 9 لاعبين نصراويين هم (مبروك التركي ، مروان ، توفيق المقرن ، سعد السدحان ، خالد التركي ، يعقوب مرسال ، فهد بن دحم ، إبراهيم الحمود ، فايز البيشي ) وحقق المنتخب أسوء نتائج في تاريخه وفي في تاريخ دورات الخليج باحتلاله المركز الخامس من بين سبع منتخبات وخسر بأكبر نتيجة في مشاركاتنا بتلك البطولة الإقليمية أمام العراق بنتيجة 7/1 .
أما منتخب تصفيات كاس العالم عام 1982م فقد ضم عدد 7 لاعبين من النصر (مبروك التركي ، مروان ، هاشم سرور ، يوسف خميس ، ماجد عبدالله ، عبدالله عبدربه ، درويش سعيد ) حقق المنتخب المركز الاخير في التصفيات وبرصيد نقطة واحده فقط من 6 مباريات ذهابا وإيابا مع الكويت والصين ونيوزيلندا وقد ختم منتخبنا مبارياته بهزيمة قوامها 5/0 مع المنتخب المغمور نيوزيلندا وفي ملعب الملز.
أما المنتخب الذي مثلنا في تصفيات التأهل للألعاب الأولمبية بسيئول عام 1988م فقد أقيمت مباريات مجموعتنا مع الكويت والعراق والبحرين وضم المنتخب 8 لاعبين نصراويين هم (سالم مروان، نواف مبارك، رياض الاحمري ، توفيق المقرن، صالح المطلق ، فهد الهريفي ، ماجد عبدالله ، محيسن الجمعان ) حيث احتل المنتخب السعودي المركز الأخير في تلك المجموعة وفشل حتى في المنافسة على التأهل .
ما سبق ومن خلال الوثائق يمثل المراحل التي مر بها المنتخب وشكل لاعبو النصر أغلبية لاعبيه، ولا توجد فترات أخرى غير ذلك شكل فيها لاعبو النصر غالبية لاعبي المنتخب، وبالتالي فإن إشاعة مثل الرسالة التي تناقلتها وسائل التقنية لا تفيد إلا في كونها تؤكد بأن وسطنا الرياضي مُبتلى بمن يزيف كثيرا من الأحداث الرياضية ثم يروجها بقصد وضع إنجازات وهمية ليس لها وجود.