في الوقت الذي من المتوقع أن يبلغ فيه حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن انفجار ناقلة الغاز في شرق العاصمة الرياض أمس حاجز الـ100 مليون ريال، أكد مسؤولون في شركات تأمين سعودية أن النظام المعمول به لوثيقة التأمين الموحدة لا يتحمل أكثر من 10 ملايين فقط من حجم الخسائر، إلا إن كان للمؤمن عليه اشتراطات إضافية.
وتوقعت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن يذهب ملف قضية انفجار شرق الرياض إلى قاعات المحاكم في السعودية خلال الفترة المقبلة، حيث من المتوقع أن يتحمل سائق مركبة ناقلة الغاز المتسببة في الحادث بقية الخسائر المالية الناجمة عن الحادث، وهو الأمر الذي قد يفتح خطا جديدا من النقاش حول بنود وآلية وثيقة التأمين الموحدة في البلاد.
وينص نظام التأمين في السعودية، على أن تتحمل شركة التأمين 10 ملايين ريال بحد أقصى من حجم الخسائر الناجمة عن الحادث، في حال إذا كانت السيارة المتسببة في الحادث مؤمنا عليها في الأصل، بينما يتحمل قائد المركبة بشكل شخصي بحسب هذا النظام بقية حجم الخسائر الناجمة.
وعلى ما يبدو فإن قائد المركبة والذي يحمل جنسية شرق آسيوية سيرمي بملف تحمل الخسائر الناجمة عن الحادث إلى الشركة التي تمتلك السيارة المتسببة بالحادث، وهو الأمر الذي سيقود فصول القضية إلى قاعات المحاكم للنظر في هذا الموضوع وحسمه بشكل نهائي.
وتشير المعلومات إلى أن انفجار ناقلة الغاز في شرق الرياض أمس، تسبب في أضرار كبيرة جدا لنحو 200 سيارة، معظمها تتبع أحد وكلاء السيارات في البلاد، حيث كان مقر تجمع سياراته الجديدة لا يبعد أكثر من 300 متر فقط عن موقع الانفجار، وهو ما قاد إلى أضرار كبيرة جدا ناتجة عن الحادث.
وأمام ذلك، كشف باسم عودة الرئيس التنفيذي لشركة «الدرع العربي للتأمين التعاوني»، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن نسبة السيارات المؤمن عليها في السعودية لا تتجاوز 50 في المائة فقط، مرجعا السبب في ذلك إلى عدم وجود نظام يضمن التأمين الإلزامي في كل عام، حيث إن التأمين مرتبط بشكل مباشر برخصة السيارة الصادرة عن «المرور».
وحول حادث انفجار ناقلة الغاز في شرق العاصمة الرياض والذي ذهب ضحيته عدد كبير من الوفيات والإصابات، قال عودة: «شركات التأمين المؤمنة على السيارة المتسببة في الحادث تتحمل الخسائر الناجمة عن الحادث، إلا أن وثيقة التأمين الموحدة في البلاد تنص على أن شركات التأمين لا تتحمل أكثر من 10 ملايين ريال»، مضيفا أنه «لا يعني ذلك، أنه لا يمكن رفع حجم التأمين إلى أكثر من 10 ملايين ريال، ولكن الموضوع يعود إلى العقد المبرم بين شركة التأمين والأطراف الأخرى».
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة «الدرع العربي للتأمين التعاوني» خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس أن وثيقة التأمين الموحدة تنص على أن صاحب المركبة يتحمل بشكل شخصي الخسائر التي تتجاوز حاجز الـ10 ملايين ريال، مبينا أن هنالك عددا من الشركات الكبرى تؤمن على ممتلكاتها باشتراطات إضافية تضمن تحمل شركات التأمين أكثر من المبلغ المذكور في العقد الموحد.
من جانب آخر، أكد مسؤول رفيع المستوى في إحدى شركات التأمين السعودية، طلب عدم ذكر اسمه، أن معظم عقود التأمين على الممتلكات التزمت بالوثيقة الموحدة، وهو ما يرجح أن شركات التأمين المؤمنة لن تتحمل أكثر من 10 ملايين ريال للخسائر الناجمة عن حادث انفجار ناقلة الغاز في شرق الرياض.
وحول إن كان هنالك تأمين شامل لدى وكيل السيارات الذي فقد معظم مركباته في الحادث، قال المسؤول ذاته «كل هذا يعود إلى عقد التأمين المبرم بين الوكيل وشركة التأمين، هل يغطي جميع الأخطار أم أنه ضد السرقات والسيول فقط، هذا الأمر يحتاج إلى النظر في صيغة العقد المبرم».
وكان قد حذر خبراء اقتصاديون مختصون في شؤون قطاع التأمين في حديث لـ«الشرق الأوسط» العام الماضي، من أن العدد الحالي لشركات التأمين في السوق السعودية ينذر بأزمة كبيرة تنتظر هذه الشركات، مما قد يؤدي إلى خروج بعضها من السوق مجبرة.
ولفت الخبراء حينها إلى أنه في الفترة المقبلة نتيجة زيادة عدد الشركات ستكون غير قادرة لقلة رؤوس أموال الشركات على تحمل تبعات الانخفاضات المقبلة للقيمة الاسمية في سوق الأسهم، معتبرين أن وصولها إلى عدد 31 شركة يعد كبيرا، كما يتوقع الخبراء أن تلجأ بعض هذه الشركات إلى الاندماج أو التحالف ليكون لديها ملاءة مالية أكبر حتى تستطيع الاستمرار.
ويعتبر الخبراء أن العدد المناسب لهذه الشركات في السوق السعودية يتراوح ما بين 15 و20 شركة على الأكثر.
وقال عماد الدين وفيق الحسيني، نائب رئيس لجنة التأمين بغرفة الشرقية، لـ«الشرق الأوسط» حينها: «إن المشكلة الأكبر التي تصادف قطاع التأمين هي ضعف المسوقين وقلة الكوادر القادرة على تعزيز ثقافة الراغب في الاستفادة من خدمة التأمين».
ويضيف الحسيني أن «قطاع التأمين كان له الكثير من الإيجابيات التي أضفاها على السوق السعودية وكان له تأثير بارز على الحياة العامة للمجتمع، وخصوصا أن خدمات التأمين تتسع لتشمل قطاعات بالغة الأهمية في الحياة العادية للإنسان، كما تبرز أهمية التأمين بالنسبة للمستثمر في المجالات الصناعية والتجارية وغيرها».
ويبين الحسيني أنه رغم هذه الأهمية التي تتطلب عددا من الشركات لتقديم التأمين بمختلف درجاته، فإن المشكلة الكبرى التي تواجه شركات التأمين هي التخمة التي أصابت السوق نتيجة تأسيس عدد كبير من الشركات، في حين أن الكوادر التي لديها القدرة على العمل في هذا القطاع والسير به إلى بر الأمان قليلة.
وأضاف: «هذه القلة في الكوادر القادرة على تقديم وتسويق التأمين، تجعل من النشاط التأميني بكامله عرضة للمخاطر، وخصوصا أن وفرة المنتج وضعف تسويقه يؤديان في النهاية إلى الخسارة».
ووصف الحسيني حال منتجات التأمين في السوق السعودية بالبضاعة الصحية الوفيرة والتي لا تجد من يشتريها بسبب عدم المعرفة بفوائدها، وهذا أمر بالغ الخطورة على حد تعبيره.
من ناحية أخرى، قال محمد عبد الله بوخمسين، عضو لجنة التأمين في غرفة الشرقية، لـ«الشرق الأوسط» حينها، إن المشكلة تكمن في عدد شركات التأمين المدرجة في سوق الأسهم السعودية، وعلى حد وصفه، بات عددها يفوق المطلوب حيث إنه من المفترض ألا يتخطى عدد هذه الشركات الـ20 شركة، ولا يقل عن 15 شركة، وقال «لكن العدد الحالي أغرق السوق بشركات تأمين يتم تداول أسهمها مع أن قرابة نصفها ليس له مستقبل واضح وقد تعلن خسائر كبيرة تطال رأس المال، وسيتطلب ذلك بالطبع تدخل مؤسسة النقد العربي السعودي التي تقع تحت مظلتها شركات التأمين»