الناس يتشاءمون من الغراب و يرونه نذير شؤم و السر في ذلك يرجع إلى حادثين مهمين في تاريخ البشرية : الأول دور الغراب في قصة ابنيّ آدم حيث ارتبط بالقتل و دفن الموتى لأنه كان المعلم الأول لقاتل أخيه ليريه كيف يواري سوءته و يدفن جثته. أما الحدث الثاني فهو طوفان نوح ،فيحكى أن نوحاً عليه السلام أول ما أرسل من الطيور لاستكشاف اليابسة بعد الطوفان كان الغراب ، فنسي الغراب مهمته الأساسية وانشغل بأكل الجيفة من جثث الغرقى ، فأرسل نوح الحمامة فلم تغب وعادت إليه وهي تحمل في فمها غصناً من الزيتون ، ومن هنا جاء تشاؤم الناس من الغراب لارتباطه بالموت وتفاؤلهم بالحمام لارتباطه بالطمأنينة و السلام ، وإلى اليوم لا تزال صورة الحمامة التي تحمل في فمها غصن زيتون رمزاً للسلام. وفي بعض الثقافات يعتقد الناس أن روح القتيل تتحول إلى غراب و لا تتخلص من هذه الحالة إلا بعد أخذ الثأر من القاتل.
هي إحدى فصائل رتبة العصفوريات أو الجواثم التي تضم نحو 56 فصيلة،
وهى أعظم رتبة في تعدد أنواع طيورها، إذ يتبعها أكثر من خمسة آلاف نوع من الطيور، يبلغ عدد أفرادها أكثر من نصف طيور العالم مجتمعة.
الغربان طيور متوسطة الحجم إلى كبيرة، تنتشر في جميع أنحاء العالم على اليابسة وتكثر في المناطق المعتدلة وتقل في المناطق الباردة، ومعظمها من الطيور المقيمة التي لا تهاجر، وقليل منها هو الذي يهاجر.
والغربان لصوص ماهرة في اختلاس البيض من أعشاش غيرها من الطيور الأخرى والتهام الفراخ. طعامها الأساسي هو اللحوم على أن غالبيتها تأكل كل شيء من الفواكه والخضروات والطيور والحيوانات الصغيرة والسحالي والأسماك والخبز والحشرات والديدان والجيف وغيرها، كما أنها تشرب الماء.
والغربان واسعة الانتشار في المناطق الحارة والمعتدلة والباردة حيث توجد في مناطق الأشجار والمزارع، في المدن والقرى، في الصحاري والقفار والسهول والجبال، والوديان والتلال فحيثما طاب لها المقام أقامت واستقرت، لكنها لا توجد في نيوزيلندا وفي بعض جزر بولينينزيا.
وهى طيور ذكية جدا، تمتاز بسواد لونها، وقوة منقارها وساقيها، وعدد أصابع القدم فيها أربعة يتجه أحدها إلى الخلف وهى صفة عامة في كل العصفوريات.
تبنى الغربان أعشاشها الكبيرة من الفروع والأغصان، وتضعها في قمم الأشجار وعلى صخور الجبال، ولها قدرة عالية على الحوم، وتتجمع في أسراب أثناء موسم التزاوج ووضع البيض.
وقد حملت الغربان سمعة سيئة منذ القدم، وتواترت هذه السمعة عبر الزمن، وساعدت عوامل كثيرة على رسم صورة قاتمة لها مثل لونها الأسود، ناهيك عن شكلها القبيح وصوتها النشاز، ونوعية غذائها وتلصصها، كل ذلك ساهم في رسم معالم هذا الطائر في شكل طائر أسود كئيب المنظر، يأكل الجيف، رديء الصيد، يسرق الطعام، انتهازي شرس، فتطيَّر منه الناس وتشاءموا من مجرد رؤيته،
وألصقوا به الأخبار المشؤومة حتى صار رمزا من رموز التطير والفأل السيئ، وزاد على ذلك صوته المميز الكريه الذي ينذر عند سماعه بورود سيء الأخبار.
وكان البدو الرُحَّل إذا هموا بالرحيل إلى مكان آخر ورأوا غرابا قادما من الجهة التي يقصدونها تركوها وتوجهوا إلى غيرها، وإذا نزلوا بأرض ورأوا لحظة نزولهم فيها غرابا أو بومة رحلوا عنها لفورهم لاعتقادهم بأنها ستكون شرا عليهم ومحلا للمصائب التي سوف تحل بهم لو نزلوا فيها.
وبالطبع فإن هذا التطيُّر والتشاؤم هو من مخيِّلة الإنسان وليس له أساس يستند إليه فلا معنى للتطيُّر والتشاؤم لرؤية إنسانا أو حيوانا أو غيره. وقد نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وقد أكثر العرب ذكر الغراب في أمثالهم، فقالوا: أبصر من غراب وأحذر من غراب وأدهى من غراب، حيث يضربون المثل بالغراب في قوة البصر وشدة الحذر والدهاء. ويقولون: أبكر من غراب لأنهم يزعمون أنه أشد الطير بكورا، وأزهى من غراب لأنه إذا مشى يختال في مشيته ويعجب بنفسه، وأصفى عينا من غراب أو أصفى عيشا من غراب، واشأم من غراب، وأفسق من غراب، وأشد سواداً من غراب.