أكدوا أن الاستفادة من خبراتهم المتراكمة تحولهم إلى عناصر فاعلة .. مختصون لـ «عكاظ» : مراجعة أنظمة الاستثمار في «الجمعية» و «التأمينات» تكفل استثماراً آمناً للعوائد
كيف نستثمر عوائد التقاعد؟ وكيف نوفر لفئة المتقاعدين حياة كريمة؟ ولماذا لا تتم الاستفادة من خبراتهم في مختلف المجالات؟ هذه المحاور وغيرها طرحتها «عكاظ» على أعضاء في الجمعية الوطنية للمتقاعدين، وعدد من أصحاب الشأن، الذين أجمعوا على أن من أبرز أهداف الجمعية الاستفادة من خبرات المتقاعدين، مشيرين إلى أن الجمعية تتحرك لاستثمار عوائد الأعضاء في العقار، وطالبوا بمراجعة أنظمة الاستثمار في مؤسستي التقاعد والتأمينات، ومعالجة سلبياتها ، والعمل على استخدام هذه الاستثمارات بشكل أمثل وآمن، إضافة إلى صرف علاوات سنوية لهم تضمن لهم العيش الكريم كلما تقدموا في السن.
وكشف عضو مجلس الإدارة في الجمعية، رئيس الجمعية الوطنية للمتقاعدين، ورئيس لجنة خدمة المتقاعدين في فرع المنطقة الشرقية بداح القحطاني، عن توقيع مذكرة تفاهم لاستثمار عوائد المتقاعدين في مشاريع عقارية على مستوى المملكة، مشيرا إلى أن سبب اختيار الاستثمارات العقارية هو عوائدها المضمونة، مؤكدا وجود أراض تمتلكها الجمعية في مختلف مناطق المملكة بغرض الاستثمار، لافتا إلى وجود فرص استثمارية متعددة لتنمية عوائد المتقاعدين. وقال إن الجمعية تتحرك على أكثر من صعيد لتحقيق أهدافها والمتمثلة في توفير حياة كريمة لشريحة المتقاعدين، سواء من الناحية الصحية أو المالية أو الاجتماعية أو غيرها من الأهداف، مبينا أن التحرك لاستثمار عوائد المتقاعدين يندرج تحت أهداف الجمعية، خصوصا أن العوائد المالية للمتقاعدين محدودة للغاية لا تتجاوز 1987 ريالا شهريا، مؤكدا، أن هناك تحركا جادا من الجمعية لرفع الحد الأدنى للمتقاعدين ليصل إلى أربعة آلاف ريال شهريا، إضافة إلى محاولات جادة من خلال الاتصال مع الجهات المختصة لإصدار قرار يتضمن الزيادة السنوية للمتقاعدين أسوة بمن هم على رأس العمل.
واعتبر توجه الجمعية إلى استثمار عوائد المتقاعدين خطوة أساسية للحصول على المساندة لاستمرارية الجمعية في خدمة هذه الشريحة من المواطنين، لاسيما أنها ملتزمة بتنفيذ الكثير من المتطلبات المتعددة. وذكر أن التوجه لاستثمار عوائد المتقاعدين ليس مقتصرا على الرجال، بل يشمل كذلك النساء سواء المدنيين أو العسكريين، مشيرا إلى أن عدد أعضاء الجمعية تجاوز 20 ألف مشترك وهذا الرقم في تزايد مستمر، نظرا لوجود طلبات للالتحاق بالجمعية بشكل يومي، مضيفا، أن الجمعية تمتلك نحو 16 فرعا على مختلف مناطق المملكة فيما يحتضن بعض المدن أكثر من فرع. وأشار إلى أن الجمعية تتحرك في الوقت الراهن لتأمين الغطاء الصحي للمتقاعدين بشكل مجاني، بحيث لا يقتصر على المتقاعد، بل يشمل أفراد أسرته.
الاستفادة من الخبرات
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد باحفظ الله، من المؤسسة العامة للتقاعد، إن المتقاعدين لديهم خبرات عملية تراكمية كبيرة توفرت لهم مع سنوات العمل؛ لذا فإيجاد لجان استشارية تابعة لإمارات المناطق أو الأحياء ربما تؤدي الغرض المناسب خصوصا إذا جرى صرف عوائد مالية معها، فيكونون بذلك قد حولوا المتقاعدين إلى عناصر فاعلة في المجتمع، وجعلوا ذلك المقابل المالي معينا لهم.
وطالب بضرورة توسيع دائرة الاستثمارات المالية التي تقوم بها المؤسسة لكي تشمل المتقاعدين من خلال آليات عمل واضحة. وقال إن هناك من المتقاعدين من ينتمي إلى فئة الدخول المحدودة والمتدنية بأعداد كبيرة جدا، ما يجعل المسؤولية تجاههم أكبر وأكثر قياسا بالعقود الزمنية التي أفنوها من عمرهم في خدمة الوطن. وأضاف «أعتقد أنه من المناسب صرف علاوات سنوية تضمن لهم العيش الكريم كلما تقدموا في السن».
متابعا «يجب توفير تأمينات صحية لهم أسوة بالشركات الكبيرة مثل أرامكو والخطوط السعودية وغيرها من تلك الشركات التي تهتم بهذا المجال، بعد إحالة موظفيها إلى التقاعد، وكلنا نعلم أن ولاة الأمر حريصون على هذه الفئة».
مراجعة الأنظمة
ورأى خالد خميس كساب الخبير الاقتصادي، وعضو مجلس منطقة تبوك أن أنظمة بعض الدول لا تسمح لمؤسسات معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية لديها الاستثمار في مجال الأسهم والسندات وغيرها من مشتقات الاستثمار الأخرى، نظرا لما تحمله من خطورة على أموال المتقاعدين، خصوصا مع الخسائر الفادحة والنكبات الكبيرة التي تصيب هذه الأسواق بين فترة وأخرى، ما أدت إلى خسائر جميع الأموال سواء المحلية أو الأجنبية. وأضاف «لذا يفترض مراجعة كل أنظمه الاستثمار في مؤسستي التقاعد والتأمينات، ومعالجة سلبياتها، والعمل على استخدام هذه الاستثمارات بشكل أمثل وآمن، والاستعانة بخبراء الاستثمار من أبناء هذا الوطن المعطاء لرسم السياسات والاستراتيجيات الاستثمارية المتخصص، والابتعاد عن الاستثمارات ذات المخاطر العالية والاستثمار في قنوات استثمارية مأمونة مثل إنشاء المستشفيات والمشاريع الصناعية والتعليمية والتقنية».
أما المتقاعد علي إبراهيم الناصر فرأى أن نظام التقاعد مهم للفرد والأسرة والمجتمع، سواء من الناحية المادية أو الاجتماعية، كما أن المعاش التقاعدي ليس هبة أو صدقة وإنما هو حق لصاحبه مقابل ما دفعه من عوائد تقاعدية طوال سنوات خدمته. وسأل عن مصير أموال المتقاعدين المدنيين والعسكريين ولماذا لا يكون هناك خيار للموظف أو الموظفة بالموافقة على الاشتراك في نظام التقاعد من عدمه؟ أليس من حق المتقاعدين أن يعرفوا ماذا يحصل لمدخراتهم واستثماراتهم؟ وهل مؤسستا التقاعد والتأمينات هما الوريث الشرعي للموظف والموظفة في حال بلوغ السن القانونية أو وفاة أحد المستفيدين عندما يستثمر ويتاجر في أموالهم من دون معرفتهم؟ لماذا لا يكون هناك إفصاح بصدق وإخلاص وشفافية لجميع استثمارات مؤسستي التقاعد والتأمينات الاجتماعية، ومعرفة أنواعها وأين تستثمر؟
الحياة الكريمة
من جانبه، قال المهندس المتقاعد محمد أحمد الشنبري إن مؤسستي التقاعد والتأمينات بدأتا التركيز في استراتيجيتيهما الاستثمارية على المشاريع العقارية وخصوصا المشاريع المحلية لمؤسسة التقاعد مثل مشروع مركز الملك عبدالله المالي، ومشروع مجمع تقنية المعلومات والاتصالات، إضافة إلى برنامج مساكن، لذا من المفترض أن توضح مؤسسة التقاعد حجم هذه الاستثمارات والالتزامات التي عليها ومراكزها المالية ولذا لا بد أن يوفر لهذه الفئة المتقاعدة حياة كريمة تكفل لهم العيش بأمان، مشددا على ضرورة الاستفادة من خبرات المتقاعدين في حال كان المتقاعد قادرا على العطاء ومنحه ذلك يدل على ما يتمتع به من خبرات ناجحة.
أما المتقاعد سعود بن محمد الغيثي فقال إنه يجب على مؤسستي التقاعد والتأمينات طمأنة جميع المتقاعدين من مدنيين وعسكريين وموظفي القطاع الخاص الذين خدموا بلادهم بإخلاص وتفان، بأن استثماراتهم في أيد أمينة، والسعي إلى تحسين أوضاعهم المالية والمعيشية، ومنحهم علاوة سنوية لمساعدتهم على تكاليف غلاء المعيشة، وتقديم العلاج المجاني لهم ولأسرهم والمساعدة في تقديم التمويل اللازم للحصول على السكن المناسب بأقساط ميسرة من مردودات استثماراتهم، مشيرا إلى أن كل ذلك سيكون في ضوء القرارات الحكيمة التي تتخذها حكومة خادم الحرمين الشريفين للاهتمام والعناية بالمتقاعدين وأسرهم أسوة بمن هم على رأس العمل.