الخوف من التمويه على «السعودة» وعمليات النصب والاحتيال.. والتسول
أجانب بـ «زي سعودي»!
نبيل يرتدي زياً سعودياً في مطعم أكلات شعبية الرياض، تحقيق- مشعل العنزي هوس كبير ينتاب شريحة كبيرة من الأجانب العرب في المملكة -وربما غيرهم- في لبس الشماغ والثوب للرجال، والعباءة والغطاء للنساء، وهذه الظاهرة التي تنتشر كل يوم بشكل أكبر عن سابقه قد تحمل في طياتها الكثير من المخاطر الأمنية والتنظيمية، ومنها التحايل على السعودة في المحال التجارية، والنصب والاحتيال على الموطنين باستخدام الزي السعودي؛ خصوصا أن بعض الأجانب من نساء ورجال يجيدون اللهجة السعودية، إلى جانب التسول في الشوارع وأمام المساجد على أنهم سعوديون. وما بين مرحب ورافض وآخر متوجس وغير مبالٍ تفاوتت ردود الفعل حول ارتداء الأجانب للزي السعودي، فهناك من يراه أمرا طبيعيا، وآخر يعتقد أن وراءه هدفاً ربما يكون غير مشروع، وسعينا في هذا التحقيق إلى طرح عدة تساؤلات على من يرتدون الزي السعودي من الأجانب، حيث تم طرح الأسئلة التالية: لماذا ترتدي الزي السعودي؟، وماهي ردة فعل الزبائن؟، وهل يكتشفون انك أجنبي؟، وإلى متى تبقى مرتدياً ذلك؟، وهل ترتديه خارج وقت العمل؟. كما تم توجيه أسئلة للسعوديين، وهي: لماذا الأجانب يرتدون الزي السعودي؟، وما هي ردة فعلك عندما تكتشف أحدهم؟، وهل تؤيد ذلك؟.
تجارب خاصة في البداية تحدث إلينا عامل من الجنسية البنغالية يلبس ثوباً وشماغاً ويعمل في محل لبيع التمور، وقال:"هذا هو اللباس المفضل عندي وأرتاح فيه؛ كوني أعمل في محل يبيع منتجات شعبية"، بينما يرى "سعد علي" -عامل في محل خضار- أن الناس هنا يلبسون الثوب والشماغ وأنا أقلدهم. وأثناء الجولة الاستطلاعية وجدنا شخصاً يتسول عند إشارة مرور وهو يرتدي الثوب والشماغ ويوهم البعض أنه سعودي، وعندما اقتربنا منه سألناه عن جنسيته، فقال: (يمني)، وسألناه عن إقامته فقال: (لا أحمل إقامة نظامية)، ولماذا ترتدي الشماغ والثوب، فقالأقي نفسي من الحر)!. وقال "نبيل العصري" -يعمل في أحد المطاعم الشعبية من الجنسية اليمنية- "أنا من مواليد السعودية، ومن الطبيعي أن ألبس الثوب والشماغ؛ لأني اعتدت على هذا الزي منذ الصغر، وأعمل في مطعم أكلات شعبية، ولذلك ارتدي الزي السعودي؛ لأنه تراث أصيل لأهل البلد"، مشيراً إلى أن هناك بعض الزبائن يتساءلون عن لبسي الثوب والشماغ، وأجيبهم هذا اختياري وحريتي، موضحاً:"أنا غالباً في هذا الزي طوال اليوم".
مواقف متباينة وقال المواطن "ظافر الدوسري" إذا كان الأجنبي يتواجد في عمل شريف وغير مخالف لنظام البلد فمن الطبيعي أن اتقبله وهو يرتدي الزي السعودي، وتبقى حريته الشخصية، ولكن إذا كان يستغل الزي السعودي في عمل غير شريف، أو تستر على نظام للسعودة؛ فهذا مرفوض، ولكن كيف يمكن التمييز بين النموذجين، وتحديداً مع جنسيات تتقن اللهجة السعودية؟. وأكد المواطن "عبدالعزيز العنزي" على أن ارتداء الزي السعودي يعطي انطباعاً لدى الآخر -أياً كان- أن ذلك الشخص سعودي وهو فعلاً غير ذلك، فلو كان متسولاً، أو كاذباً، أو غشاشاً، أو لصاً، أو لا يهتم بنظافته؛ أصبح في نظر من يراه أنه سعودي، وهذا غير صحيح، مشيراً إلى أن هناك أيضاً من النساء ممن تنطلي عليهن هذه الأمور؛ فلا تستطيع أن تعرف حقيقة الشخص الذي يرتدي الثوب والشماغ، وهل هو سعودي أم أجنبي؟، وهذا ربما يتسبب في الكثير من المشاكل؛ فهناك لصوص يلبسون الثياب السعودية للتمويه، وحتى يقال سعودي، وهذا فعلاً حدث أمامي في أحد الأسواق بالرياض، حيث صرخت امرأة أن حقيبتها سُرقت، وأشارت في التحقيق أن السارق سعودي -على اعتبار الزي الذي يرتديه-.
هوية وانتماء ويرى "أحمد صالح" -عامل أجنبي- أنه من الأفضل أن يتمسك كل شخص بالزي الخاص به؛ فالزي له دلالة على جنسية وهوية الشخص، حيث تستطيع تمييز لبس الباكستاني عن اليماني أو الاندونيسي والهندي وغيرهم، فالملابس لها مدلولات عرقية ومدلولات جغرافية، وعندما تختفي هذه المدلولات ويتوحد الجميع في لبس معين أعتقد أنه خطأ. وقال "أحمد علي" -يمني ويعمل في بقالة- شرف لي أن أرتدي الزي السعودي، ولم يسألني أحد عن ذلك، وأعيش مع الجميع دون تمييز، وهناك أخوة، وعلاقات إنسانية قائمة على الاحترام تربطني معهم. وأكدت "بشاير الماجد" على أن العشرة وطول فترة الإقامة؛ هي سبب هوس بعض الأجانب، خاصة العرب في ارتداء الزي السعودي، وهو أمر لا يثيرني، بل يعكس راحتهم ومشاعرهم تجاه بلادنا.
نساء أجنبيات وقال المواطن "خالد الحمد" غالباً ما اكتشف الأجنبي الذي يرتدي الزي السعودي بأنه غير سعودي، ولكن إحدى المشاكل المهمة في نظري هي المرأة الأجنبية التي ترتدي زي النساء السعوديات، حيث لا تستطيع أن تميّز كونها سعودية أم أجنبية، موضحاً أن بعضهن يمتهن التسول عند الإشارات على أنها سعودية طمعاً في استعطاف قلوب الناس، وغيرها من المشاهد التي لا تسر أحداً، خصوصاً إذا ارتبط الفعل بمفهوم كونها سعودية تضطر لهذا العمل؛ مما يثير استياء الناس من هذا الأمر، كما أن الأجنبيات أصبحن يزاحمن السعوديات في كثير من الأعمال الحرة في الأسواق وغيرها؛ كونها فقط تجيد لبس العباية والنقاب.