يردد المنتمون للطيف الأغلب من أبناء هذا الوطن أو الصوت الأقوى تأثيرا مقولة : نحن مجتمع محافظ.
لا سيما إذا ما تعرض المجتمع لمستجد ثقافي مريب .
ويقصدون بالمحافظة كما أفهم أنها الالتزام بظاهر شائعر الإسلام كالمحافظة على الصلاة والحجاب وغير ذلك وربما تدخل بعض العادات أحيانا ضمن مفهوم المحافظة .
والسؤال هنا هل نحن بالفعل مجتمع محافظ أم لا؟
قبل أن تجيب دعني أعطيك هذه الصورة الواقعية لم يحدث الآن في مجتمعنا .
من المعلوم أن مجتمعنا قد مر بمراحل ثقافية مختلفة استطاعت أن تؤثر عليه سلبا وإيجابا من خلال تبديد بعض مفاهيمه الثقافية ونسخ بعض عاداته المتوارثة وإضافة بعض المكونات الثقافية الجديدة والذي في بعضها مخالفة لبنيته الثقافية ذات الهوية الإسلامية الأصيلة أضف إلى ذلك أنه واجه حملات تغريبية شرسة كان أشدها ضراوة تلك التي جاءت عبر الإعلام بجميع أشكاله وألوانه ,وإن كان الإعلام المرئي ذو اللسان العربي والهوية الغربيةالأشد تأثيرا ,ولذلك فقد ظهرت لدينا إحصائيات مخيفة عن تنامي الفساد بشكل مقلق جدا .. سأكتفي بذكر واحدة منها كمؤشر على حجم المشكلة .
فحسب إحصائية هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي صدرت عام 1433هـ فقد جاءت الأرقام مخيفة حيث بلغت المخالفات الشرعية بأنواعها : 281,550 مخالفة .
تفاوتت ما بين فساد أخلاقي وقبض على سحرة والإطاحة بمصانع للخمور وجرائم ابتزاز وعقوق وغيرها من الجرائم المخزية .
مع التأكيد أن هذه الإحصائية لا تعبر عن كل المخالفات المرصودة بمجتمعنا ,حيث أن هناك جهات أخرى لها إحصاءاتها الخاصة كوزارة الداخلية والجمارك وغيرها من الجهات المعنية ,والتي تعلن كل حين عن قبضها على مروجين ومهربين للمخدرات والقبض على كميات مهولة من أنواع المخدرات والقبض على قتلة وسراق ومجرمين متنوعي الجريمة وما خفي قد يكون أضعاف هذه الاحصاءات.
كما سجل مجتمعنا انتشار ظواهر مفزعة مثل ظاهرة انتشار السرقة وفقدان الأمل بعودة المسروق وانتشار حالات الانتحار, وتزايد حالات العنف الأسري وحالات الاغتصاب والتحرش الجنسي والتعدي على المال العام والمال الخاص وانتشار الرشوة والغش التجاري وتعثر المشاريع بسبب الفساد المالي وتردي مستوى الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة وغيرها من مؤسسات المجتمع ومكوناته ومنتوجاته ..
وعلى صعيد النساء بالذات تفشي ظواهر لا علاقة لها بالمجتمع المحافظ مثل ظاهرة التبرج والسفور في الأماكن العامة والخاصة عند بعض النساء ,ورفض مجموعة منهن الحجاب بشكل ظاهر من خلال ترك غطاء الوجه أو لبس العبايات المزخرفة (والمخصرة ),والتي هي بواقع الحال فساتين فاتنة وعمل المرأة بجانب الرجل يوميا في أماكن مفتوحة وأخرى مغلقة من غير حشمة ,وكذلك العري السافر والمظاهر الشاذة في حفلات الزواج والحفلات الخاصة ,وما يصاحبها من أجواء أشبه بأجواء (الكازينوهات) لم ينقصها غير الخمور !!
ومظاهر الشذوذ في المدارس والجامعات وتفشي ظاهرة الصداقة بين الجنسين قبل الزواج ,وما يتبع ذلك من سهرات وحفلات خاصة أحيانا وتفاخر بها !
وقبل هذا كله ظهور مجموعة تهزأ بشاعر الإسلام وتسخر من دين الله عبر مواقع التواصل الاجتماعية والمواقع المشبوهة ,وترك عدد من الناس للصلاة ,إما بالكلية أما لبعض الفروض وظهور مجموعات من الشباب تجاهر بالفطر برمضان .
وغير ذلك الفساد الذي ظهر بالبر والبحر على مسمع ومرأى من الناس بعدد ليس بالقليل .
فهل نحن بعد هذا كله مازلنا مجتمعا محافظا ؟