كان إعلان الـخطوط السـعودية تكبُّـدَها خسـائر ضـخمة مجـالاً للحـديث مع بعض الأصـدقاء، ومنهـم رجال أعمال. فكرت في حملة تبرعات للخطوط العزيزة، نظرت للأمر من زاوية الحاجة، وعملاً بالمثل القائل «خشمك خشمك ولو كان… مقلع!».
قارنت بين تحمُّل الواحد منا سائقَه الخاص-على رغم ما قد يصدر منه من سوء خدمة- وبين الخطوط، مع ذلك ندفع له، وبعض منا يقدم السلف على الراتب! قمت بقسمة مبلغ الخسارة المحققة 1.7 بليون ريال على عدد السكان السعوديين، واستثنيت المقيمين فلا علاقة لهم، ثم تراجعت، لأني لم أعرف عدد الفقراء بالضبط. للمرة الثانية يعلن وزير التخطيط القضاء على الفقر المدقع، قضوا عليه مرتين، مرة في عهد وزير التخطيط السابق، ثم عادوا للقضاء عليه في عهد الوزير الحالي! تعاطفت مع هذا «المدقع»، وصرت أقرأه بالفاء بدلاً من القاف! ليتهم قضوا على الفساد والتنفع والتنفيع، مثلما قالوا إنه تمّ القضاء على «المدقع» مرتين.
أخرجني أحد الأصدقاء من هواجسي، وأعادني لخسائر الخطوط السعودية، وقال إنه قبل عامين كان في مطار المدينة المنورة عائداً إلى الرياض، أبرز بطاقة الدرجة الأولى للانتظار في الصالة المخصصة، لكـن الموظـف منعه من الـدخول بـحجة أن الـصالة في عهـدة «متـعـهد» مـوقـتاً، ولا بـد من دفـع 150 ريـالاً للشـخص الـواحد للتمتع بالصالة «الفخيمة»، فدفع صاحبنا 300 ريال عنه وعن ابنه، وبعد عامين – قبل أيام- عاش الموقف نفسه في مطار المدينة المنورة، ودفع 150 ريالاً للشخص للدخول إلى صالة الدرجة الأولى، ما زال «الموقت» دائماً!، وليست هناك «خطوط» في العالم تجبر راكب الدرجة الأولى على دفع مال لدخول «ربعة» اسمها صالة الدرجة الأولى!
البعرة تدل على البعير، وفي هذا النموذج البسيط جداً جداً، إعلامٌ عن حال إدارة الخطوط السعودية، التي وضعت سبباً وحيداً لخسائرها، وهو «تدني» أسعار التذاكر الداخلية! ما نحتاجه هو عرض أرقام الخطوط وموازناتها على مراجع من طراز رفيع محترف، يغوص في التفاصيل ليخبرنا عن من… أو ما هي أسباب خسائر الخطوط؟
…. عبدالعزيز بن أحمد السويد