خلصت دراسة حديثة إلى عدة توصيات أهمها دعوة الإسلاميين في المملكة السعودية عمومًا وتيار الإخوان المسلمين على وجه الخصوص إلى الدخول في حوارات مع رموز الليبرالية لفهمهم أكثر، وفهم أهدافهم، ورؤيتهم لمستقبل إسلامية البلد، خاصة أن الظروف الخارجية مواتية للدخول في مثل هذا الحوار باعتبار الثقل الذي ستمثله عناصر تنظيم الإخوان دوليًّا عقب الثورات العربية.
واستبعدت الدارسة التي ستصدر في يناير/كانون الثاني المقبل، والمتوقع أن تثير جدلاً سياسيا في أوساط النخبة السعودية دخول الإسلاميين في تحالف مع من سمتهم "ليبراليي السلطة" –الذين يقودهم بحسب الدراسة رئيس الديوان الملكي خالد التويجري- إلا أنها حثتهم على التحالف "مع مكونات التيارات الوطنية لبلورة رؤية للدولة الحديثة، تحمي البلد من الانزلاق الفكري أو التفكك الجغرافي".
"
دراسة :
على الإسلاميين سرعة السبق إلى استثمار شعبيتهم من أجل بناء مجتمع مدني متوافق مع التصور الإسلامي للحياة، لأن ذلك سيؤمن في المستقبل قوة للإسلاميين مستندة للشعب في مواجهة أي قرارات تخالف التشريع حتى لو كانت مستندة للقوة الملكية
"دعم الليبرو إسلامي
وحثت الدراسة –وهي باكورة إنتاج مركز دراسات الخليج بمصر الممول سعوديًّا- الإسلاميين على سرعة السبق إلى استثمار شعبيتهم من "أجل بناء مجتمع مدني متوافق مع التصور الإسلامي للحياة"، معللة تلك التوصية بأنها "ستؤمن في المستقبل قوة للإسلاميين مستندة للشعب في مواجهة أي قرارات تخالف التشريع حتى لو كانت مستندة للقوة الملكية".
وأشارت الدراسة التي حملت عنوان "ليبراليو السعودية وحقيقة قوتهم.. دراسة تحليلية"، في توصيتها الرابعة إلى ضرورة مساندة من سمتهم فريق "الليبرو إسلامي" بهدف تكوين تيار ليبرالي ذي مرجعية إسلامية ضد "ليبراليي السلطة" ذوي الجذور والامتدادات الأيدلوجية الغربية، بحسب ما جاء في الدراسة.
وفي سياق آخر أكدت الدارسة على ضرورة تنبه فصائل الإسلاميين إلى الطلاب المبتعثين إلى الخارج في الولايات المتحدة خاصة وفي أوروبا عموما، والتخطيط لاحتوائهم بعد عودتهم، باعتبار أن هؤلاء الطلبة سيكونون "الورقة التي سيراهن عليها فريق السلطة الليبرالي" لتدعيم ما وصفته بـ"السلوك الليبرالي الاجتماعي في المجتمع السعودي".
حرب الخليج وسبتمبر
حدثان رئيسيان رأت الدراسة أنهما شكلا "النواة الرئيسية" لتبلور فريق ليبرالي منظم، الأول حرب الخليج الثانية (الغزو العراقي للكويت) التي أدخلت النظام السعودي في مأزق مع الصبغة الدينية المتشددة التي كرسها قبل ذلك التاريخ، وبدأ الخلاف من نقطة الاستعانة بـ"الكفار" والسماح للقوات الأميركية بالتعسكر في الجزيرة العربية.
وانفتحت حينها ملفات كثيرة مثل الاختلاط وأرامكو وغيرها، وانعكست سهام المشايخ -التي لطالما استثمر النظام توجيهها إلى التيارات الفكرية غير الإسلامية والأشخاص المخالفين– إلى النظام نفسه، وارتفعت أصوات المطالبين بالإصلاح، الأمر الذي دفع النظام –وفقًا للدراسة- إلى تفكيك البنية التحتية للتيار الديني وإذكاء الصراع بينه.
أما الحدث الثاني التي ترى الدراسة أنه الأهم فهو أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 ، التي مثلت تحولاً آخر في رؤية النظام الحاكم على مستوى الخارج والداخل.
وتحت الضغوط الأميركية الشديدة، مثّل الحدث تحولاً رسميًّا للنظام نحو "الرؤية الليبرالية" وضمن إستراتيجية تعتمد على تحويل سلوك المجتمع إلى "الليبرالية الاجتماعية".
التهيئة الأميركية
وتقول الدراسة التي حصلت الجزيرة نت على نسخة من ملخصها التنفيذي، في أحد مقاطعها البحثية إنه "بينما كان الإسلاميون منشغلين بمعركة تعديل المناهج التعليمية بعد 11 أيلول، كان الأميركيون ماضين في إعادة تهيئة الأوضاع داخل الديوان الملكي لتطبيق الإستراتيجية.
فقد وصفوا في اجتماع خاص مع الملك عبد الله بن عبد العزيز -ولي العهد حينها- "خالد التويجري" بأنه "الأمين" القادر على تطبيق الإستراتيجية، وعلى إثره عين رئيسا للديوان الملكي، وانعكس ذلك الأمر على خطاب الملك عبد الله الذي تحول من القومية إلى الليبرالية، وكذلك على القرارات المهمة التي تدفع باتجاه الليبرالية السلوكية، كما أن ذلك الأمر ظهر جليا عبر التفاف عدد من الليبراليين حوله كوزراء ومستشارين".
وتزعم الدراسة المثيرة للجدل أنه عندما وصل التويجري لرئاسة الديوان الملكي بدأ بإعادة هيكلة النخبة الليبرالية القليلة من وزراء ومفكرين ليبراليين لتحقيق الهدف وإن كان ذلك بأدوار وأحجام مختلفة، وحتى من كانوا يوصفون بأنهم "ليبراليون مستقلون" قربوا بطريقة تحافظ على استقلالهم ولكن ضمن دائرة خدمة الهدف الإستراتيجي.
لكنها توجه "نقدًا" للإسلاميين في بعض تفاصيلها "لعدم إدراكهم لمشروع التبادل الثقافي" بين الرياض وواشنطن، الذي فتح باب الابتعاث لأكثر من ثمانين ألف طالب وطالبة، والذي يعد "المظهر الوحيد لدفع المجتمع للتحول إلى الليبرالية عبر إعادة بناء الوعي في مناخ مناقض تماما للبيئة السعودية، وإعادة تموضع للنخبة الليبرالية في المؤسسات المهمة".
رائف بدوي يقول إن هدف هذه الدراسة هو تهييج الرأي العام ضد مشروعات الملك الإصلاحية(الجزيرة نت)
تحريض
حاولت الجزيرة نت الاتصال بعدد ممن وردت أسماؤهم في تفاصيل الدراسة القادمة، إلا أنهم فضلوا "عدم التعليق دون إبداء أي أسباب تذكر".
وبينما علق الناشط الليبرالي البارز رائف بدوي على نتائج الدراسة البحثية وتوصياتها بالقول للجزيرة نت إن إشكالية مثل هذه الدراسات أنها لا تعادي إلا المشروع الإصلاحي للملك عبد الله، لذلك هم لا يستطيعون نقد الملك بصفة مباشرة وينتقدون التويجري الذي لم يقدم شيئًا لليبراليين السعوديين على خلاف ما يشاع وسط نخبة وقواعد الإسلاميين الشعبية، حسب تعبيره.
واتهم بدوي –الذي يدير الشبكة الليبرالية السعودية الحرة على الإنترنت- من سماهم منتسبي فكر ومدرسة الإخوان المسلمين في السعودية الذين يقفون خلف "هذه الدراسات البحثية الأيديولوجية"، مضيفًا "أن هدف الدراسة المقبلة هو تهييج الرأي العام السعودي ضد المشروعات التحديثية التي يقودها الملك". منقول