وهذا الاعتقاد ناتج من كون حيوانات الماعز ، تحبس في حظائر وقت الصيف ، حينما يحل الليل .
وغالبا ما تضع الماعز مواليدها في هذا الوقت ، وهذا ما يجعل ضروع الماعز
تدراللبن ، لإرضاع صغارها ، مما يجعل قطرات منه تنزل على الأرض ..
وحيث أن طيور ( السبدان ) تعيش بالقرب من قطعان الماعز ، فان رعاة الأغنام يعتقدون أن تلك الطيور تتغذى على الحليب الذي تمصه من ضروع أغنامهم .
لكن المؤكد أن سبب وجود تلك الطيور بالقرب من هذه حيوانات الماعز ؛ ليس التغذي على حليبها ، كما يعتقد !
بل بسبب التواجد الكثير للحشرات ، التي نحوم حول قطعان الماعز .
- كما يطلق عليه في أمريكا الشمالية الغربية اسم ( Nighthawk ) صقر المساء
وهو في الحقيقة ليس صقرا ، ولا يمت إلى الصقور بأي صلة .
حيث أنه – كما سبق – من فصيلة طيور ( Nightjars ) السبدان .
- ويعرف في بعض المناطق باسم ( السّاهر ) ..
وقد جاءت تلك التسمية بسبب لمعان البقع البيضاء على جناحه ، أثناء طيرانه الليلي .
حيث أنه حينما يطير في المناطق الرّيفيّة ، أو المناطق الحضرية ، متابعا الحشرات الطّائرة في وقت الغسق ، أوالفجر .. فانه يبدو لمن يشاهده ، وكأنه مضرب كبير ، مضاء بالمصابيح الأماميّة ..
( يحط بين الإبل أو الغنم فيراه الراعي ، فيحاول صيده برمي الحجارة عليه ..
لكن كلما اقترب منه الراعي طار وحط قريباً منه ، فيتبعه حتى يلهيه عن رعيته ) .
- ويطلق عليه أحيانا اسم ( أبو النوم ) ، نظرا لنومه أثناء ساعات النهار .
- كما يدعى أيضا عند أهل البادية ، اسم ( مسالم ) ..
حيث أن هذا الطائر يتنقل بين قطعان الضأن ، والماعز باحثا عن الحشرات ، دون أن يسبب لها أي أذى . حيث أنه طائر وديع ، رائع ، يستقبل زائري البر بكل ود وترحاب ، وان كان على قدر كبير من الحذر .
وبسبب إطلاق أهل البادية على هذا الطائر اسم ( مسالم ) ، فقد وقع عند الناس خلط كبير بين هذا الطائر المسمى علميا ( با لسبد المصري ) ، أو محليا ( ملهي الرعيان ) – وهو من فصيلة السبدان – وبين طائر آخر من فصيلة ( القبر ) ، يدعى طائر ( المكاء ) ، أو كما يسمى محليا ( أم سالم ) .
السبد ، طائر طري الملمس ، لين الريش ،إذا وقع عليه قطرتان من الماء جرى .
وتتراوح ألوان ريشه بين البني الغامق المائل للحمرة ، والرمادي الباهت ، أو البني الذي يتخلله نقط بيضاء ، وأحيانا يكون ريشه بلون أبيض وأسود .
وتعيش معظم هذه الأنواع من طيور السبد على الأرض ، وتساعدها ألوانها تلك
في عملية التمويه ، والتخفي .
حتى أن الأنثى يمكنها أن تجلس بكل هدوء على صخرة ملساء ، في العراء كل يوم ، دون أن ترى ، وذلك للتشابه الحاصل بين لون ريشها ، ولون الأشياء المتواجدة في المكان الذي تضع فيه بيضها ..
حتى أنه بالكاد يستطيع المرء تمييز مكان العش وسط هذه الأجواء المحيطة .
وهذا ما يكفل لها ، تمويها فعالا ، يحميها من الضواري ، مثل : الصقور والثعالب.
ويشبه الذكر الأنثى في لون الرّيش، لكنّ الأنثى يوجد على جناحها بقع بيضاء
صغيرة .
لذلك سماه رواد الصحراء ( ملهي الرعيان ) ، أو ملهية الرعيان ( للأنثى ) .
وأحيانا يطلق عليه أهل البادية اسم ( مسالم ) ؛ لأنه يطير بجوار الأغنام ، ولا يسبب لها أي أذى ..
ويرافقه - غالبا - في الصحراء طائر الحمّرة ( يميل لونها إلى الحمرة قليلا ) ، وكذلك طائر
( القوبع ) ؛ وهي أكثرَ استئناسا منهما ، وتقترب من المساكن والمزارع كثيرا.
ويقوم طائر السبد بحراسة منطقته ، التي تبلغ مساحتها ( 1000 متر مربع ) من أي هجوم .
من المعلوم أن عظاءة ( الورل ) ، من العظايا ، الزاحفة ، المفترسة ، التي تمثل
خطرا كبيرا على كل أنواع الزواحف ، والقوارض ، التي تعيش في الصحراء ..
فهي جميعا تهابه ، حتى الإنسان نفسه لا يقوى على مواجهته في بعض الأحيان !
لكن الله سبحانه وتعالى قد سلط هذا الطائر المسمى السبد ( ملهي الرعيان ) أو
( مسالم ) للقضاء على هذه العظاءة الزاحفة الخطيرة ..
يبدأ طائر ( ملهي الرعيان ) بالتحليق فوق حمى منطقته ، للدفاع عنها ضد كل دخيل ..
وأثناء خروج عظاءة ( الورل ) للبحث عن فريسته ، يقتحم منطقة طائر ( ملهي الرعيان ) .
فما يلبث طائر ( ملهي الرعيان ) حتى يهب للدفاع عن منطقته ، وبيضه ، وأفراخه ..
فيأخذ بالاقتراب من الورل شيئا فشيئا ، حتى إذا أصبح فوق رأسه اتجه إلى منطقة اليافوخ
( مقدم رأس الورل ) ، ثم قام بنقر ذلك الموضع من رأس الورل نقرتين ، فأكثر ..
حتى إذا انتهى من عملية النقر ( الأولى ) ، وأصبح الموضع الذي أحدث فيه النقر جاهزا ، تأتي مجموعة من طيور السبد الأخرى ( ملهيات الرعيان ) ثم تقوم بإتمام عملية النقر التي بدأها الطائر الأول ، وتنقر عدة نقرات متواليات ( في الموضع نفسه ) ..
إلى أن يتوقف الورل عن الحركة !
بعدها تدرك طيور ( السبد ) أن هذا الزاحف ، قد أصبح جثة هامدة !