أصبح معتاداً بالتزامن مع صرف الرواتب بالشهر الهجري أو الميلادي، أو أثناء مواسم الأعياد والإجازات، أو مع بدء التداول على أيٍّ من الإدراجات الحديثة في أول يوم لتداولها، أن تتعطّل أو تُشل أنظمة المدفوعات البنكية سواءً عبر أجهزة الصرف الآلي، أو عبر نقاط البيع. بالنظرِ إلى التكرار الزمني للمناسبات التي تتعطّل خلالها تلك الأنظمة، يتبيّن أنها على أقل تقدير تتكرر بمعدل مرتين شهرياً، وما يزيد من حالة الإرباك الذي يتعرّض له المستفيدون من تلك الأعطال، أنها مع الزمن تتزايد وتتفاقم تكلفتها، في الوقت الذي نشهد فيه تنامي هوامش البنوك (%29 إلى رؤوس أموالها)، وفي الوقت الذي تُشكّل فيه عوائد أتعابها البنكية أكثر من خُمس إجمالي دخل عملياتها!
دائماً ما تُشيد ساما والبنوك تحت جناحها (11 بنكاً محلياً، 13 فرع بنك أجنبي)، بخدماتها البنكية المخصصة للخدمات المباشرة للعملاء، مشيدةً بزيادة عدد فروعها، وعدد أجهزة الصرف الآلي، إضافةً إلى نقاط البيع. السؤال أمام هذه الأعطال المتكررة؛ هل ما تفخر به ساما وبنوكها أمرٌ دقيق؟ أم أنّه يخفي قصوراً واضحاً تتجاهله رغم تلك الأعطال؟
عودةٌ لبعض بيانات بنك التسويات الدولية BIS ومقارنتها محلياً، فإنك ستكتشف أن دولاً أقل دخلاً، وأكثر سكاناً، وأكبر مساحةً تتمتع بما لا تستطيع بنوكنا تحقيق حتى %10 منه! كمثال وليس حصراً وفقاً لعام 2011م، يتبيّن وجود فرع بنكي واحد لكل: (السعودية 17.2 ألف نسمة، الولايات المتحدة 2.6 ألف، تركيا 7.1 ألف، استراليا 4.0 ألف، جنوب أفريقيا 13.6 ألف، سنغافورة 10.9 ألف). وبنفس القياس يوجد جهاز صرف آلي واحد لكل: (السعودية 320 نسمة، تركيا 38 نسمة، أستراليا 30 نسمة، جنوب أفريقيا 182 نسمة، سنغافورة 58 نسمة). عودةٌ أوسع لبقية المؤشرات المقارنة تُشير لوجود قصور كبير، يؤمل من ساما وبنوكها تدارك الخلل ومعالجته، عوضاً عن إنكاره على حساب المجتمع المتضرر الأول منه.