منذ /12-05-2012, 01:40 PM
|
#1 |
رقم العضوية : 9523 | تاريخ التسجيل : 23 - 9 - 2008 | الجنس : ~ الاهلي | المشاركات : 155,340 | الحكمة المفضلة : Canada | SMS : | | ما أسهلَ الكلامَ وأصعبَ العملَ ... التغيير ! ! ! غـيّـرْ نـفـسَـكَ تُـسـعِـدْ حَـياتَـكَــ
! ! !
وهل يستطيع الإنسان أن يغيّرَ نفسَه ، ويُسعِدَ حياته ؟
فأينَ قدرُ الله إذن .؟! وأين ما يتحدّث الناسُ عنه من الحظوظ ، التي هي في نظرهم
أشبهُ بالمنايا ، تخبط فيهم خبط عشواء .؟! إنّها إشكاليّة تثار في الأذهانِ وعلى
الألسنة ، كلّما دُعيَ الإنسان إلى التغيير ، وإلى بذل الجهد وتحمّل المسئوليّة ..
ومن ثمّ فقد أردت أن أقطع الطريق عليها بهذا العنوانِ المستوحى من الآية الكريمة :
( .. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. ) الرعد .
وتوضيحاً لهذا الأمر بما لا يدع مجالاً للريب ، فإنّ الإنسان يستطيعُ في هذه الحياة أن
يصنعَ مستقبله الزاهرَ ، ويشيد برجَ سعادته بيديه مستمدّاً عون ربّه وتوفيقه قبل كلّ
شيء .. وذلك منطقُ التكليف الذي تقوم عليه حياة العباد في هذه الدنيا ، وهو سرّ
وجودهم فيها ..
وإذا كان علماء النفس والاجتماع يختلفون ، ويشتدّ الجدل العقيم بينهم ، والتنازعُ
بغير جدوى : أيّ الأمرين أشدُّ تأثيراً في حياة الإنسان وأعمقُ نفوذاً : الوراثةُ أم
البيئة .؟! فإنّ ممّا ينبغي ألاّ يختلفَ عليه اثنان : أنّ الإنسان أعطي الإرادةَ والهمّةَ
والعزيمةَ ، ليكون له قوّة التغيير لما يكون عليه بفطرته ، وما يرثه من بيئته ،
وليكون في نهاية المطاف مسئولاً عن عمله ، مجزيّاً بسعيه ..
فإن لم ينل بسعيه ما تصبو إليه نفسه ، وتسمو إليه همّته فحسبه أن ينال الأجر على
نيّته الصادقة ، وافياً غير منقوص ..
فقد يكون الإنسان ذكيّاً بفطرته ، أو متوسّط الذكاء أو غبيّاً .. وقد يكون هادئ الطبع
، أو حادّ المزاج عصبيّاً .. وقد ينشأ في بيئة متقدّمة ، أو متخلّفة ، فقيرة أو غنيّة ..
وقد يعتاد عاداتٍ حسنةً ، أو سيّئة .. ولكنّه يستطيع في ذلك كلّه ألاّ يكونَ كأمثاله
سلباً أو إيجاباً .. وواقع الحياة يشهد بهذه الحقيقة ، ويقدّم عليها ما لا يحصى من
الأمثلة ..
ـ يستطيع حادّ الذكاء أن يوظّف ذكاءه في عمل جادّ مثمر ، فيكون ذكاؤه خيراً عليه ،
وعلى مجتمعه وأمّته ، كما يستطيع أن يوظّف ذكاءه في الشرّ والمكر والفساد ،
فيكون مجرماً عاتياً ، ويكون ذكاؤه شرّاً عليه ، وعلى مجتمعه وأمّته ..
ـ ويستطيعُ محدود الذكاء أن يبذلَ جهداً أكبر ويجتهدَ ، فيسبق من هو أذْكى منه ،
وأوفرُ حظّاً في المال ، ورقيّ البيئة ..
ـ ويستطيع الناشئ في بيئة فقيرة متخلّفة أن يسبق أولي الجدّ والغنى ، ومن توفّرت
لهم كلّ أسباب الرقيّ والتقدّم ..
وكم رأينا في الناسِ نماذج من ذلك : فكم من فقير معدِمٍ أصبح من أثرياء العالم .؟!
وكم من وارثٍ لمجدٍ مؤثّل ، وغنىً لا يحيط به نظر أو فكر .. آل أمره إلى فقر مُدقِعٍ ،
وعُدمٍ موجع .؟! ومقدّمات ذلك ظاهرة لمن نظر وتدبّر ، وبحث عن الأسباب ، ووضع
يده على العلل ..
ومن ظنّ الأمر ضرباً من الحظّ الأعمى ، لا معنى له ولا تبرير ، فقد ركب مركب
الشطط الأحمق ، وتمادى في سوء الظنّ بربّه ، والجهل بحكمته وعدله ، ولم يفقه
سنن الحياة ، ولم ينتفع بعبرها .. ولا يظلِمُ ربّك أحداً ..
وإنّ العظماء بحقّ هم الذين نهضوا ببيئتهم ، وسموا بأحسابهم وأنسابهم ، ولم
يركنوا إلى تراث موهوم ، ولا مجد مزعوم ..
ولعلّ هذه المقدّمة كافية بين يدي خطوط عامّة لمنهج ، يحقّق لمن يأخذ به التغيير
الإيجابيّ ، ويسعد حَياتَه بإذن الله :
1 ـ وأوّل هذه الخطوط العامّة : الإيمان الصادق بالله تعالى ، وما يقتضيه من حقائق
إيجابيّة ، كالتوكّل على الله ، وتعلّق القلب بالله ، وتَفويض الأمر إليه ، والاعتقاد
الصادق أنّه سبحانه مالك الملك ، وأنّه النافع الضارّ وحده ، لا مانع لما أعطى ، ولا
معطي لما منع .. وهي حقائق تشمل حياة الإنسان من أوّلها إلى آخرها ، وكلّ ما
نذكره بعدها داخلٌ فيها بوجه أو بآخر ..
2 ـ وإنّ من حكمة الله الظاهرة ظهور الشمس في رابعة النهار أنّ الله تعالى ربط
الأسبابَ بالمسبَّبات ، والنتائج بالمقدّمات ، ففقه سنن الله تعالى ، والعمل وفقها ،
والأخذ بالأسباب التي أقامها لابدّ له من ثمرة بإذن الله ، فكيف يتسرّب اليأس
والقنوط إلى نفس من يحمل هذه العقيدة ، ويُقعِدُ همّتَه ، ويقتل طموحه .؟!
وما أكثر الذين يهملون الأخذ بالأسباب ، وينتظرون أن يبتسم لهم الحظّ ، ويبحثون
عنه هنا وهناك ، حتّى من أبواب الحرام .؟! ويضيّعون أعمارهم بمثل هذا العبث .!
3 ـ والتصوّر الصحيح للمثل الأعلى من أهمّ ما يعين الإنسان على التغيير في نفسه ،
وإسعاد حياته ، وهو يحمل عدّة معانٍ أهمّها :
أ ـ أنّه القيم العليا التي يؤمن بها الإنسان ، ويقيم حياته عليها ، ولا يرضى أن
يتنازل عنها أمام أيّ ضغطٍ من الضغوط ..
والإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته ، وما يليق به جلّ وعلا من صفات الكمال يضع
للإنسان القيم العليا التي يجب أن يؤمن بها ، ويتطلّع إلى تحقيقها ..
2 ـ وهو بمعنى آخر : " الإنسان الكامل " ، الذي يكون الأسوة الحسنة للإنسان في
كلّ شأنٍ ، وليس من أحدٍ كذلك إلاّ النبيّ المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ، فقد
أمر الله العباد بذلك ، فقال تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان
يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً (21) ) الأحزاب .
وهذا الأمر يقتضي أن يدرس المؤمن سيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم دراسة المحبّ
الصادق ، الحريص على التأسّي والاتّباع ، وأن يعرف سننه الكريمة ، وشمائله
العظيمة في كلّ شأن من شئون الحياة .
ولا يتمّ للإنسان هذا الأمر إلاّ بالتلقّي عن العلماء العاملين ، ومجالستهم ، ودراسة
سىر الصالحين وتراجم حياتهم ، وتدبّر كلامهم ، وقد كان لهم أوفر الحظّ من ميراث
النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهديه في العلم والعمل ، فلا عجب أن كانوا منارات
الهدى للناس في كلّ عصر ..
والتلقّي عن العلماء العاملين لا يعني الرجوع إليهم في كل شأنٍ فحسب ، بل ينبغي
أن يكونَ الإنسان قريباً من العلماء قربَ المشْورة الدائمة ، وطلب النصح في كلّ
خصوصيّاته ، وذلك ما يجعل الإنسان على بيّنة وهدىً في جميع أموره ..
4 ـ ومن الخطوط العامّة لمنهج التغيير الإيجابيّ : علوّ الهمّة ، والثقة بالنفس ، من
غير عجب بها ولا غرور ، " فما ترك من الجهل شيئاً من رضي عن نفسه " ، وعلوّ
الهمّة من الإيمان ، وهو يدلّ على شرف النفس وسموّها ، وتطلّبها لمعالي الأمور ،
ونفرتها من الدنايا ، وأيّ شيء يدعو دنيّ الهمّة إلى التغيير .؟! وإنّ الله تعالى يحبّ
معالي الأمور ، ويكره سفسافها ، وما أحسن قول الشاعر :
وإذا كانت النفوس كباراً تعبتْ في مرادها الأجسامُ
ويقترن علوّ الهمّة بالثقة بالنفس ، فلابدّ لعالي الهمّة من أن يكون واثقاً بنفسه ، ثقة
تعينه على العمل بهمّة ، وتذلّل له العقبات ، ولكنّ آفة الثقة بالنفس في كثير من
الناس أنّها تبلغ حدّ العجب بالنفس والغرور ، فبينهما حجابٌ رقيق ، لا يدركه كثير
من الناس ، ولا يميّزونه .. والعجب بالنفس والغرور هو من ضيق عَطَن الإنسان ،
وقلّة خبرته بالحياة ، ومعرفة ما عند الآخرين من طاقات وإبداعٍ ..
5 ـ ومن الخطوط العامّة لمنهج التغيير الإيجابيّ : قطع العوائق ، والتخفّف من
الملهيات والعلائق ، فالعوائق تقتل الطموح ، وتصدّ عن تحقيق الأماني ، وكثرة
الاشتغال بالملهيات والعلائق يُضيّع العمر في توافه الأمور ، ويجعل الإنسان يدور في
فلك ضيّق ، لا يحقّق هدفاً ، ولا يبني شرفاً .. والاعتدال أصل في حياة المسلم لا
معدى عنه .. وما أكثر ما تضيع الأعمار بالملهيات ، وتقتل بتوافه الأشياء .! فلا
يصحو الإنسان على نفسه إلاّ بعد ضياع الشباب والصحّة والفراغ ..
6 ـ ومن الخطوط العامّة لمنهج التغيير الإيجابيّ : الحذر كلّ الحذر من غلبة اليأس
من النفس ، وسوء الظنّ بالآخَرين ، فما من شيء يقعد الإنسان عن العمل ، ويقتل
فيه روح الجدِّ والطموح مثلُ اليأس من إصلاح النفس ، ومن قدرتها على تغيير
واقعها .. وما اصطاد الشيطان الإنسان في شَرَك لا فكاك له منه ـ إلاّ أن يشاء الله ـ
مثل ما اصطاده في شرك اليأس وَالقُنوط من رحمة الله ، ومبدأ ذلك اليأس من إصلاح
النفس .. وهو وسوء الظنّ بالآخَرين أخوان متلازمان ، وصنوان لا يفترقان ..
فاليأس من إصلاح النفس ، يعطّل طاقات الإنسان ، ويجعله يتآكل ويضمحلّ ، وسوء
الظنّ بالآخَرين .. يمنع من رؤية محاسنهم ، والانتفاع بهم ، فيتأكّد في نفسه اليأس
من التغيير .. وتلك مهلكة الإنسان ومقتله ..
7 ـ ومن الخطوط العامّة لمنهج التغيير الإيجابيّ : الحرص على الاستخارة
والاستشارة في الأمور كلّها ، فالاستخارة من علامات قوّة الإيمان بالله تعالى ، وما
خاب من استخار ، ولا ندم من استشار ، ومن استشار جمع إلى عقله عقل الناس ،
وإلى علمه علم غيره وخبرته ..
وإذ كان الإنسان أمام اختيارات عديدة في كلّ مرحلة من مراحل حياته ، فالاستخارة
والاستشارة يمكن أن تحدّد له الاختيار الأفضل لمسيرة حياته ، وحسن مآله ..
وينبغي أن يستشار في كلّ شأن أهل الخبرة فيه والاختصاص ، وأن يُحسِن الإنسانُ
اختيار من يستشيره ، فما كلّ من كان قريباً من الإنسان تحسن استشارته ، والأخذ
برأيه ، وأوّل شرط في المستشار أن يكون من أهل العقل والحكمة ، والدين والأمانة
، والخبرة في الحياة ، المشهود لهم بحسن الفهم والنظر في العواقب ..
وبعد ؛ فما أسهلَ الكلامَ وأصعبَ العملَ ! وما أحسنَ البيانَ إذا ترجمَ إلى عمل ! بل ما
أحسن البيان العمليّ ، الذي يتّصل بالقلب ، ويحرّك المشاعر .! أفتطمعُ أيّها المربّي
والداعية ! في تغييرِ منْ حولك ، وما حولك ، وتلومُ مَن يُقصّرُ في ذلك ، وأنت تعجزُ
عن تغييرِ نفسِك ، ولا تلومها على ذلك .؟!
وقد يظنّ بعض من يقرأ هذا المقالَ أنّه ملْتزمٌ بهذه الحقائق لا يخرجُ عنها ، ولو دقّق
النظر في حياته وسلوكه لرأى أنّه إذا أخذ ببعض هذه الحقائق ، فإنّه لا يلتزم بهَا
كلّها ، وإذا التزم بها في بعض الأمور ، فإنّه لا يلتزم بهَا كلّ شأن .. وربّما كانت
ضرورتُه إليها فيما لا يلتزم به فيها أشدَّ وأكبرَ .. وإنّما ينبغي أن تكون هذه الحقائق
هدي سيرة ومنهج حياة ، لِتُؤتي ثمراتها الطيّبة في تقويم السلوك ، وسداد المواقف
، والله الموفّق والهادي إلى سواء السبيل .!
نقلته لـكم راجيا الأجر من الكـــــريم الـــــوهاب
سبحـــانه وتعــالى ..
لاتحرم نفسك من الأجر وإحتسب ذلك برفع الموضوع ليستفيد
منه إخوانك المسلمين ,
اللهم يامقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا
على دينك .
جعلنا الله وإياكم ووالدينا من الآمنين يوم الفزع الأكبر ، ممن ينادون في ذلك اليوم
العظيم : ( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون )
اللهم أمين
محبكم
الـحـصـن
-------------------------------------- تستطيع المشاركة هنا والرد على الموضوع ومشاركة رأيك عبر حسابك في الفيس بوك
lh HsigQ hg;ghlQ ,HwufQ hgulgQ >>> hgjyddv !
|
| |