كتاب أوجه الشَبه بين اليهود و بين الشّيعة (الرافضة) الحيارى وكذا بين الشيعة (الرافضة) والنصارى
إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لـه، ومن يضلل فلا هادي لـه؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد: فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وأحسنَ الهدي هديُ محمد ، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار. لقد أمرنا الله تعالى بالصدق في الحديث مع الآخرين، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ . [التوبة: 119]. وقال تعالى: لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً . [الأحزاب: 24]. وقال تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً .[مريم: 54]. وقال تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً .[مريم: 41]. وقال تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً . [مريم: 56]. وذمّ سبحانه وتعالى الكذب، وعظَّم إثم المفتري عليه ـ سبحانه ـ الكذب. فقال تعالى: فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . [آل عمران: 94]. انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً . [النساء: 50]. وقال تعالى: وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ . [يونس: 60]. وقال تعالى: قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ . [يونس: 69]. إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ . [النحل: 105]. وقال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ . [الصف: 7]. وقال : (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً). أخرجه أحمد، ومسلم. ولقد كان العرب في الجاهلية قبل الإسلام؛ يستقبحون الكذب، فهذا أبو سفيان ابن حرب في قصته مع هرقل، يقول: (وايم الله لو لا أن يؤثروا عليَّ الكذب؛ لكذبت ). أي: ينقلوا عليّ الكذب لكذبت. أخرجه البخاري: (4278)، ومسلم: (1773). ومع استقباح أهل الجاهلية للكذب؛ وهم أعداءٌ للإسلام والمسلمين، وللنبي بخاصة، لأنه ـ بزعمهم ـ أتى بما لم يُوافق أهواءهم؛ إلاّ أنّ أقواماً (طائفة) تنتسب إلى شريعة محمد ؛ امتطوا الكذب، وجعلوه من صلب عقيدتهم ـ الفاسدة ـ، ألا وهي الشيعة (الرافضة)، وكانوا يُسَمّوْن قبل إطلاق مسمّى (الرافضة) عليهم، بـ (الخشبية)، لقولهم: إنا لا نقاتل بالسيف؛ إلا مع إمام معصوم، فقاتلوا بالخشب.
الكذب من دين الشيعة (الرافضة)
فعن عاصم بن بهدلة قال: قلت للحسن بن علي: الشيعة يزعمون أن علياً يرجع، قال: كذب أولئك الكذابون، لو علِمْنا ذلك ما تزوج نساؤه ولا قسمنا ميراثه ). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/2): رواه عبد الله واسناده جيد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" ( 1/249): "وأما الحافظ أبو العلاء وأمثاله، فإنما يريدون؛ بالموضوع: المختلق المصنوع، الذي تعمد صاحبه الكذب، والكذب كان قليلاً في السلف. أما الصحابة فلم يُعرف فيهم ولله الحمد مَن تعمد الكذب على النبي ، كما لم يُعرف فيهم مَن كان مِن أهل البدع المعروفة، كبدع الخوارج، والرافضة، والقدرية، والمرجئة، فلم يعرف فيهم أحد من هؤلاء الفرق ... ...، وأما التابعون فلم يُعرف تعمد الكذب في التابعين من أهل مكة والمدينة والشام والبصرة. بخلاف الشيعة فإن الكذب معروف فيهم وقد عرف الكذب بعد هؤلاء في طوائف". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في: "منهاج السنة" (1/59ـ62): "وقد اتفق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد؛ على أن الرافضة: أكذب الطوائف، والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب. قال أبو حاتم الرازي: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: قال أشهب بن عبد العزيز: سئل مالك عن الرافضة فقال: لا تكلمهم ولا ترو عنهم؛ فإنهم يكذبون. وقال أبو حاتم: حدثنا حرملة قال: سمعت الشافعي يقول: لم أر أحداً أشهد بالزور من الرافضة. وقال مؤمل بن إهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: يُكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية، إلا الرافضة؛ فإنهم يكذبون. وقال محمد بن سعيد الأصبهاني: سمعت شريكاً يقول: أحمل العلم عن كل من لقيت، إلا الرافضة؛ فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه ديناً. وشريك هذا؛ هو شريك بن عبد الله القاضي، قاضي الكوفة؛ من أقران الثوري، وأبي حنيفة، وهو من الشيعة الذي يقول بلسانه: أنا من الشيعة. وهذه شهادته فيهم. وقال أبو معاوية: سمعت الأعمش يقول: أدركت الناس وما يسمونهم إلا الكذابين، يعني؛ أصحاب المغيرة بن سعيد. قال الأعمش: ولا عليكم ألا تذكروا هذا، فإني لا آمنهم أن يقولوا: إنا أصبنا الأعمش مع امرأة. وهذه آثار ثابتة، رواها أبو عبد الله بن بطة في الإبانة الكبرى؛ هو، وغيره، وروى أبو القاسم الطبري كلام الشافعي فيهم من وجهين من رواية الربيع، قال: سمعت الشافعي يقول: ما رأيت في أهل الأهواء قوماً أشهد بالزور من الرافضة. ورواه أيضاً من طريق حرملة، وزاد في ذلك: ما رأيت أشهد على الله بالزور من الرافضة. وهذا المعنى وإن كان صحيحاً؛ فاللفظ الأول هو الثابت عن الشافعي، ولهذا ذكر الشافعي ما ذكره أبو حنيفة وأصحابه؛ أنه يرد شهادة من عرف بالكذب؛ كالخطابية، ورد شهادة من عرف بالكذب متفق عليه بين الفقهاء". انتهى. وقال رحمه الله في منهاج السنة" أيضاً (1/66ـ69): "والمقصود هنا: أن العلماء كلهم متفقون على أن الكذب في الرافضة أظهر منه في سائر طوائف أهل القبلة، ومن تأمل كتب الجرح والتعديل؛ المصنفة في أسماء الرواة والنقلة وأحوالهم مثل: كتب يحيى بن سعيد القطان، وعلي ابن المديني، ويحيى ابن معين، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم الرازي، والنسائي، وأبي حاتم بن حبان، وأبي أحمد بن عدي، والدارقطني، وإبراهيم ابن يعقوب الجوزجاني السعدي، ويعقوب بن سفيان الفسوي، وأحمد بن عبد الله بن صالح العجلي، والعقيلي، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، والحاكم النيسابوري، والحافظ عبد الغني بن سعيد المصري، وأمثال هؤلاء الذين هم جهابذة ونقاد وأهل معرفة بأحوال الإسناد؛ رأى المعروف عندهم بالكذب في الشيعة أكثر منهم في جميع الطوائف، حتى أن أصحاب الصحيح كالبخاري لم يرو عن أحد من قدماء الشيعة، مثل؛ عاصم بن ضمرة، والحارث الأعور، وعبد الله بن سلمة، وأمثالهم؛ مع أن هؤلاء من خيار الشيعة، وإنما يروي أصحاب الصحيح؛ حديث علي من أهل بيته كالحسن، والحسين، ومحمد بن الحنفية، وكاتبه عبيد الله بن أبي رافع، أو عن أصحاب عبد الله بن مسعود؛ كعبيدة السلماني، والحارث بن قيس، أو عمن يشبه هؤلاء. وهؤلاء أئمة النقل ونقاده؛ من أبعد الناس عن الهوى، وأخبرهم بالناس وأقولهم بالحق، لا يخافون في الله لومة لائم، والبدع متنوعة؛ فالخوارج؛ مع أنهم مارقون يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، وقد أمر النبي بقتالهم، واتفق الصحابة، وعلماء المسلمين على قتالهم، وصح فيهم الحديث عن النبي من عشرة أوجه، رواها مسلم في صحيحه، روى البخاري ثلاثة منها؛ ليسوا ممن يتعمد الكذب، بل هم معروفون بالصدق، حتى يقال: إن حديثهم من أصح الحديث، لكنهم جهلوا وضلوا في بدعتهم، ولم تكن بدعتهم عن زندقة وإلحاد، بل عن جهل وضلال في معرفة معاني الكتاب. وأما الرافضة؛ فأصل بدعتهم عن زندقة، وإلحاد، وتعمد الكذب كثير فيهم، وهم يقرون بذلك، حيث يقولون: ديننا التقِيَّة، وهو؛ أن يقول أحدهم بلسانه خلاف ما في قلبه، وهذا هو الكذب والنفاق، ويدّعون مع هذا؛ أنهم هم المؤمنون دون غيرهم من أهل الملة، ويصفون السابقين الأولين بالردة والنفاق، فهم في ذلك كما قيل: رمتني بدائها وانسلت. إذ ليس في المظهرين للإسلام أقرب إلى النفاق والردة منهم، ولا يوجد المرتدون والمنافقون في طائفة أكثر مما يوجد فيهم، واعتبر ذلك بالغالية من النصيرية، وغيرهم، وبالملاحدة الإسماعيلية، وأمثالهم". انتهى. وقال أيضاً رحمه الله (8/304) من "المنهاج": "ما رؤى في طوائف أهل البدع والضلال؛ أجرأ من هذه الطائفة الرافضة، على الكذب على رسول الله وقولها عليه ما لم يقله، والوقاحة المفرطة في الكذب، وإن كان فيهم من لا يعرف أنها كذب؛ فهو مفرط في الجهل. كما قال: فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم" انتهى. قال الشافعي: "ما رأيت في الأهواء قوماً أشهد بالزور من الرافضة". أخرجه اللالكائي (8/1457/2811). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "درء تعارض العقل والنقل" (7/28): "وأما دعوى التقيَّة والإكراه، فهذا شعار المذهب عندهم ـ يعني؛ الرافضة ـ".
نعت النبي هذه الطائفة
عن ابن عباس قال: كنت عند النبي وعنده علي فقال النبي : ( يا علي! سيكون في أمتي قوم ينتحلون حب أهل البيت لهم نَبَز؛ يُسَمَّوْن الرافضة، قاتلوهم فإنهم مشركون). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/22): رواه الطبراني وإسناده حسن، و انظر "ظلال الجنة في تخريج السنة" (2/462) للألباني. (نبز): بالتحريك؛ اللقب، والجمع: الأنباز. قال أحمد بن يونس: "إنا لا نأكل ذبيحة رجل رافضي فإنه عندي مرتد". أخرجه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (8/1459/2817).
تسميتهم بالرافضة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" (1/34ـ40): "لفظ الرافضة؛ إنما ظهر لما رفضوا زيد بن علي بن الحسين في خلافة هشام وقصة زيد بن علي بن الحسين كانت بعد العشرين ومائة سنة إحدى وعشرين أو اثنتين وعشرين ومائة في أوآخر خلافة هشام، قال أبو حاتم البستي: قتل زيد بن علي بن الحسين بالكوفة سنة اثنتين وعشرين ومائة وصلب على خشبة وكان من أفاضل أهل البيت وعلمائهم وكانت الشيعة تنتحله. قلت: ومن زمن خروج زيد؛ افترقت الشيعة إلى رافضة وزيدية، فإنه لما سئل عن أبي بكر وعمر؛ فترحم عليهما، رفضه قوم. فقال لهم: رفضتموني، فسموا رافضة لرفضهم إياه، وسمي من لم يرفضه من الشيعة زيدياً لانتسابهم إليه، ولما صلب؛ كانت العباد تأتي إلى خشبته بالليل فيتعبدون عندها ...، و كانوا يُسمّون بغير ذلك الاسم، كما كانوا يسَمّوْن: الخشبية، لقولهم: إنا لا نقاتل بالسيف إلا مع إمام معصوم، فقاتلوا بالخشب، ولهذا جاء في بعض الروايات عن الشعبي، قال: ما رأيت أحمق من الخشبية، فيكون المعبر عنهم بلفظ الرافضة؛ ذكره بالمعنى، مع ضعف عبد الرحمن. ومع أن الظاهر؛ أن هذا الكلام؛ إنما هو نظم عبدالرحمن بن مالك بن مغول وتأليفه، وقد سمع طرفاً منه عن الشعبي، وسواءً؛ كان هو ألفه أو نظمه؛ لِما رآه من أمور الشيعة في زمانه ولما سمعه عنهم، أو لما سمع من أقوال أهل العلم فيهم أو بعضه أو مجموع الأمرين، أو بعضه لهذا وبعضه لهذا؛ فهذا الكلام معروف بالدليل لا يحتاج إلى نقل وإسناد. وقول القائل: إن الرافضة تفعل كذا، وكذا، المراد به؛ بعض الرافضة، كقوله تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ . [التوبة: 30]. وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ . [المائدة: 64]، لم يقل ذلك كل يهودي بل قاله بعضهم. وكذلك قوله تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ . [آل عمران: 173]. المراد به جنس الناس وإلا فمعلوم أن القائل لهم غير الجامع وغير المخاطبين المجموع لهم. وما ذكره موجود في الرافضة، وفيهم أضعاف ما ذكر، مثل: تحريم بعضهم للحم الأوز والجمل؛ مشابهة لليهود. ومثل: جمعهم بين الصلاتين دائماً، فلا يصلون إلا في ثلاثة أوقات؛ مشابهة لليهود. ومثل: قولهم: إنه لا يقع الطلاق إلا بإشهاد على الزوج؛ مشابهة لليهود. ومثل: تنجيسهم لأبدان غيرهم من المسلمين وأهل الكتاب، وتحريمهم لذبائحهم، وتنجيس ما يصيب ذلك من المياه والمائعات، وغسل الآنية التي يأكل منها غيرهم؛ مشابهة للسامرة الذين هم شر اليهود، ولهذا يجعلهم الناس في المسلمين كالسامرة في اليهود. ومثل: استعمالهم التقية، وإظهار خلاف ما يبطنون من العداوة؛ مشابهة لليهود. ونظائر ذلك كثير، وأما سائر حماقاتهم فكثيرة جداً، مثل: كون بعضهم لا يشرب من نهر حفره يزيد، مع أن النبي والذين معه؛ كانوا يشربون من آبار وأنهار حفرها الكفار، وبعضهم لا يأكل من التوت الشامي، ومعلوم أن النبي ومن معه؛ كانوا يأكلون مما يجلب من بلاد الكفار؛ من الجبن، ويلبسون ما تنسجه الكفار، بل غالب ثيابهم كانت من نسج الكفار، ومثل: كونهم يكرهون التكلم بلفظ العشرة، أو فعل شيء يكون عشرة؛ حتى في البناء لا يبنون على عشرة أعمدة، ولا بعشرة جذوع، ونحو ذلك، لكونهم يبغضون خيار الصحابة وهم العشرة المشهود لهم بالجنة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم، يبغضون هؤلاء إلا علي بن أبي طالب ، ويبغضون سائر المهاجرين والأنصار من السابقين الأولين الذين بايعوا رسول الله تحت الشجرة وكانوا ألفاً وأربعمائة، وقد أخبر الله أنه قد رضي عنهم، وثبت في صحيح مسلم، وغيره عن جابر أيضاً أن أن غلام حاطب بن أبي بلتعة قال: يا رسول الله! والله ليدخلن حاطب النار، فقال النبي : ( كذبت إنه شهد بدراً والحديبية )، وهم يبرأون من جمهور هؤلاء؛ بل يتبرأون من سائر أصحاب رسول الله ؛ إلا نفراً قليلاً نحو بضعة عشر، ومعلوم أنه لو فرض في العالم عشرة من أكفر الناس؛ لم يجب هجر هذا الاسم لذلك". انتهى. وقال شيخ الإسلام في موضع آخر في "المنهاج" ( 2/96)، و "دقائق التفسير" (2/64): " سُمُّوا رافضة وصاروا رافضة؛ لما خرج زيد بن علي بن الحسين بالكوفة في خلافة هشام، فسألته الشيعة عن أبي بكر وعمر؛ فترحم عليهما، فرفضه قوم، فقال: "رفضتموني رفضتموني"، فسُمُّوا رافضة. وتولاه قوم زيدية؛ لانتسابهم إليه، ومن حينئذ انقسمت الشيعة إلى رافضة إمامية، وزيدية، وكلما زادوا في البدعة؛ زادوا في الشر، فالزيدية خير من الرافضة أعلم وأصدق وأزهد وأشجع". انتهى.