ألمح محللون ماليون بأن هناك نحو 25 شركة مدرجة حاليا في سوق الأوراق المالية، مهددة بالخروج من السوق، نظرا لتكبدها خسائر خلال الفترة المقبلة، وأن أغلب تلك الشركات ستكون من شركات التأمين التي تم إدراجها. ودعا المحللون إلى تشكيل لجنة خاصة لتحليل القوائم المالية للشركات، خاصة قطاع التأمين بشكل ربع سنوي المهددة بالوقوع في الخسائر، والتي من خلالها يمكن التوصية بإيقاف أي شركة لا يمكن أن تستمر منذ وقت مبكر قبل الوقوع في كارثة الخسائر التي تهدد وضع سوق الأسهم. وانتقد المحللون، آلية إدراج الشركات في سوق الأوراق المالية، التي يرون أنها سلبية وغير قادرة على الحفاظ على السوق من الخسائر، وقالوا: "ما زالت هناك واسطات قادرة على إدراج شركة غير مستوفية للشروط في السوق، ونحن نحتاج أن تكون هيئة سوق المال أكثر قدرة على ضبط السوق وإبعاد الشركات غير الجديرة بالبقاء وعدم إدخال أي شركة في المستقبل للسوق إلا وهي مستوفية لجميع الشروط". وعزا الدكتور علي التواتي المحلل الاستراتيجي وأستاذ الاقتصاد والتمويل في كلية إدارة الأعمال في جدة، أسباب تجنيب سبعة مصارف سعودية 1.9 مليار ريال مخصصات خسائر ائتمان في الربع الثالث من العام الجاري، إلى الخسائر التي تكبدتها شركة المعجل، مشيرا إلى أن الأخيرة تسببت في تعرض سبعة مصارف لديونها، وكذلك لارتفاع نسبة محفظة الإقراض للأفراد خلال شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، الأمر الذي معه تحركت بعض المصارف لرفع نسبة الفائدة وذلك حسب ماذكرت صحيفة "الأقتصادية".
وقال التواتي: "يجب أن يكون هناك آلية يتم من خلالها إخراج الشركات المدرجة في سوق الأوراق المالية والمعرضة للوقوع في خسائر دون أن تؤثر تلك العملية في باقي شركات السوق من خلال الأخبار أو التصريحات التي تصدر عن بعض الجهات بين الحين والآخر، حيث يجب أن يكون هناك حد معين للديون التي عند بلوغ مستواها يتم إخراجها فورا حماية للسوق والمستثمرين فيها"، مردفا: "على المضاربين في السوق والمستثمرين أن يتحروا عن أسهم الشركات التي يتم فيها تدوير رساميلهم، وعليهم أن يعوا أن ليس كل شركة مدرجة في سوق الأوراق المالية هي شركة جيدة وجديرة بتحقيق المكاسب لهم".
وأفاد التواتي بأن على المضاربين في السوق والمساهمين أن يأخذوا بنتائج التحليلات الأساسية بعيدا عن التحليلات الفنية، حيث إن الأخير لا يهتم سوى بعرض نتائج السهم من حيث الصعود أو الانخفاض دون التعمق في أساس أسهم تلك الشركات التي قد تكون معرضة للخسارة في أي لحظة، مبينا أن التحليل الفني جعل من السوق السعودية في منأى عن أي ضمان حقيقي للاستثمارات المالية. ويرى أستاذ الاقتصاد والتمويل في كلية إدارة الأعمال في جدة، أن آلية إدراج الشركات في سوق الأوراق المالية سلبية وغير قادرة على الحفاظ على السوق من الخسائر، وقال: "ما زالت هناك واسطات قادرة على إدراج شركة غير مستوفية للشروط في السوق، ونحن نحتاج أن تكون هيئة سوق المال أكثر قدرة على ضبط السوق وإبعاد الشركات غير الجديرة بالبقاء وعدم إدخال أي شركة في المستقبل للسوق إلا وهي مستوفية لجميع الشروط". وقدر التواتي، عدد الشركات المدرجة في سوق الأوراق المالية وهي غير جديرة بالبقاء ويحتمل خروجها من السوق لتعرضها للخسائر بنحو 25 شركة وعلى رأسها بعض شركات قطاع التأمين التي تم إدراجها في السوق، مشددا على ضرورة تشكيل لجنة خاصة لتحليل القوائم المالية للشركات بشكل ربع سنوي على الشركات المهددة بالوقوع في الخسائر، والتي من خلالها يمكن التوصية بإيقاف أي شركة لا يمكن أن تستمر منذ وقت مبكر قبل الوقوع في كارثة الخسائر التي تهدد وضع سوق الأسهم". وأضاف التواتي: "النمو المفاجئ لمخصصات خسائر الائتمان في المصارف التي بلغ الإجمالي لها في سبعة مصارف خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري بنسبة 57.1 في المائة لتسجل ما قيمته 3.94 مليار ريال مقارنة بـ 2.51 مليار ريال في الفترة نفسها من العام الماضي، يجعلنا متأكدين تماما أن المصارف لم تستوعب الدرس جيدا الذي لقنتها لها تلك الخسائر التي لحقت بمجموعة القصيبي ومعن الصانع، حيث إنها اليوم تأتي لتواجه خسائر شركة المعجل"، مبينا أن الأسلوب وإن اختلف إلى أن الدرس والمنهج واحد.
وزاد التواتي: "شركة المعجل غررت بالمصارف من خلال تقديمها عقودا موقعة مع الدولة سهلت أمامه الأمر للحصول على تسهيلات، ولكن في حقيقة الأمر أن تلك العقود تم توقيعها بقيمة أقل بكثير من القيمة الفعلية لتنفيذ المشروع، مستغلا بذلك نظام المنافسات والمناقصات الحكومية الذي يمنح المناقصة للأقل سعرا، وهو النظام الذي بوجهة نظري يجب أن يتم النظر في تغييره وتعديله، خاصة أنه يتسبب في حرمان المستحقين من الفوز بعقود تلك المشاريع"، لافتا إلى أن المعجل كان يعول كثيرا على كسب المناقصات بأي شكل كان ومن ثم الرفع لاحقا بخطابات استرحام لتعويضه عن خسائره مستندا على بعض المبررات كالظروف الدولية وغيرها".
من جهته، قال الدكتور خالد البسام أستاذ الاقتصاد المشارك في جامعة الملك عبد العزيز: "ارتفاع مخصصات خسائر ائتمان في سبعة مصارف وفقا لنتائج القوائم المالية التي ظهرت أخيرا على مستوى الربع أو المجمع لتسعة أشهر، تؤكد أن هناك توقعات تفيد بعدم سداد بعض الشركات للقروض المترتبة عليها تجاه المصارف، التي جاءت على أثر تعثر شركة المعجل عن سداد قروضها للمصارف بعد أن تلقت موجة خسائر موجعة ستجعل منها عاجزة تماما عن الإيفاء بالمستحقات المترتبة عليها". وأبان البسام، أن المؤشرات تبين أن هناك عدم قدرة على الإيفاء بسداد القروض بشكل مرتفع عند بعض الشركات المدرجة في سوق الأوراق المالية خلال العام الجاري وفقا لما يلاحظ على نتائج وقوائم بعض الشركات المالية، مردفا: "المعجل لن تكون آخر شركة تخسر في سوق الأوراق المالية، هناك شركات مقبلة ستكشف عن خسائرها في الوقت القريب". وأشار البسام، إلى أن المصارف لم ترفع نسبة تجنيب مخصصات خسائر التأمين إلا بعد أن تم الاتفاق بينها وبين مؤسسة النقد، حيث إن الأخيرة تريد أن تحصر ضرر الديون المعدومة حتى لا تلحق آثارها بالسوق المالية السعودية"، داعيا إلى تصفية الشركات الخاسرة في سوق الأسهم وإخراجها من السوق، حفاظا على أموال المساهمين فيها.
ويرى أستاذ الاقتصاد المشارك في جامعة الملك عبد العزيز، أن هيئة سوق المال لديها قصور في التدقيق على القوائم المالية للشركات المدرجة في سوق الأسهم ولا تعلم عن الوضع المالي الصحيح للشركة، وقال: "المفروض على هيئة سوق المال أن تدقق في قوائم الشركات قبل إدراجها في سوق الأسهم، كما أنه كان عليها أن تعرف عن وضعيتها المالية وإمكانية البقاء في السوق، وعدم جعل الشركات التي تتعرض للخسائر بالإدراج في السوق بهذه السهولة، وأنه كان من المتوجب عليها أن تمنع أي شركة من الدخول في سوق الأسهم وهي غير قادرة على البقاء أو الحافظ على أموال المستثمرين فيها، وهنا أتساءل عن كيفية السماح لبعض الشركات بالتداول في السوق السعودية وهي ضعيفة وركيكة"؟