هل ينبغي أن تكون شعبوية أي برنامج تلفزيوني معياراً أساسياً للحكم على نجاحه سواءً من قبل القناة التلفزيونية التي تذيعه أو الجمهور الذي يشاهده؟ إذا كانت الإجابة بنعم فمعنى ذلك أن برنامجا مثل «أحمر بالخط العريض» الذي أشبعناه في السعودية هجوماً ووصفته صحافتنا بالشذوذ والعنصرية هو برنامج ناجح، وبرنامج «الاتجاه المعاكس» الذي نصفه دوماً بالمنحاز و«الهمجي» والباحث عن الإثارة هو برنامج ناجح بالمثل. وعلى المستوى الدولي أيضاً هناك برامج غربية مثل «هيرالدو» و«جيري سبرنقر» تحظى بشعبية عالية، لكنهم هناك يملكون الجرأة لتصنيف تلك البرامج بالتصنيف اللائق بها.
يعز عليّ بعد هذه المقدمة أن أضع برنامج «الثامنة» الذي تقدمه قناة إم بي سي الرائدة ضمن تلك البرامج التي تبحث عن الشعبوية وتجعلها همها الأوحد دون مراعاة للمهنية وأخلاقياتها. برنامج يحرص بعناية فائقة على اختيار القضايا التي تلامس صميم هموم المواطن، ليس لعلاجها أو تسليط الضوء عليها ولكن لتوظيفها تجاريا دون أن يجرؤ على الخوض في أعماقها وأسبابها الحقيقية، وكل ما يقوم به هو الاكتفاء بالتنفيس اللحظي للاحتقان الذي يعاني منه المجتمع.
لقد فقد برنامج «الثامنة» البوصلة وتجاوز مرحلة «الزعيق» و«الردح» إلى الشتيمة والتهديد لضيوف البرنامج: «غجري ..ما يفهم.. زبالة»، وصولاً للدعاء على المسؤولين كما فعل مع وزير الشؤون الاجتماعية «الله لا يوفقه». ثم والأدهى من كل ذلك تحول البرنامج إلى منبر للعنصرية البغيضة وشرعنتها والتحريض عليها، فالأجانب جاءوا لنهب ثروات البلد وإفساده وسلب الوظائف من مواطنيه.. فيجب على «طوني وأقاربه أن يغوروا» وعلى «الأجانب أن يضفوا وجوههم»، والقول لمواطن «إنت كيف حصلت على الجنسية السعودية؟». عبارات لو قيلت في بلد لديه قانون يجرم العنصرية ويعاقب عليها لكان قائلها اليوم يدفع ثمناً غالياً.
أعلم جيداً أن كلامي هذا لن يعجب «المحتقنين» والبسطاء، لكن «الثامنة» يجب تقويمه أو إيقافه.