وقالت "د.سلمى بنت صالح السبيعي" -مختصة في الإرشاد النفسي-: "تتمثل اضطرابات النوم في مجموعة من الاضطرابات الإكلينيكية، بعضها له أساس عضوي والبعض الآخر له أساس نفسي غير عضوي، وكثير من الحالات يكون اضطراب النوم واحداً من أعراض أي اضطراب آخر سواء كان اضطراباً عقلياً أو بدنياً، ولتحديد ما إذا كان اضطراب النوم لدى مريض بعينه هو حالة أولية مستقلة وليست ثانوية أو أنه يحدث نتيجة اضطراب آخر يجب الاستناد إلى الصورة الاكلينيكية لاضطرابات النوم"، مشيرةً إلى أنّها حالة يُصاب بها الفرد عادة في مراحل طفولته، وتمتد معه حتى مراحل المراهقة والرشد، ويحدث فيها عدم اكتفاء كمي أو كيفي من النوم، وقد تتفاقم أعراض مثل هذه الحالات فيلجأ بعض المرضى إلى استخدام "المنومات" حتى يمكنهم الاستغراق في النوم، ولذلك تنتشر الشكوى بين هؤلاء المرضى من صعوبة السكون إلى النوم والاستمرار فيه، وصعوبة الاستيقاظ المبكر أيضاً.
أرق غير عضوي
وأضافت أنّ أعراض الأرق غير العضوي تكون نتيجة أحداث ضاغطة أو ذات تأثير سلبي على الفرد أو على المحيطين به، حيث ينتشر اضطراب الأرق غير العضوي بين الإناث أكثر من الذكور، كما ينتشر بين كبار السن والأطفال والمراهقين، خاصةً ممن لهم تاريخ مرضي سابق من الاضطرابات النفسية، وتتكرر الاضطرابات أو العلامات الخاصة بصعوبة النوم ثلاث مرات على الأقل خلال الأسبوع الواحد، وذلك عبر فترة زمنية لا تقل عن شهر، موضحة أنّ هذه الأعراض تكون أولية غير ناتجة عن أي اصابات عضوية أو تعاطي أي عقاقير نفسية أو مواد مخدرة، معتبرةً فرط النوم غير العضوي حالة من النعاس الشديد خلال النهار مع فترات من النوم أو استغراق فترة طويلة للانتقال إلى حالة اليقظة الكاملة عند الاستيقاظ، وذلك في غياب أي عوامل عضوية، وغالباً ما تكون هذه الحالة مصحوبة باضطرابات عقلية، وكثيراً ما تكون في الواقع عرضاً مرضياً لاضطراب وجداني ثنائي القطب، خاصةً أثناء نوبة الاكتئاب أو عرضاً مرضياً لحالة متكررة من الاكتئاب النفسي الجسيم، ويحاول بعض المرضى إيجاد ترابط بين ميلهم إلى النوم في أوقات غير مناسبة وبين خبرات سلبية لا توافقية معينة حدثت لهم أثناء اليوم.
وأشارت إلى ضرورة أن تتوافر عدة مظاهر متكررة كل يوم تقريباً وعلى مدى شهر على الأقل، وهذه المظاهر منها نوبات من النوم المستمر تبدأ في صورة نعاس شديد أو نوبات أثناء النهار لا ترجع إلى عدم كفاية النوم أو الحرمان من النوم، واستغراق فترة زمنية طويلة للانتقال إلى حالة اليقظة الكاملة عند الاستيقاظ من النوم، إلى جانب حدوث اضطراب النوم يومياً لمدة لا تقل عن شهر ولفترات متكررة أقصر طولاً، ويسبب اضطراباً شديداً قد يصل إلى حد التدهور في الأداء الاجتماعي أو الوظيفي، إضافة إلى غياب أي مظاهر أو أعراض عضوية ينتج عنها اضطراب فرط النوم، وغياب أي دليل على تعاطي أي مواد مخدرة كالمثبطات، أو أي عقاقير نفسية كالمنومات، إلى جانب عدم وجود أي حالات عصبية أو نفسية يمثل النعاس أثناء النهار أحد أعراضها.
تجول أثناء النوم
وأضافت أنّ اضطراب السير أو التجول أثناء النوم يمثّل حالة من تغيّر الوعي، تجتمع فيه مظاهر النوم والاستيقاظ في وقت واحد خلال نوبة التجول أثناء النوم، ويحدث هذا الاضطراب خلال الثلث الأول من النوم الليلي وتتسم هذه الحالة بمستوى منخفض من الادراك، والانتباه، والاستبصار بالأفعال السلوكية أو الحركية أثناء نوبة التجوال، كما يتبع هذه الحالة مستوى ملحوظ من فقدان الذاكرة الكلي التام لكافة الأحداث والأفعال التي حدثت خلال نوبة التجول، حيث توافق ذلك عدة مظاهر متكررة كل يوم تقريباً وعلى مدى شهر على الأقل منها نوبات متكررة من النهوض أثناء المراحل الأعمق من النوم والتجول لمدة عدة دقائق أو نصف ساعة تقريباً خلال الثلث الأول من النوم الليلي، وعدم وجود أي تعبير وجداني أو انفعالي على وجه المريض أثناء نوبة التجول، ولا يستجيب المريض أثناء نوبة التجول لأي منبهات خارجية، وأيضاً لا يستجيب لمحاولات الآخرين للتأثير عليه أو للتحدث معه، كما يتم استيقاظه بصعوبة شديدة، ولا يتذكر المريض عند استيقاظه أي شيء حدث له أثناء نوبة التجول.
صاحي ونايم..!
وأشارت إلى أنّ اضطراب النوم يؤثر على نفسية الطفل، فهو أساساً نتيجةً لعدم الشعور بالأمن الأسري، أو الحزن، أو أي اضطرابات انفعالية وجدانية، مبيّنةً أنّ كثيراً من الآباء والأمهات قد ينشغلون بأمورهم الشخصية، أو يعتمدون على الآخرين في متابعة لحظة استعداد أبنائهم الصغار للنوم؛ مما يجعلهم لا يبالون بأوقات نوم أطفالهم ولا تنظيمها، مشددةً على أهمية إدراكهم للمسؤولية الملقاة على عاتقهم والحرص على تعويد الطفل النوم في ساعة محددة ومبكرة، إلى جانب الحرص على نظافة الطفل وأن لا ينام وهو جائع، أو يشعر بالبرد أو الحر، وتهيئة مكان النوم، وبقاء الأم مع الطفل إلى أن ينام، ليشعر بالأمان، منوهةً بأنّ تحديد ساعات النوم لا يأتي فجأة، إنّما يجب أن تكون عادة للطفل، وذلك بتعويده النوم مبكراً والاستيقاظ مبكراً كبرنامج يومي منتظم، فينعكس ذلك ايجابياً على صحته وتركيزه، لافتةً إلى أنّ اضطراب النوم له أثره في التحصيل الدراسي والتركيز، وعلى علاقات الطفل وتوافقه النفسي والاجتماعي.