أكد أن مناداة خادم الحرمين للعلماء بمعالجة قضايا الأمة تصب في مصلحتها
حوار - علي النقمي -
تصوير- عبدالغني بشير
أكد سماحة المفتي العام الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، في حوار لـ"الرسالة" أن مناداة خادم الحرمين للعلماء بمعالجة قضايا الأمة يصب في مصلحتها، كما أكد على لجنة شؤون الأسرة ستبحث قضية زواج القاصرات وتصدر رأيها قريبًا، كما أن مسائل الطلاق التي ترد على سماحته لا تعيقه عن أداء عمله مع الإشراف مباشرة على قسم الطلاق في الهيئة، وأن الذين ينالون من العلماء والمسؤولين عبر المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل ليسوا بناصحين بل من الفضيحة وإشاعة الفاحشة ونشر السوء بين المسلمين، كما أشار إلى أن تراجعات الفقهاء عن فتاواهم السابقة كانت بعد ظهور الدليل لهم، وأبان سماحته أن هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء كلهم يسعون إلى إقامة الحجة على الأمة.. كل ذلك جاء في ثنايا هذا الحوار:
سماحة الوالد يكرر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – في كل مناسبة وتجمع لعلماء الأمة والفقهاء نداءاته للعلماء بتحمل مسؤوليتهم تجاه قضايا الأمة ومستجداتها والتحذير من خطورة الفتن على كيان الأمة ووحدتها وآخرها خطابه في دورة المجمع الفقهي (21) الذي ألقاه نيابة عنه سمو أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل. فكيف قرأتم هذا الخطاب المبارك؟
هذا الخطاب هو خطاب أبوي كريم من قائد ملهم عظيم ، دعا العلماء فيه إلى تحمل مسؤوليتهم وعظم مايتحملونه تجاه شعوب الأمتين العربية والإسلامية، وأن يتعاونوا بالوقوف ضد الإرهاب وضد التكفير، وما يكون ضد الشرع الحكيم وضد الإسلام والمسلمين، وأن يكونوا يدًا واحدة، وحصنا حصينا للأمة، يبصرون الشعوب لكل خير، ويحذرونهم من كل شر والأسباب الموصلة إليه، فإن مسؤولية العلماء مسؤولية كبيرة، لاسيما في أوقات الاختلاف، فبإرشادهم وتحذيرهم لمخاطر الاختلاف والفتن ومكائد الأعداء، والأخذ بأيديهم للخير والصلاح، فهذا الخطاب التوجيهي المبارك للعلماء يصب في مصلحة الأمة جمعاء.
قضية عارضة
والدنا تكررت - حفظكم الله- حادثة الاعتداء والقتل في المساجد (بيوت الله)، ومنها ماسمعتموه أخيرًا في غسالة مكة من إقدام أحد الجناة بقتل شخصين في داخل وخارج المسجد، مما دفع البعض للمناداة بوجود حراسات أمنية لبيوت الله. كيف ترون هذه المطالبة؟
مجتمعنا ولله الحمد يحترم بيوت الله ويقدرها ويصونها ويحافظ عليها، لكن هذه الحالة نادرة وشاذة، صدرت من شخص مختل الشعور فاقد الأهلية، تصرف تصرفًا أحمق، وهذا لايدل على أنها ظاهرة، فالمساجد محترمة ومقدرة، وعليها أناس خيرون محافظون على مكانتها وقدرها، وبهذا فهذه الحادثة ليست ظاهرة، وإنما هي قضية عارضة، صادرة من شخص فاقد الأهلية والشعور، يتوقع منه في المساجد أو في الشارع أو في غيرها أن يحصل منه ما يحصل.
نشر الفاحشة
يحاول البعض من الحاسدين النيل من بعض العلماء والمسؤولين عبر مواقع التواصل الإلكتروني بالشبكة العنكبوتية بحجة النصح والتوجيه. فما هي نصيحتكم لهؤلاء المرجفين؟
هؤلاء ليسوا بناصحين، الناصح من يهدي النصيحة للمنصوح له فيما بينه كتابة ومهاتفة ولقاء ..أما استخدام هذه المواقع للنيل من المسلمين والطعن فيهم، وقذفهم بالتهم هنا وهناك، فهذه ليست بنصيحة، وإنما هي فضيحة وحب لإشاعة الفاحشة ونشر السوء بين المسلمين.
تنازلات وتراجعات
استمعتم -حفظكم الله- إلى مناقشات ومداولات فقهاء المجمع في دورته (21) بالرابطة حول النوازل والمستجدات العصرية، ومنها تراجع بعض الفقهاء عن بعض الفتاوى التي أصدروها مسبقًا، فإلام ترجعون مثل هذه التراجعات والتنازلات في الفتوى من العلماء؟
- المجمع مجمع علمي ينضوي تحت مظلته مجموعة من فقهاء المسلمين وعلمائهم، وهم يدرسون القضايا والمستجدات دراسة عميقة مؤصلة للوصول إلى ما دل عليه الكتاب والسنة، فإذا ظهر لأحدهم أنه قال قولًا يخالف الدليل رجع إلى ماظهر له من دليل، والمجمع بحد ذاته مجمع متلائم متعاون تسوده روح المودة والمحبة، ومن حضر المجمع رأى هذا التآلف وتلك الروح الزكية والقلوب الطيبة والتعاون وعلم أن هذا المجمع مجمع خير ليس بين علمائه اضطراب وتفرق ونفور، بل كلهم على قلب رجل واحد، يتناقشون ويتباحثون ويتداولون المسائل والآراء، يهدفون من وراء ذلك كله الوصول للحق والدليل، ومنها تلك التراجعات التي كانت من العلماء بعد ظهور الحق والدليل لهم.
دور الدعاة
سماحة المفتي هل أنتم راضون عن دور الدعاة فيما يقومون به تجاه الناشئة والشباب؟
ولله الحمد يقومون بدورهم ومسؤوليتهم وواجبهم، وإن كان التقصير عامًّا في الجميع، لكن الدعاة والخطباء عندنا يؤدون واجبهم، وليس كل واحد منا مستوفٍ كل مايجب عليه، ولكن على كل حال هم يؤدون واجبًا ويوجهون، فتسمعهم بعد الصلوات يذكرون بإلقاء الكلمات والمواعظ .. فهو يؤدون شيئًا مما عليهم، والكمال لله وحده، ونسأل الله لهم التوفيق.
تصرفات خاطئة
وماذا عن بعض التصرفات الخاطئة التي قد تحدث من بعض الدعاة ويوصم بها الجميع؟
ليس أحد معصومًا، والعصمة لأنبياء الله، فوجود خطأ من البعض من داعية أو عالم .. فهذا ليس بمستغرب، لكن على العلماء إذا شعروا بخطأ من أحدهم، فيجب أن يكون بينهم تناصح وتعاون لسد هذه الثغرة التي قد تحدث.
تكفير وإرهاب
والدنا.. تنال هذه البلاد المباركة سهامًا من الحساد والمبغضين الإرهابيين ومنها محاولة تفجير الأنابيب النفطية بالمنطقة الشرقية والنيل من اقتصاد المملكة. كلمة لهؤلاء الناقمين الحاقدين.
أقول لهم موتوا بغيضكم، والله عز وجل من علينا بالأمن والأمان والاطمئنان، بتحكيم شريعة الله، وتوفيقه سبحانه وتعالى لنا بوجود حكومة مباركة طيبة، التي نسأل الله تعالى أن يديمها ويديم لحكامنا الخير والتوفيق والفلاح.
فكل المحاولات التي يقوم بها هؤلاء الضالون باءت الفشل ومنها ماسمعناها هذه الأيام عن المخدرات، والتي حاول الأعداء أن يجلبوها للبلاد بأساليب متنوعة لا تخطر على بال أحد، لكن الله تعالى هيأ لهم بالمرصاد إدارة موفقة متمثلة في إدارة مكافحة المخدرات، فاكتشفوا مخابئهم وعرفوا أسرارهم، وتعاملوا معهم بالشكل المناسب الدقيق، حتى يسر لهم مباغتتهم والقضاء على مخططاتهم المدمرة.
فتن ونوازل
سماحة الوالد تعصف اليوم بالأمة الفتن والأحداث. فبحكم رئاستكم للإفتاء وهيئة كبار العلماء، هل استفدتم من تلك الأحداث والعبر والفوائد ؟
- ولله الحمد هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء كلهم يسعون إلى إقامة الحجة على الجميع بالنصح والتوجيه للمسلمين وحثهم على الخير، واجتماع الكلمة، وتحذيرهم من الشرور ووسائلها.
ثقافة التطوع
كيف يمكن لنا أن ننمي ثقافة التطوع لدى الناشئة؟
- بغرس حب الخير في نفوسهم، وأن لايكون المسلم يسعى لذاته وشخصه وحدها، بل المطلوب منه أن يشارك إخوانه ومجتمعه، بالدليل من الكتاب والسنة، فمتى عرف المسلم دليله من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة في عمله الخيري والتطوعي، كان ذلك بلاشك أمرًا محمودًا في التعاون وبذل الخير للجميع دون تفريق بين أحد.
نحن والصحافة
هل أنتم سماحة الوالد راضون عن التعاون بينكم وبين الإعلام ومنه الصحافة. وماذا تريدون من هذه الوسائل؟
نحن والصحافيون والإعلاميون يد واحدة، ونعلم أن للصحافة دورها الفعال في التوجيه والإصلاح، ونسأل أن يأخذ بيد الإعلاميين إلى كل خير، وأن تتجه تلك الوسائل الإعلامية اتجاهًا مفيدًا وجيدًا، وكلما استقامت الصحف واستقام كتابها، كلما صلحت الأمة.
نحن مع الصحافة ولسنا غرباء عنهم وليسوا غرباء منا، نحن معهم، وهم منا ونحن منهم، فالكل يسعى بما أوتي إلى كل خير وتقوى، وليس الهدف الفرقة والاختلاف، بل الهدف أن تلتقي بالأفكار على قلب رجل واحد، ويحوطهم الألفة والتعاون والتسامح فيما بين الجميع. فصحافتنا ليست بغريبة علينا، فهي من بلادنا، وأبناؤنا هم من يديرون دفتها، فنحن نتعاون معهم بما يحقق الخير والصلاح للبلاد والعباد.
زواج القاصرات
وماذا تقولون لمن يحاول أن يحدث فجوة ما بين الصحافة والإعلام وبين أهل العلم؟
أقول لهم لايجوز هذا الأمر، فعلينا السعي بالإصلاح، لا بالإفساد.
شيخنا الكريم .. إلى أين انتهت مسألة زواج القاصرات من خلال مداولات ومناقشات المجمع الفقهي؟
سيبحث في هذا الأمر في جلسة عامة باسم لجنة شؤون الأسرة ، وسيتم النظر وإبداء الحكم والرأي الشرعي بما يوافق الدليل من الكتاب والسنة.
قضية الطلاق
تحال قضايا الطلاق وأحكامها ومايتعلق بها إلى سماحتكم من قبل المحاكم والقضاة، مما يشكل عبئًا آخر على أعبائكم الكثيرة الأخرى. فهل هناك من آلية يقوم بها سماحتكم تجاه هذه المسألة؟
ولله الحمد لا نعاني من أي مشكلة في هذه المسألة، فلدينا قسم خاص يعنى بمسألة (الطلاق)، ونحن نشرف مباشرة على هذا القسم، والأمر يسير على أفضل طريق وأحسن حال، حيث نحرص كل الحرص على حل هذه المشكلة بكافة الطرق، إلا إذا تعذر الأمر بأن يكون الطلاق غير قابل للرجعة، ونحن لانغفل أبدا مبدأ النصح والإرشاد والبيان لما فيه الخير والصلاح في هذه المسألة. ولهذا لايشكل أبدًا عبئًا علينا، فهو جزء من أعمالنا نقوم بأدائها على مايرضي الله تعالى والحمد لله.
دعوى باطلة
ينادي البعض بمقولة: الحرية قبل التدين .. فماذا تقولون في هذه المقولة؟
- يعني تهدف هذه المقولة لأن تكون فاسدًا منحلًا منحرفًا، فهذه دعوى ومقولة باطلة، فالمؤمن لابد عليه أن يحافظ على دينه، ويستقيم على نهجه، وفي الحديث عن السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه (وشاب نشأ في طاعة الله)، ومن هذا أرى أن هذه الدعوى باطلة.
الكتاب والسنة
ماهي توجيهاتكم - حفظكم الله - من خلال الآلام والنوازل والأحداث التي تعصف بالأمة من كل مكان؟
أرجو من الله تعالى أن يجمع القلوب على طاعته، ولن يوحد الأمة ويجمع شملها ويقيها شر مكائد أعدائها، سوى التمسك بكتاب ربها والالتزام بسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، فعلينا جميعا الالتزام والتمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه.