وذلك أنه كان فيها رجل من " الزرعة " وكان ذا دين وصدقة ، واتفق أنه بنى مسجداً يصلي فيه ، وجعل يأتي ذلك المسجد كل ليلة بالسراج ، وبعشائه ، فإن وجد في المسجد من يتصدق عليه أعطاه ذلك العشاء وإلاَّ أكله وصلى صلاته ، واستمر على ذلك الحال ، ثم إنها اتفقت شدة ونضب ماء الآبار ، وكانت له بئر ، فلما قلَّ ماؤها أخذ يحتفرها هو وأولاده ، فخربت تلك البئر والرجل في أسفلها خراباً عظيماً حتى أنه سقط ما حولها من الأرض إليها ، فأيس منه أولاده ولم يحفروا له وقالوا : قد صار هذا قبره ، وكان ذلك الرجل عند خراب البئر في كهف فيها ، فوقعت إلى بابه خشبة منعت الحجارة من أن تصيبه ، فأقام في ظلمة عظيمة ، ثم إنه بعد ذلك جاءه السراج الذي كان يحمله إلى المسجد ، وذلك الطعام الذي كان يحمله كل ليلة وكان به يفرِّق ما بين الليل والنهار ، واستمر له ذلك مدة ست سنين والرجل مقيم في ذلك المكان على تلك الحال ، ثم إنه بدا لأولده أن يحفروا البئر لإعادة عمارتها فحفروها حتى انتهوا إلى أسفلها، فوجدوا أباهم حياً فسألوه عن حاله ، فقال لهم : السراج والطعام الذي كنت أحمل إلى المسجد يأتيني على ما كنت أحمله تلك المدة !!
فعجبوا من ذلك ، فصارت قضية موعظة يتعظ بها الناس في أسواق تلك البلدة ".
تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة
وقع لأمرأة من جماعة النخاولة كانت تسير في طريق بضواحي قباء فانخسف تحتها " دبل " وهو مجرى الماء في قناة تحت الأرض ، فسقطت ، وسحبها الماء إلى جانبه ، وأمسكت بحجر وجلست عليه ، ومكثت أربعة أيام ، ومرَّ شخص في ذلك المكان ، فسمع صوتاً فنزل وأخرجها ، ثم سألها أهلها كيف كنت تعيشين ؟ فقالت : إن " طاسة" الحليب التي كنتُ أعطيها للعجائز كانت تأتيني كل يوم ، وكانت هذه المرأة عندها غنم ، ولها جيران نسوة عجائز ، فكانت تعطيهم " طاسة " حليب من غنمها .