هل سألت نفسك ذات يوم لماذا نكررالفاتحة؟ هل سألت نفسك ذات يوم لماذا نكررالفاتحةفي كل يوم سبع عشرة مرة في الصلاة؟ سبع عشرة ركعة هنعدد ركعات الصلاةوفيكل ركعة يجب أن نقرأ الفاتحة لماذا؟ ولماذا افتتح الله بها كتابه الكريم فشرّفها بأن تكونأولسورةيبدأ بهاالمصحف؟ولماذا سمّهاهاأم الكتاب؟
هل تعلم أن العلماءيقولون إن كل معاني القرآن من كلام عن صفات الله وعن الدار الآخرة وعن قصص الأممالسابقة كلها مجتمعة فيالفاتحةالتيلو تدبّرناها لوجدناها فعلا رائعة ولاستمتعنا حقا كلّما قرأناها؟ ستزداد حبا فيالفاتحةعندما تعلم أنفيها أدب كيفية الدخول بين يدياللهليقبلك ليقبل دعاءكليقبل توبتك وليقبل عبوديتك.
وعندماتعلم أيضا فضلالفاتحةبهذاالحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل في حديثهالقدسي:"قسمت الصلاة بينيوبين عبدي فإذا قَال الْعَبْدُ "الْحَمْدُ لله رَبّ الْعَالَمِينَ" قَال حَمِدَنِيعَبْدِي وَإِذَا قَال "الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" قَالَ اللَّهُ تَعَالَى "أَثْنَىعَلَيَّ عَبْدِي"وَإِذَا قَالَ "مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" قَالَ "مَجَّدَنِيعَبْدِي" فَإِذَا قَالَ "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" قَالَ "هَذَابَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي" فَإِذَا قَالَ "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَصِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم ولاالضَّالِّينَ" قَالَ "هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سأَلَ". و"الصلاة" في الحديث القدسيتعني الفاتحة. فتخيّل أنك كلمّا قرأتالفاتحةصباحاً أو مساءً في سنَّة أو فرض يرد عليك ملك الملوك. إذن هناك سرفي هذه الآيات التي لها خصوصية عند ملك الملوك نعم إنه يعلمنا كيف ندخل بين يديهبأدب. فبدأت السورة ب "بسم الله الرحمن الرحيم".يعني أبدأ في الدخول عليك يا رب باسمك أنت فقد جئتك لأنك أنت الرحمن الرحيم الذيينظر لعباده نظرة الرحمة لا نظرة الانتقام على ذنوبهم وتقصيرهم لأن السورة لو كانتأول آيه فيها "بسم الله المنتقم الجبار" لخفنا ونحن ندخل عليه بهذه السورة لكنهاكانت "بسم الله الرحمنالرحيم"لتكون برداًوسلاما على قلوب من قصّر في حق الله أو عصاه.فأنا جئتك لأنك الرحمن الرحيم. ثم يقول العبد بعدها "الحمد لله رب العالمين".يبدأ العبد في الكلام مع الله بحمده والاعتراف بفضله عليه وكلمة "الحمد لله" منأعظم الكلمات التي يحبهاالله فهي أول كلمة قالها الإنسان لمّا دخلت الروح في جسم سيدنا آدم عطس فقالت لهالملائكة "فلتحمد ربك" فقال "الحمد لله"فقالت لهالملائكة "يرحمك ربك". فأول كلمة قالها الإنسان"الحمد لله"فالله يحبالحمد ويعطي عليه ثواباً لا حدود له لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والحمد لله تملأ الميزان" أي تملأ ميزان الحسناتبجبال الحسنات بمجرد كلمة "الحمد لله"التي فيها اعترافبفضل الله علينا وأننا غارقون في نعمه علينا حينئذٍ يقول الله: "حمدني عبدي". "الرحمن الرحيم"، نعم يارب أنت ربالعالمين والرب هو الذي يُربِّي ويرعى وأنت يارب رب العالمين. برحمتك وحلمكعلينا ترانا في المعصية وتصبرعلينا وترانا مقصرين وتقبل القليل وترانا ننساككثيراً وأنت لا تنسى رزقنا ولا حفظنا فما أعظمك يارب العالمين يا أرحم الراحمينحينئذ يقول الله: "أثنى عليّ عبدي". هل تلاحظون هذا الأدب فيالدخول على الله؟ إننا جئناك يا رحيم نعترف بفضلك علينا وأنك تعاملنابرحمتك. ثم يقول العبد"مالك يوم الدين"يعني يا رب أعترف باليوم الآَخِر و"يوم الدين" يعنييوم الجزاء يوم لا ينفع وقتها إلا الدين فمن أتى بغير دين وتديُّن لن يفرح ولن ينجوهذا اليوم. فأنا أعترف يا رب بيوم القيامة وبالبعث وأنك أنت مالكه كما أنك ياربأنت مالك الدنيا فمصيرنا بين يديك دنيا وآخرة. تخيل واحد يدخل بينيدياللهيقول له جئتك ياربلأنك أنت الرحمن الرحيم وأبدأ كلامي معك أني أعترف بنعمتك عليّ وأنك يارب مالك يومالدين يوم الحساب والجزاء وأنا أعترف بذلك وعندها يقول الله: "مجدني عبدي". ثم يقول العبد "إياك نعبد وإياك نستعين"يعني يا رب ليسلي رب سواك أعبده وأطيعه وأطلب حاجاتي منه وأعتمد عليه وأتوكل عليه فأعِنّي يا ربحتى أستطيع أن أعبدك أعِنّي وساعدني لأني أعبدك وأستعينك عندها يقول الله: "هذا بيني وبين عبدي". ثم يدعو العبد الدعاء الذي هوطلب العبد من ربه في هذه السورة الكريمة. لكن انظر متى يطلب العبد من ربه يطلب بعد أن يدخل بأدببعد أن يحمد الله ويثني عليه ويعترف بفضله ويتذلل له يعترف أنه لن يستطع أن يفعلأي شيء إلا بعد الاستعانة بالله عز وجل. ثم يقول العبد "اهدنا الصراط المستقيم".يا رب خذ بيدي وثبتني على طريقك الذي يوصِّل إلى رضاك يارباهدني لأني بدونك لن أهتدي لأنك أنت الذي تملك قلبي وتملك سعادتي وتعاستي وتملكروحي وجنتي فأنا الآن واقف على بابك أدعوك وأتضرع إليك فلا يملك مصيري إلا أنتولا يملك نجاتي إلا أنت فأنا لعلمي بذلك ألجأ إليك وليس لي إلاّ أنت. يارب ابعث لي من يأخذ بيديوأعِنّي على أن أرى طريق الحق وطريق الباطل وخذ بيدي لأثبت على طريق الحق واجعلنيأشكر نعمتك وأصبر على بلائك خذ بيدي إليك أخذ الكرام عليك. "صراط الذين أنعمتعليهم"بالهداية وحب الخيروحب النبي صلى الله عليه وسلم وحب كل عمل يقربناإليك.
"غير المغضوبعليهم" وهم الذين علموا الحق ثماختاروا غيره وعرفوا الخير ورفضوه. "ولا الضالين" أيالذين تاهوا وضلّوا في البحث عن رضاك فلجأوا إلى غيرك فلم يجدوا شيئاً لأن كل شيء بيد رب العالمين. عندها يقول الله: "هذا لعبدي ولعبدي ماسأل".