خبراء اقتصاديون لـ «الشرق الأوسط»: الشركات تبث حملات عبر الإنترنت لجذب عملائها
جدة: فهد البقمي
تفشت في السوق السعودية حملات ترويج تقودها شركات وساطة أجنبية تستخدم وسطاء محليين وشبكة الإنترنت لإقناع المواطنين بفتح حسابات استثمارية خارجية بضمان الربح في بداية الاشتراك، وذلك بهدف سحب أكبر حجم من السيولة لدى الأفراد.
وكشفت مصادر مصرفية لـ«الشرق الأوسط» أن هذا النوع من الحملات يستهدف إقناع الأفراد من خلال استخدام أسماء شركات عالمية في إدارة الأصول، مثل الأسهم والذهب والنفط، إلا أنها يشوبها الغموض لعدم وجود مرجعية لها في السعودية، إضافة إلى إدارة العمل من الخارج عن طريق مواقع الإنترنت، مما يزيد عامل الخطورة لدى المستثمرين.
وفي خطوة رسمية للحد من تلك الممارسات، أصدرت هيئة السوق المالية قرارا بمنع الوسطاء غير المرخصين من العمل في السوق، محذرة في الوقت نفسه المواطنين من الانسياق وراء الحملات الترويجية التي تستهدف أموالهم.
وأرجع خبراء اقتصاديون تحرك هيئة السوق المالية في السعودية إلى تفشي ظاهرة الترويج للاستثمار في الأسهم والذهب عن طريق شركات أجنبية وصلت إلى الأفراد عن طريق شبكة الإنترنت وتعين وسطاء غير مرخصين داخل البلاد يمارسون أساليب متنوعة لإقناع الإفراد باستثمار أموالهم من خلال التسجيل وفتح الحسابات، ويقدمون نوعا من الإغراءات للأفراد في بداية التداول بهدف سحب أكبر حجم من المبالغ المالية.
وقال الخبراء إن هذه الإجراءات الاحترازية سوف تعزز الثقة في السوق، وتمنح المستثمرين مزيدا من الأمان، وتجنبهم الممارسات غير القانونية التي قد تتسبب في خسائر مادية لهم. وأوضح محمد النفيعي، رئيس لجنة الأوراق المالية في غرفة جدة (غرب السعودية)، أن قرار منع التعامل مع الوسطاء غير المرخص لهم في تداول الأوراق المالية له عدة أبعاد مهمة لتوازن سوق المال على المدى المتوسط والبعيد. وأرجع النفيعي أسباب الإقبال على هذه الممارسات من قبل الأفراد إلى أن البعض يرى أن الدخول مع مجموعات مضاربة غير مرخصة يحقق عائدا جيدا مقارنة بالسوق، متجاهلا الآثار السلبية لهذه التعاملات غير القانونية.
وأضاف رئيس لجنة الأوراق المالية أن المخاطر التي ينطوي عليها التعامل مع الوسطاء تكمن في عدم وجود ضمانات فعلية للحقوق مع هذه المجموعات، وسهولة التلاعب بالمشاركين معهم عند حدوث أي تراجع للسوق أو عدم قدرتهم على تدوير أفضل لشركاتهم، إضافة إلى تورط المشاركين في شركات متضخمة سعريا لمجرد انخفاض عدد أسهمها المتداولة نسبيا ومحاولة السيطرة عليها بأموال المشاركين مما يزيد من الخسائر عند حدوث موجات تصحيحية.
وأضاف أن الكثير من المتعاملين في هذه النوع من الشركات يعتقدون أنهم يمكنهم الخروج بسرعة والحفاظ على مكتسباتهم من المشاركة في هذه المجموعات، إلا أن ما ثبت من التجارب السابقة أنهم أكثر المتضررين من التصحيح، في الوقت الذي تتعذر معه قدرة الجهات الإشرافية بشكل منتظم على متابعة هذه المجموعات ومحاسبتها لضمان حقوق المشاركين كونها غير شرعية ولا توجد لها قنوات اتصال شرعية، مما يزيد من مخاطر الاستثمار والمضاربة فيها. وأشار النفيعي إلى أن هذه الممارسات تؤثر على الثقة في السوق بشكل عام واستقرارها على المدى المتوسط والبعيد، وتسيء إلى سوق الأوراق المالية لاحتوائها على أعمال غير شرعية للتلاعب باستثمارات المشاركين معهم.
وقال الدكتور عبد اللطيف باشيخ، الخبير الاقتصادي، إن استجابة الأفراد لهذا النوع من الاستثمار تعرضهم إلى خسائر مالية كبيرة، وتؤدي إلى انسحابهم من السوق الرسمية التي تشرف عليها جهة حكومية موثوقة مثل هيئة السوق المالية، مشيرا إلى أن سوق الأسهم السعودية وكذلك شركات الوساطة المالية في السعودية لديها نظام يتم التعامل به بكل شفافية ويوفر جهة مرجعية في حال حدوث أي خلال بين الشركات والمستثمرين، في مقابل أن شركات الوساطة الخارجية غير مرخصة محليا، مما يزيد من مخاطر التعامل معها.
وكانت هيئة السوق المالية حذرت المؤسسات غير المرخص لها، وغير المستثناة بموجب لائحة أعمال الأوراق المالية، من القيام بأعمال الأوراق المالية في السعودية. وتعد ممارسة أعمال الأوراق المالية من دون الحصول على ترخيص من الهيئة مخالفة لأحكام نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية، مما يعرّض المخالف للعقوبات النظامية.
ودعت الهيئة المستثمرين إلى قصر تعاملاتهم في الأوراق المالية على الأشخاص المرخص لهم من الهيئة في ممارسة أعمال الأوراق المالية فقط، والامتناع عن التعامل مع الأشخاص غير المرخص لهم، سواء أكانوا أفرادا أو مؤسسات، وذلك حفاظا على أموالهم.