في البداية اسأل الله العلي العظيم ان يهون على كل مسلم فقد حبيباً غالياً عليه لان حرقة الفراق تولد الم في النفس وان اصعب لحظات الحياة هي فراق ألأحبة والفراق شيء صعب قد يكون أقسى ما يواجه الإنسان في حياته لاسيما إن كان هذا الفراق أبدي لشخصاً قريب منك أو حبيب اليك و الفراق قد يجئ فجأة فتفارق الروح الجسد الذي الفته وتصعد الى بارئها وتبقي لنا نحن الاحياء الذكريات وتبقى الاماكن شاهدة كالإطلال على الاثار والمواطن التي سكنتها تلك الروح مخلفة الآلام والجروح في نفوسنا وان الشوق والحنين ليحدونا الى اناس احياء أحببناهم وافترقنا عنهم وتمنينا الاتصال بهم من جديد لكن سقط بأيدينا وإن تجدد ذكراهم على النفس ومسامعنا هو تجدد للألم في كل ذكرى لذلك الحبيب الحي الغائب عن انظارنا ويكون الفراق أقسى في مرارته إذا افترقت الأرواح الحية وليست الأجساد فكم من شخص لا يفارق جسدك جسده ولكن روحه نأت عن روحك وحال الفراق بين هاتين الروحين. ويكون الفراق صعباً على النفس أيضاً عندما يكون المحب واهما في حبه من مشاعر حبيبته فيعيش حباً واهماً لشخص لا يبادله نفس الشعور وسأحاول هنا ان اتلمس قاع الفراق للوصول الى أي انواع الفراق الاربعة أبلغ في التأثير على النفس ؟ واشد وطئاً عليها من غيرها ؟ من حيث التأثير البالغ مستخدماً الاسئلة الاربعة التالية : 1- هل الموت هو أصعب انواع الفراق ؟
أن فراق الأرواح الحية المتلاصقة ليس أصعب من فراق الموت وان فراق الأرواح الحية مع بقاء الأجساد هو عدم وجود الائتلاف والتوافق بينها لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ولك مطلق الحرية في أن تبحث عن روح توافق روحك وتألفها.
كما أن فراق الأحياء سواء كان الفراق باختيارنا أم أجبرنا عليه فمع مرارة الفراق وألمه يظل هناك أمل باللقاء
ولكن ما حيلتك عندما يموت من تحب وتفترق روحك عن روحه للأبد وحينها تفقد كل أمل لك في رجوعه إلى الدنيا وتظل تعيش هذه الحياة لأنك حي.
ان فقد الزوج الحبيب أو الزوجة هو اشد أنواع الابتلاء فلا تستطيعه صبرا إلا بعون من الله وإن كان هناك نسيان فهو نسيان مؤقت لنكمل حياتنا ونتأقلم مع الوضع الجديد وليس لننسى من نحب .
ان مرارة انتظار الأحياء أهون بكثير من فراق الموت لان فقد الزوج الحبيب او الزوجة أشد أنواع الابتلاء فلا تستطيعه صبرا إلا بعون من الله لأنك بعد فقد الحبيب لا تشعر بلذة الحياة الدنيا وينعدم لديك الاستمتاع بكل شئ فيها وتنتابك فقط حالات الحزن مع كل ذكرى له ولا يخفف عنك مشاعر الفقد والأسى إلا الايمان بالله سبحانه وتعالى وبقضائه وبقدره والإيمان بأن أقدارنا مكتوبة ومقدرة قبل خروجنا الى الدنيا وأن الأجل محدد بساعة لا يتأخر عنها العبد ولا يتقدم .
ان فراق الاحياء اصعب من فراق الموت لأنه يستحيل ان نتذكر الحبيب طول العمر بعد موته وان من لطف الله بعبادة ان اودع فينا خصلتان هما النسيان و الامل
وكذلك ان فراق الارواح الحية ألمتلاصقة ليسـت أصعبهم جميعا لان فراق الأرواح الحية مع بقاء الأجساد
هو عدم وجود الائتلاف والتوافق بينها ويظل هناك أمل بإلقاء وان عدم التواصل الروحي بين الأزواج له حلول و بدائل.
ان فراق الاحياء أصعب من ألاثنين معا لأنك تعرف انك لن تراه رغم وجوده وتسمع عنه دون لقياه لذا لن تستطيع ان تنساه وكلما نسيته تجدد ذكراه بنقل اخباره اليك وستكون حرقة في القلب كلما تلقت حواسك ذكرى هذا الحبيب فترجع تندمل جروحك بعدما برأت ولن تندمل جروحك ببعدك عنه ولن تنسيك الايام مرارة فراقه لأنك حي.
وان ذكرى هذا الحبيب القريب البعيد ستظل باقية حتى الممات .
وتكون اشد وطأة على النفس عندما يقترن بغيرك ويستحيل الالتقاء فيسقط بيدك ويأخذوك الالم والحسرة
ان فراق الارواح الحية المتلاصقة اصعب من فراق الموت لان روحك نأت عن روحه رغم الملاصقة وحصل عدم التواصل الروحي بين هاتين الروحين ومن الصعوبة الحياة بين أرواح غابت العاطفة بينها وأصبحت علاقتها أمر مفروض أو مفروغ منه ولا يجمعها إلا وجود الأولاد أو روتين الحياة واعتبار البيت مجرد مكان للنوم والأكل فقط.
ان ارتباط الانسان بشخص ما وهذا الارتباط ليس صداقة ممكن ان تقطعها او معرفة عابرة مررت بها ، بل هو زواج نتج عنه اولاد وتكونت اسرة هنا يصعب الفراق .
ومنها قول الله سبحانه وتعالى ( وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً )
لكن كم سنـتذكر الحبيب او القريب بعد موته ؟
هل سنتذكره طول العمر ؟
مستحيل ذلك لان لله على الناس نعمتان لا تطيب بدونهما الحياة ولا يهنأ بغيرهما عيش هما : النسيان و الامل .
----------------
رابعاً - المحب الواهم في حبه من مشاعر حبيبته
ان اصعب انواع الفراق هو عندما يكون المحب واهما في حبه من مشاعر حبيبته فقد تكون هي استأنست بحديث له وافق شعورها الباطني وتوهمه هو ميلها له فيحدث الفراق من طرف واحد
ان وهم الحب ليس لك منه إلا كتابة مذكراته وسهر لياليه وتجول بخيالك لتبني صروحا عالية من خيال وأن تعيش احلام يقضه وهم حب ليس له وجود إلا لديك وكأني بحبيبك ينظر اليك مشفقا عليك لأنه ليس بيده حبك فأنت من اختاره وليس هو وهذا ما يسمي بالحب الاحادي الوهمي
وألان كلا يعطينا رأيه اما مضيفا لما سبق او مؤيدا لما اختارنا من الحالات الاربعة السابقة
وعموما كل الفراق ألم وحسرة ، وكل الفراق قضاء الله ومن أركان ديننا الإيمان بالقضاء وتبقى ثقتنا برحمة ربنا ولطفه بعباده وأنه خير معين لنا هو ما يجعلنا نرتاح وتستقر أرواحنا.