كنت أتحدث مع زميل في مواضيع شتى ، وعندما تطرقنا للحديث عن السكن شعرت أن الرجل يتحدث بحسرة وأسى عن هذه القضية بالذات ، لدرجة أنه في أثناء حديثنا ضرب بقوة بكلتى يديه على فخذيه وقال عبارته التي تحمل كل معاني الألم والحسرة لمواطن اقترب من الخمسين من عمره ولديه عدة أبناء ولم يستطيع تملك بيت يأويه هو وأبناءه ( أبغااااا أسكن ) .
شعرت أنا أيضا بالحزن والألم عليه وتطايرت في ذهني عدة أسئلة ؟؟
هل يعقل أن يعاني أكثر من نصف الشعب من مشكلة السكن ؟
وهل يعقل أن تكون هذه المعاناة تحدث لمواطنين في دولة تملك وتسيطر على أهم سلعة اقتصادية في العالم وهي النفط؟
وهل يعقل أن تكون هذه المعاناة في بلد يملك مساحة تفوق عدة دول مجتمعة وسكانها أقل من إحدى هذه الدول ولانجد هذه المشكلة في تلك الدول مجتمعة ؟
وهل يعقل أن تجد ملايين من الناس لا يجدون سكن وفي نفس الوقت تجد عدة أشخاص لا يتجاوزون العشرة أشخاص يسيطرون ويحتكرون أراضي من سنوات تكفي لهؤلاء الملايين ؟
وهل من المعقول أن تظل الدولة صامتة عن هذه المشكلة من أجل قلة قليلة من أصحاب الكروش لتمتلئ جيوبهم بالقروش ؟
وهل يعقل أن تدفع الدولة مليارات الريالات لوضع حلول للسكن أشبه بالحلول في العهد الشيوعي حيث يتم تكديس البشر من خلال مجمعات سكنية وبالإمكان حل المشكلة دون اللجوء لهذه الحلول، والتي في الأصل لها أكثر من سنتين ولم نشاهد شيء على الأرض فما بالك بإنشاء 500 ألف وحدة سكنية ؟!
وهل معقول لو سلمنا بهذه الحلول وحلت جزء من المشكلة أن نظل نضع الحلول الترقيعية فماذا عن الأجيال القادمة ؟
والعجيب أن المشكلة لم تنشأ لأسباب منطقية وطبيعية سواء أسباب اقتصادية كالفقر أو حروب أو جغرافية كصغر المساحة ..الخ والتي ممكن أن نقبل بها بقدر ماهي ناشئة من أسباب غير منطقية تتعلق بعلاقة الساسة وصانع القرار بالأثرياء ودخول الساسة في التجارة والطمع والشجع والمحسوبية وسوء الإدارة والتخطيط وتوزيع الثروة ناهيك عن أنه من الممكن أن يكون هناك نظرية يؤمن بها أحدهم بإشغال الناس بمعيشتهم ومشاكلهم وهمومهم والتي قد تكون هي القشة التي تقصم ظهر البعير؟! وينقلب السحر على الساحر!!
وأحيانا أشعر أن هناك من يريد أن تستمر المشكلة لكي يدفع بالناس لكي تلجأ للبنوك وتقترض لشراء المنازل لتحقيق مصالح مجموعة من الناس على حساب ملايين من المواطنين والتي قد يكون لها أسباب كارثية على الاقتصاد المحلي في حالة حدوث أزمات داخلية أو إقليمية أو عالمية
السؤال الأخطر من المعروف أن غالبية سكان السعودية فوق العشرين سنة من الشباب نسبة كبيرة منهم فيهم القارئ الواعي الفاهم ولديهم احتياجات وطموح وآمال ، فهل سيملك الصبر والحلم والعقلية التي كان يفكر بها آباءهم تجاه مشاكل البلد الكثيرة ؟؟ أشك في ذلك!
ختاما لو هناك نية صادقة لحل مشكلة السكن أو غيرها فهناك حلول أسهل وذات بعد استراتيجي لن يعجز عنها المسئولين لكن بدأت أشك أن وراء الأزمة ما وراءها ؟!