عقدت الدائرة الجزائية الثالثة أمس جلسة جديدة للنظر في قضية خمسة متهمين أحدهم كاتب عدل وآخر عمل قاضيا قبل أن يتحول لمهنة المحاماة أخيرا إضافة لرجلي أعمال وموظف حكومي واجهوا اتهامات بالرشوة والتزوير في صكوك أراض وتزويد كتابات عدل بوقائع كاذبة على أنها صحيحة في صكوك تختص بأرض في ذهبان مساحتها 4.6 مليون متر مربع، بموجب حجة استحكام لا أساس لها، وقيامه بإفراغ أرض من البائع (رجل أعمال) إلى المشتري وهو رجل أعمال آخر، حيث تبين فيما بعد أن البائع الذي حضر هو شخص منتحل لشخصيته، ومن ثم تمليكها للمتهم الثاني، وإصدار كاتب العدل صكا بذلك لقاء 10 ملايين ريال كرشوة من المتهم الثاني، وإخلاله بواجبات وظيفته وإصداره صك أرض لا أساس له، فيما وجهت لبقية المتهمين الأربعة مساعدة المتهم الأول في الإخلال بوظيفته، والمساهمة في ارتكاب المتهم الأول جريمة تزوير وتغيير وقائع صحيحة في الصك محل الاتهام، بمساعدة المتهمين الثاني والثالث، ووساطة الرابع والخامس.
بدأت الجلسة بمثول المتهم الأول وهو كاتب عدل سابق أنكر فور جلوسه كافة الاتهامات التي وجهت إليه طالبا من ناظر القضية فرصة أخرى لتقديم مذكرته للدفاع عن الاتهامات التي وجهت إليه معللا ذلك بعدم استكمالها خلال الأيام الماضية.
بعد ذلك أبرز ناظر القضية الصك محل الاتهام، متسائلا عن مدى معرفة المتهم به، حيث رد عليه بأنه هو من قام بإفراغ الصك مشيرا إلى أنه حضر إليه في مكتبه شخص أسمر البشرة يحمل صكا في يده وأوراق الإحالة الخاصة به بالإضافة إلى أوراقه الثبوتية، طالبا إفراغ صك لشخص حدد اسمه، مؤكدا أنه سيحضر في وقت لاحق لإتمام عملية البيع.
وزاد المتهم أنه رفض إتمام عملية المبايعة كون المشتري غير موجود إلا أن شفاعة أحد الموظفين لديه بحجة سفر البائع، جعلته يقوم بعقد المبايعة غير أنه اشترط استكمال أوراقها عند حضور المشتري والذي أكد أنه حضر لاحقا في ذات اليوم وأتم عملية البيع، غير أنه عرف بعد ذلك أن البائع والشاري لم يتقابلا، ما جعله يكشف عن وجود خلل في أركان البيع، فخاطب رئيسه بواقع مذكرة، قدمها بدوره إلى جهات مختصة لإلغاء الصك وهو ما حدث، وأشار المتهم إلى أن هذه الواقعة حدثت قبل 8 أعوام.
عقب ذلك مثل المتهم الثاني وهو رجل أعمال فأكد أنه صاحب الأرض محل الاتهام في الصك المزور، وقال لناظر القضية: توجد لدي أرض بمساحة تتجاوز 4 ملايين متر مربع كانت بلا صك وقد حاولت استخراج صك لها بلا جدوى، وقد حضر إلي شخصان أشارا علي بوجود شخص (وهو المتهم الرابع) وأكدوا أنه باستطاعته أن يستخرج صك شرعي من خلال مكتب إحدى الشخصيات الهامة.
وأضاف :طلب مني مقابل ذلك دفع مبلغ 60 مليونا، 28 مليونا لشخص و 22 مليونا لشخص آخر و 10 ملايين لثالث، وقد قمت بتوفير المبلغ ودفعته بشيكات حددت أسماء أصحابها في الشيكات المدفوعة للمتهم الثالث.
وقال المتهم الثاني :حددوا لي يوم الجمعة عقب صلاة الظهر للتوجه الى منزل المتهم الاول وقد حضرنا اليه فعلا واستقبلنا وتم الإفراغ لديه في مسكنه وقد طلب مني إحضار شخص لأسجل الأرض باسمه ،فأحضرت صديقي المتهم الثالث وقام بإفراغ الأرض باسمي كونه البائع وقد صدر الصك لأقوم بعد ذلك ببيعها بمبلغ 160 مليونا، تقاضيت منها 60 مليونا ،وبعد أيام عرفت من خلال اتصال هاتفي بكاتب العدل ،أن الصك عليه مشكلة وقد تم إيقافه وقد أبلغت المشتري بذلك ولم أتقاض بقية المبلغ منه.
وتدخل المتهم الأول بدوره معترضا على أقوال المتهم الثاني، وقال: هذا غير صحيح ولم يحضر إلى منزلي وسأرد على ما ذكره في مذكرتي التي سأقدمها في الجلسة القادمة.
وأكد رئيس الدائرة الجزائية الثالثة الشيخ الدكتور سعد المالكي عقب ذلك أن المتهم الثاني أضاف على نفسه تهما جديدة باعترافه أمام الدائرة، وقال مخاطبا إياه : لقد اعترفت بأنك دفعت مبلغ 10 ملايين ريال للمتهم الأول، لينكر المتهم الثاني ذلك ، وقال: لا..لا أعرفه ولم التق به ولم أمنحه أي أموال ولم أشاهده إلا عندما التقيته في مسكنه.
فتابع القاضي : ولكنك اعترفت بأنك استخدمت صكا مزورا، وهذه تهمة استخدام محرر مزور وقد قمت ببيعه بموجب ذلك المحرر.
ورد المتهم: لم استخدمه وقد أبلغت المشتري بأن الصك غير صحيح ولم استخدمه بعد علمي بأنه مزور.
فقال ناظر القضية: ولكنك دفعت 60 مليونا مقابل الحصول عليه وقد بعت الأرض محل الصك وهذه مخالفة جديدة عليك.
بعد ذلك مثل المتهم الثالث أمام القاضي والذي ابتدره بسؤال حول دوره في القضية، ليرد عليه المتهم الثالث قائلا : انحصر دوري في الإفراغ لصالح المتهم الثاني فقط ، وكان ذلك في منزل المتهم الأول ، وقد أكد معرفته بالمتهم الثاني منذ 30 عاما.
وتداخل المتهم الأول عقب ذلك رافضا أن يكون الإفراغ قد تم في مسكنه، وأنكر ذلك ،طالبا من المتهم الثالث تقديم وصف لمسكنه إذا كان يعرفه.
فأكد المتهم الثالث بدوره أن الإفراغ حدث في مسكن المتهم الأول وقدم وصفا دقيقا لمسكنه، وقال: استضافنا في صالة فسيحة داخل مسكنه للإفراغ حتى أنه لم يسقنا الشاي.
وزاد المتهم: ادعيت بأن الأرض ملكي وبعتها للمتهم الثاني وكان الصك جاهزا عندما وصلنا وقد قمنا فقط بالتوقيع في دفتر الضبط وغادرنا، مؤكدا أنه لم يتقاض مقابل ذلك ريالا واحدا كون المتهم الثاني الذي أحضره صديق عمره.
وأنكر المتهم الأول تلك الأقوال، وقال لم يزرن أحد في مسكني، بل حضروا إلى مقر عملي حيث تم الإفراغ، وأضاف: أن باستطاعة أي شخص أن يتبعني من مقر عملي حتى يعرف أين يقع مسكني، وهذه ليست بحجة علي خاصة أن مسكني معروف ومشهور.
وتواصلت أحداث المحاكمة بمثول المتهم الرابع والذي قدم مذكرة مكونة من 5 صفحات ومستندات وصور هامة لسير القضية، ردا على ما جاء في قرار الإتهام، وقد طلب ممثل الإدعاء تأجيل الرد عليها في الجلسة القادمة.
وعاد المتهم الرابع بعد ذلك لإنكار كل التهم التي سيقت ضده، وقال: ما ذكره المتهم الثاني غير صحيح ولم يحدث أن اتفقت معه على شيء.
وقال محاميه لناظر القضية:إن أقوال المتهم الثاني متضاربة، فهو تارة يذكر في التحقيقات أنه ذهب مع موكلي لمنزل المتهم الأول، والآن ينكر أمامكم أن يكون قد ذهب معه.
ورد عليه المتهم الثاني بأنه يعرف المتهم الرابع وقد طلب منه شخصيا دفع 60 مليونا مقابل استخراج صك أرضه وقد استلم الشيكات مني ولدي ما يثبت ذلك، كما لدي ما يثبت أنه أعاد إلي جزءا من الأموال المدفوعة له مقابل استخراج الصك بعد أن أبلغته بما حدث.
وعاد محامي المتهم الرابع ليرد عليه قائلا: ذكر المتهم الثاني أمام الدائرة القضائية الجزائية أنه دفع 60 مليونا لعدة أشخاص ولم يذكر اسم موكلي من ضمنهم، فما هي مصلحة موكلي في أن يتقاضى غيره الأموال؟
بعد ذلك مثل المتهم الخامس (الموظف الحكومي) طالبا التأجيل حتى يتمكن من الرد على الإتهامات بحقه، كونه وكل محاميا حديثا ولم يتسن له دراسة القضية وإعداد رده.
يذكر أن تلك الأحداث الساخنة والاعترافات، وإصرار المتهمين الثاني والثالث على توريط المتهمين الأول والرابع، استدعت تأجيل القضية إلى مطلع الشهر القادم للنظر فيها.