مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون قد يرفض الموافقة على الاتفاق
واشنطن - ا ف ب - د ب ا: أقر مجلس الشيوخ الأمريكي اتفاقا حول الضرائب يشكل مرحلة اولى لتجنب اجراءات التقشف القاسية «للهاوية المالية» لأول اقتصاد في العالم.
وتبنى المجلس بغالبية ساحقة بلغت 89 صوتا مقابل ثمانية اصوات، النص الذي تفاوض عليه البيت الابيض والجمهوريون الاعضاء في المجلس لساعات قبل ذلك. ويفترض ان يتبنى مجلس النواب الاتفاق قبل ان يوقعه الرئيس باراك اوباما ليدخل حيز التنفيذ.
لكن يفترض ان يحصل هذا النص على موافقة مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون قبل ان يوقعه الرئيس باراك اوباما ليدخل حيز التنفيذ.
ووعد رئيس مجلس النواب جون باينر بعرض النص على المجلس لكنه قد يواجه صعوبة في تمرير التسوية لدى الجمهوريين الذين يرفضون بشكل واضح اي زيادة في الضرائب.
واذا رفض المجلس النص، فسيكون البديل الاجراءات التي تفرضها «الهاوية المالية» من زيادة في الضرائب الى اقتطاعات كبيرة في الميزانية يمكن ان تطبق بشكل آلي اعتبارا من الاربعاء.
الموقف لا يبشر بخير
ويقول غابرييل تشاوليك من وكالة الأنباء الألمانية ان الموقف ككل لا يبشر بخير كثير مع بدء الفترة الرئاسية الثانية للرئيس أوباما.
فالاتفاق الذي تم التوصل اليه في الدقائق الأخيرة من العام الماضي لم يمنع دخول الولايات المتحدة رسميا ما يعرف باسم «حافة الهاوية المالية» ممثلة في حزمة زيادات في الضرائب وتخفيضات في الانفاق العام بقيمة اجمالية قدرها 600 مليار دولار يتم تطبيقها آليا مع بداية هذا العام مادام الكونغرس لم يصدر قانونا بديلا للقانون القائم.
ورغم ذلك فمازال أمام الكونغرس فترة سماح لعدة أيام يستطيع فيها التحرك قبل ظهور التداعيات الخطيرة لحزمة اجراءات حافة الهاوية المالية والتي يؤكد خبراء الاقتصاد ان تطبيقها يعني اعادة الأمريكي الى دائرة الركود مجددا.
ورغم اتفاق أغلب الأطراف على أنه سيتم تفادي «حافة الهاوية المالية» فانهم يؤكدون أيضا على الخسائر السياسية الناجمة عن فشل الادارة الأمريكية والكونغرس في التوصل الى اتفاق لانقاذ الاقتصاد الأمريكي من تداعيات الأزمة المالية على مدى الشهور الماضية.
وكانت الأيام الماضية تكرارا لسيناريو مشابه عاشته الولايات المتحدة منذ 18 شهرا عندما كانت الخزانة العامة على وشك الافلاس بسبب رفض الكونغرس زيادة سقف الدين العام الأمريكي بما يتيح استمرار اقتراض الحكومة لتمويل عجز الميزانية. ورغم التوصل الى اتفاق لتفادي العواقب الكارثية لحافة الهاوية المالية في الدقائق الأخيرة الاثنين فانه لم يتم تقديم حل جوهري للأزمة الحقيقية وهي الدين العام الأمريكي الذي يبلغ 16 تريليون دولار.
وعلى مدى نحو 500 يوم منذ موافقة الكونغرس على زيادة سقف الدين العام فشلت الادارة الأمريكية والسلطة التشريعية في التوصل الى حل «متوازن» على حد وصف أوباما يضمن الحد من عجز الميزانية ومعدل الدين العام وفي الوقت نفسه يحمي الاقتصاد المتعثر من تداعيات الاجراءات التقشفية الممثلة في زيادة الضرائب وخفض الانفاق العام.
والآن مرة ثانية تبدو واشنطن كما لو كانت ستتفادى بالكاد كارثة اقتصادية وللمرة الثانية فانه يتم ذلك من خلال المراوغة وتجنب التعامل مع المشكلة الضخمة لخفض الانفاق.
لوم الجمهوريين
وقال جو مانشين عضو مجلس الشيوخ الديموقراطي: «لا عذر لنا اطلاقا بعد ان وجدنا أنفسنا في هذا الموقف وفي هذا التوقيت».
من ناحيته قال على فيلشي المحلل الاقتصادي في شبكة (سي.ان.ان) الاخبارية ان الكونغرس أساء التصرف في التعامل مع هذه الأزمة بعد ان انخفضت شعبيته بالفعل الى أدنى مستوى لها على الاطلاق.
وعلق أحد المشاهدين من خلال موقع التدوينات الصغيرة «» بالقول: «لو تصرفت بهذه الصورة في عملي كنت سأفصل على الفور» في اشارة الى سخطه من أداء أعضاء الكونغرس.
وبالفعل فسوف يلقي اللوم في عدم التوصل الى اتفاق على الجمهوريين الذين يسيطرون على أغلبية مقاعد مجلس النواب لأنهم أصروا على ضرورة استمرار الاعفاءات الضريبية التي يتمتع بها الأغنياء مع خفض مخصصات الخدمات الاجتماعية للمسنين والفقراء.
في المقابل فان أوباما الذي يصر على ضرورة الغاء التخفيضات الضريبية التي يتمتع بها الأغنياء يرى ان فوزه بفترة رئاسة ثانية في الانتخابات التي أجريت في نوفمبر الماضي دليل على التأييد الشعبي لموقفه.
ولكن الرئيس الأمريكي اضطر الى تقديم تنازلات خلال الأسابيع الماضية أمام الجمهوريين الذين يسيطرون على مجلس النواب وهو ما يشير الى ان فترة رئاسة أوباما الثانية لن تكون سهلة.
وكانت المفاوضات التي جرت مساء الاثنين بين الادارة الأمريكية وزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل قد أسفرت عن اتفاق سيتم طرحه على المجلس للتصويت.
ووفقا للاتفاق سيتم الغاء الاعفاءات الضريبية لمن يزيد دخله عن 400 ألف دولار سنويا للأفراد و450 ألف دولار سنويا للأسر.
غير أنه لم يتم اتخاذ أي اجراء بشأن الحيلولة دون سريان خفض تلقائي في الانفاق بنسبة %10، ما يعادل انخفاضاً في النفقات قدره 110 مليارات دولار، وسبل تحقيق ذلك. وحذر خبراء اقتصاديون بالحكومة من ان اقتصاد البلاد سيعاني تقشفا بقيمة 600 مليار دولار من خلال رفع الضرائب وخفض الانفاق وقد يعود الى دائرة الركود من جديد.