انعم الله على هذه البلاد باكثر كثيراً مما أنعم على غيرها. نِعمٌ لا تعد تحت الأرض. لا أقصد بذلك البترول بل لدينا تحت الأرض ما هو أثمن من البترول. فمنحنا الله في الدرع العربي كنوزاً لم تعط لسليمان، بها كل انواع المعادن. وأحسنت الحكومة صنعاً أن أنفقت مئات الملايين خلال 40 سنة في دراسات تفصيلية لها، فقد قامت هيئه المساحة الجيولوجية وقبلها وكالة الوزارة للثروة المعدنية بجهد تشكره لها أجيالنا القادمة، أعمال حقاً رائعة . ولم تستخرج الدولة المعادن ضناً بها للأجيال القادمة. فقد استمرت الحكومة بشكل صارم بجعل التعدين بيد الحكومة شأنه شأن استخراج البترول. إلا انه فجأة لمعت الأفكار إياها في متخيلنا وفي عام 2005 قررت وزارة البترول فتح المجال للقطاع الخاص، وواحر قلباه من القطاع الخاص وخاص الخاص. طالما كتبت وناديت وألححت في مقالات منها ما نشر ومنها ما رفض انه من الواجب أن تكون كل الامتيازات والاستثناءات والعقود الكبيرة محصورة في الشركات المساهمة فقط حتى ينتقل خير الوطن إلى كل أبناء الوطن وليس لفئة دون أخرى. إن التنمية الاقتصادية الحقيقية هي التي تعم بنفعها المجتمع كله. إن الضعفاء هم سبب رزقنا، فقد قال الصادق الامين « ابغوني ضعفاءكم وهل ترزقون الا بضعفائكم» أيجعلهم الله سببا للرزق ثم نستأثر بالرزق عنهم؟. فلأضرب لكم مثلين لما حدث ، كل منهما يشيب له الغراب الاسود المتغذي على الخروب الأسود ، فإن شاب رأس القارئ فهذه مسؤوليته هو وليس أنا ومن خاف الشيب فلا يكمل المقال . المثلان في معدن واحد فقط من عشرات المعادن . أعطينا رخصة استخراج ذهب في احد المواقع المدروسة لأحد المستثمرين فباعها إلى شركة استرالية بمبلغ 50مليون دولار فاكتشفت الشركة الاسترالية أن هذا الموقع به كنز من الذهب فباعته بدراساته إلى شركة أخرى بمبلغ 1.2 بليون (نعم بليون) دولار إلى شركة أخرى وهذه بدورها باعته بـ 7.5 بليون دولار. أبالله عليك ألم يكن أولادنا أولى بهذه الـ 7.5 بليون دولار ممن سيمتع بالامتياز مهما كان لطيفاً وظريفاً وخفيفاً ؟ بالله عليك كم فرصة عمل كانت ستخلق هذه المليارات لشبابنا ؟ ..الان حضّر صبغة الشعر واستمع لما سيشيب له رأسك في المثل الآخر، فقد منحنا لإحدى الشركات 16 امتيازاً للذهب لمساحة 2224 كيلومترا مربعاً، تعطيهم مئات المناجم كل منجم منها قد يحقق لهم ما ورد في المثال السابق وأضعافه ، لهم هم وليس للأمة . أبا الله عليك، بدلاً من أن نعطيه لقلة خاصة، أصعبٌ علينا أن ننشئ شركة عظيمة مثل شركة ارامكو تختص بالتعدين؟ أعقمت أمهات الوطن عن إنجاب النجباء؟. أكُتبَ علينا أن نغفل عن توزيع عطايا الله المخبوءة فوق الأرض وكذلك تحت الأرض على كل أبناء الوطن في شكل شركات مساهمة. كأنما حظنا الشبوك فوق الأرض والتشبيك تحت الأرض. اللهم إني أسالك بفضلك وكرمك ألا أدفن بعد موتي في منجم قطاع خاص ولا خاص الخاص فإن قطاع خاص الخاص سيأكل عظامي تحت الأرض كما أكل لحمي فوق الأرض.