من أصعب المعادلات التي تطرأ علينا بحياتنا مع كل موقف، هو هل نحن نسير بالاتجاه الصحيح؟ هل أنفسنا تستحق الثقة والتقدير لما تقوم به؟ هل نقوم بما أراده الله تعالى لنا من دور؟.. كثير ما تخطر ببالنا كل هذه التساؤلات، وكثيراً ما نتخبط بين الثقة المفرطة وبين الحساسية الشديدة والخوف من الزلات..
البعض يحسب أنه لن يخطئ أبداً، فهذا عهده بنفسه، وهذه ثقته بها... لكنه يبالغ فيصل للغرور، ويحسب أنه قد أصبح محصناً لا يبلغه الزلل ولا يطاله الخطأ ما دام حريصاً حذراً مدركاً لما يريده، مثل هؤلاء يحبون قاعدة الجذب وقوانين الأرض، ويسعون لتعلمها وإتقانها والولوج بها.. قد ينجحون لفترات، لكنهم أيضاً قد يرتطمون حينما يدركون أن حسابات الأرض لم تكن يوماً كافية وحدها! وأكبر مثال حي على ذلك التيتانيك تلك السفينة الشهيرة التي تحدى صانعها الله فخذله!
والبعض يحبط نفسه ويحط من قدرها، ويتخيل أن لا حول له ولا قوة، ويبالغ بجلد ذاته، وعقوبتها على ما اقترفت وما لم تقترف! ويحسب أنه لا يملك من الأمر شيئاً، وتسيره الأهواء تارة ولطائف الله أخرى، ويعيش كريشة في مهب الريح لا قرار له ولا استقرار!
قوانين الحياة حقيقة أعقد من ذلك، فالله قد وهبنا من الأدوات ما يمكننا أن نستعين به، وعلمنا من القواعد ما يعيننا ويقوينا ويثبتنا، وترك لنا أن نتعلم على الأرض من تجاربنا، من هفواتنا أحياناً ومن نجاحاتنا أخرى، وعلمنا أننا نملك العمل وعليه النتيجة، وأعطانا مفاتيح لو أخذنا بها لوصلنا للفلاح بالدنيا والآخرة.. لكن شكل الفلاح لا يكون دائما كما نتخيله، قد يكون للنجاح أحياناً أشكال وصور متعددة، حتى الآلام وتجاوزها شكل من أشكال هذا النجاح، حتى العثرات وما تحمله من دروس خلفها شكل من أشكال هذا النجاح، حتى المشقة والتأخير والبحث عن طرق بديلة جزء منه أيضاً..
ككل شيء بهذه الحياة، نحن بحاجة للفهم، وللإرادة، ولمصادقة ذواتنا لنساعدها على السمو والتحليق والنجاح. فلا تتخيلوا يوماً أن نفساً نقسو عليها يمكنها أن تنجو بنا!
بحاجة لأن نعرف أنفسنا جيداً بكل ما فيها من ايجابيات وسلبيات، نعرفها ونتقبلها ونفهمها ثم نوجهها بالاتجاه الصحيح، وبعد أن نتخذ أسباب الأرض لا ينبغي علينا أبداً أن نغفل أسباب السماء، فلا نجاح دون تكامل بينهما..
واعلموا ان لا نجاح دون ثقة وعزم وتسليم ويقين بحكمة الله وتربيته لنا على الأرض لنصل بإذن الله لفلاحي الدنيا والآخرة.