هي المرة الأولى التي أحضر فيها مؤتمراً علمياً وأشعر بجدية طرحه، هي المرة الأولى التي أجد فيها مؤتمراً يطرق جميع أبواب المسؤولين من أجل ايجاد حل حقيقي وجذري لمشكلة ما، هي المرة الأولى التي أحضر فيها مؤتمراً وأجد القائمين عليه لا يبحثون عن "فرد العضلات" أمام الجهات الأخرى وإنما استثمار كل دقيقة في بحث ما تم الاجتماع من أجله، هي المرة الأولى التي أرى فيها أن مؤتمراً في بلادي "لا ينتهي بنهاية طرح توصياته".
أنا أتحدث هنا عن المؤتمر الدولي لأنماط الحياة الصحية والأمراض غير السارية في الوطن العربي والشرق الأوسط الذي نفذته وزارة الصحة، وقامت بدعوة أصحاب القرار في جميع الجهات ذات العلاقة لإيجاد حل جذري لهذه المشكلة، حيث تواجدت فيه كل من وزارة التربية والتعليم، والزراعة، والتجارة والصناعة، والإعلام، والشؤون البلدية والقروية، وهيئة الغذاء والدواء، والرئاسة العامة لرعاية الشباب، واجتمعوا على طاولة مستديرة جمعاً وفرادى على مدى ثلاثة أيام، وخرجوا بتوصيات مشتركة "قابلة للتطبيق".
ومرة أخرى يثبت جراح فصل التوائم أنه الأقدر على مثل هذه العمليات المعقدة وإدارتها، فما إن انتهت فعاليات المؤتمر حتى بدأت الوزارة بترجمة هذه التوصيات إلى استراتيجيات وطنية يتم تنفيذها عبر جميع الأطراف "كل حسب توجهه"، وإذا ما قامت هذه الجهات بدورها وأكملت ما وضعت حجر أساسه الصحة، فسيأتي اليوم الذي نرى فيه وضع حل جذري لارتفاع أرقام هذه الأمراض، فوزارة الصحة لن تستطيع وحدها حل المشاكل الصحية فهي جزء من مشكلة لم تنطلق منها وإنما انتهت عندها.
والأهم هل سيأتي اليوم الذي سيعي فيه من يتهم الصحة "وحدها" بالتقصير، بأن مشكلة ارتفاع هذه الأمراض تبدأ من الفرد ونمطه المعيشي وتنتهي بمجموعة عوامل تشترك فيها كل الجهات المذكورة أعلاه، إن كانت الاجابة نعم فاسمحوا لي من هذه اللحظة أن أزف إلى مسامعكم نبأ نجاح المملكة العربية السعودية في وضع حد لانتشار الأمراض غير السارية، وإن كانت لا فلن تكون هناك إجابة شافية أبلغ من تصريح المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط الدكتور علاء الدين العلوان والذي نبه بأن العالم العربي، وكذلك إقليم الشرق الأوسط سوف يشهد وقوع 2.6 مليون وفاة عام 2015، وسترتفع لتصل إلى 3.8 مليون وفاة عام 2030.