تأخّر الخطاب كثيراً؛ لكنني كنت أدرك يقيناً أنه قادم، ومع الوقت بدأت أقلق.. هناك خلل في بريدي أو في شخصي بالتأكيد.. ربما أنا لا أستحق أن ينذروني؟
ثم جاء الخطاب الذي انتظرته طويلاً.. الحمد لله.. الدنيا لاتزال بخير..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
خبيرة غذائية تحذّرنا من استعمال المكرونة الآسيوية الدقيقة المسماة "إندومي"، التي يدخل في تكوينها ملح صيني يدعى "إجني موتو"، وهو يسبب تلفاً في خلايا المخ ويسبب سرطان الدماغ.
إن الإندومي يحتوي مادة E621 التي تسبب تسمم المخ وتسبب تراجع الذاكرة وضعفها. وتدهور القدرات العقلية وفقدان القدرة على التركيز ومعالجة الأمور الحسابية أو الرياضية المتوسطة، ثم تؤدي إلى غباء فعلي بدون مبالغة.
كذلك تؤدي الإندومي إلى الإصابة بالشلل الرعّاش والزهايمر والصداع المزمن، ومع الاستمرار في تناولها تؤدي للسرطانات مثل سرطان الثدي وارتفاع الكولسترول وضغط الدم والأزمات القلبية الحادة وغير ذلك الكثير... ونحن - والكلام لخبيرة التغذية- نقدّمها ونجعلها الوجبة الرئيسية للعشاء لفلذات أكبادنا ونستغرب عندما نراهم لا ينامون، ونراهم في المنزل يجرون ويصرخون ويقلبون البيت، وتظهر منهم مشاغبات ليس لها حدّ، ونقول هذا جيل اليوم.. أَمَا حان الوقت لنأخذ موقفاً من هذه المنتجات والتأكّد من مكوناتها، والبحث عن مضارّها ومنافعها قبل استعمالها؟
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وهكذا أضيف عنصر جديد إلى قائمة الإنذارات اليومية التي سترسل بنا إلى معهد الأورام ثم القبر. كلنا ذاهبون للقبر قطعاً؛ لكن لا يحبّ أحدنا أن يسبق ذلك ترانزيت في معهد الأورام أو مركز الكلى أو معهد الكبد لا سمح الله.
على كل حال يسهل تصديق هذا الخطاب جداً؛ لأن كل أب يعتبر أبناءه أغبياء وغير طبيعيين.. ما هو السبب؟.. لا يمكن أن يكون السبب وراثياً لأنه -الأب- عبقري.. إذن المشكلة فيما يأكله هؤلاء الأوغاد الصغار.
هذا الخطاب بالذات قوي التأثير جداً لدرجة أنه أدى لصدور فتوى عراقية تقضي بتحريم أكل الإندومي، ولا لوم على صاحب الفتوى طبعاً لأنه استند إلى كلام العلماء الذي يقضي بوجود ضرر أكيد.
هذه القائمة الطويلة من الأمراض التي تسببها الإندومي - كأنك تتعامل مع مخلفات الشيطان- تثير الريبة فعلاً. عندما يشكو لي المريض من رأسه وقلبه ومعدته وقدميه وتنفّسه؛ فإنني أرجح أن المرض الحقيقي موجود في عقله.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
مادة مونو صوديوم جلوتامات أو MSG هي نفسها E621 ، ونحن نعرف أنها تستخدم كمكسب طعم في كل شيء تقريباً. معظم الدراسات التي أجريت عليها تقول إنها مأمونة بالجرعات العادية... لو أخذت أي شيء بجرعات زائدة؛ حتى لو كان فيتاميناً فهو مضرّ بالتأكيد، وبالطبع هناك أشخاص قد يكونون مصابين بحساسية للجلوتامات، أو لا يجب أن ينالوا جرعات إضافية من الصوديوم، هم يعرفون هذا؛ لهذا اشترطت الحكومات كتابة أن المنتج يحتوي هذه المادة.. الدراسات كثيرة جداً لأن هذه المادة مفضلة للذعر.
ومن حين لآخر يعود الكلام عن أنها خطرة أو مسرطنة.. لكن العالم الأمريكي "هارولد مكجي" يؤكّد في كتابه عن الطعام والطبخ: "العلم وتقاليد المطبخ – 2004" خلاصة هذه الدراسات التي تؤكّد أن هذه المادة بلا أي خطر.
نفس الشيء أكّدته الـ FDA، الصينيون أجروا دراسة مدققة واسعة فوجدوا أن الخطر الوحيد لهذه المادة زيادة الوزن.
على كل حال تبيّن أن هذا التهديد الزائف يدور عبر الإنترنت منذ عام 2007، وهناك تهديد زائف آخر يعود لعام 2000 عن أن الأكواب الرغوية التي تقدّم فيها "النودلز" تسبب تسمّماً بالمادة الشمعية المغطية للمكرونة... كلام فارغ هو الآخر.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
تهديد آخر من هذا الطراز العجيب يتعلق بأكل الجمبري.. لو أكلت جمبري ثم أكلت بعده البرتقال أو أقراص فيتامين (ج) فأنت تكتب شهادة وفاتك.
الباحثون في جامعة شيكاغو وجدوا أن لحم الروبيان (الجمبري) يتضمن تركيزاً عالياً من مركبات الزرنيخ مع البوتاسيوم.. مع فيتامين سي، يتحول الزرنيخ إلى ثالث أكسيد الزرنيخ، ويقتل الشخص الأحمق.
حتى قبل أن تبحث عن المعلومة؛ فمن الصعب تصوّر أن يؤكسد فيتامين سي الزرنيخ؛ بينما هو عامل مختزل معروف.. فيتامين سي لا يؤكسد بل يمنع الأكسدة! طبعاً تبيّن أن هذا التهديد كلام فارغ خال من الصحة، وهذه الإشاعة تجوب شبكة الإنترنت منذ عام 2001، ولا يبدو أنها ستموت أبداً لأن كل واحد يعرفها يعتقد أنه عرف شيئاً لم يعرفه أحد من قبل.