إنَّ الوجود المكثَّف والمتزايد لبعض فئات العمالة الوافدة، وخصوصًا تلك التي لا تتطلب الأعمال التي تقوم بها، تأهيلاً عاليًا أومتخصصًا، قد تعدّى الاحتياجات الحقيقية الفعلية للاقتصاد الوطني، وأصبح يشكِّل عائقًا أمام حصول العمالة الوطنية على الوظائف التي هي مؤهلة للقيام بها.
ومن الرؤية الاقتصادية نقول: إن العمالة الوافدة تكلِّف خزينة الدولة نفقات باهظة، خصوصًا في مجال التعليم والصحة، والخدمات الأخرى، وتؤدي التحويلات النقدية العكسية دورًا في تسرّب رؤوس الأموال وتحركها إلى الخارج.
إضافة إلى أن وجود عمالة سائبة دون عمل وفي حالة بطالة، في أوساط العمالة الوافدة، يترتب عليه محاذير أمنية واجتماعية واقتصادية عديدة.
كما أن الطلب على العمالة الوافدة لا يزال كبيرًا وفي تزايد مستمر، فقد زاد عدد تأشيرات الاستقدام للعمل بمتوسط قدره 29%.
ثم إن تراكم عمالة وافدة تنتمي إلى قرابة مائتي جنسية، يوفِّر مناخًا لاستغلال بعض العناصر للقيام بأعمال تمسّ أمن البلد المضيف، أو التأثير باتجاهات مضادة للوطن الذي يقيمون فيه، وهذا يرتبط بعدة عوامل تتعلق بالعنصر الأجنبي، كل حسب معتقده الديني وجنسيته، وفكره السياسي وانتمائه، ومستوى ثقافته.
ولأن مجلس القوى العاملة منذ إنشائه يعمل على معالجة القضايا المرتبطة بتنمية القوى العاملة الوطنية.
فإننا نوجِّه رسالة عاجلة لاستطلاع الوضع الراهن للعمالة الوافدة، وأهم الحلول والمعالجات؛ لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة على مجتمعنا السعودي.
إن الاقتصاد الأسود الاتجار بالكادحين، يعمل خارج سيطرة أو حتى مشاهدة الدولة، وحجمه وتركيبه وتنوعه مع الزمن غير معروف، ويبدو أنه من تأثير قطاعات تتلاءم بطبيعتها مع الأشكال السائدة من المنافسة داخل النظام، وهي ليست بإيعاز اقتصاد وطني.
إنه نظام رأسمالي خاص، بالرغم من أنه يعتمد على سرقة موارده من القطاع العام، فهو يعمل بشكل مستقل عن رقابة الدولة.
في بعض الدول الأوروبية يُدعى هذا النوع من العمل أو الاقتصاد بـ(إنتاج العالم الثالث)، وهذه التسمية تسترعي الانتباه، ليس فقط لأن المهاجرين هم الذين يمدون الاقتصاد الأسود غالبًا بالرجال، ولكن لأن وراء النطاق الضيق يقع عالم يسكنه ثلثا البشر؛ حيث الاتجار بالكادحين.
إنها عملية شبيهة بقفز الضفادع؛ حيث وصلت بعض البلدان النامية أولاً؛ لتجد أن قاعدتها الإنتاجية التي بدأت بها قد تحركت إلى قطاعات أخرى، إذ تغيّرت سرعة النشاط الاقتصادي.
إنَّ نمو أو اكتشاف الاتجار بالكادحين مسجّل بوثائق داخل المناطق المركزية.
كما أنَّ وجود قطاع خفي في الاقتصاد قد قطع شوطًا لا بأس به؛ حيث ساعد المحللين الاقتصاديين على تفسير عدد من التناقضات الظاهرية.
هذا التنظير الاقتصادي لذلك النوع من العمل أو الاقتصاد المرتبط بالكادحين، يمكن تلمسه من خلال نقطة تجمع لافتة للنظر في منطقة الرياض، فيما يعرف بشارع البطحاء؛ حيث العمالة الإندونيسية بخاصة، والعمالة الأجنبية عامة، بمختلف الجنسيات واللغات، والأنواع والأشكال والاتجاهات.
لا رقابة، ولا نظافة بيئية، ولا حماية أمنية، ولا سلامة صحية.
تجارة شاملة لكل شيء وبكل شيء، خفية ومعلنة، مباشرة وغير مباشرة.
ليس لتلك التجارة مصدر معيّن أو تاجر أو شركة أو مؤسسة.
عمالة تبيع على عمالة، بغض النظر عن الأثمان، فهي رخيصة للغاية، وبغض النظر عن النوعية؛ لأنها هي المطلوبة لأغراض مريبة، وبغض النظر عن الكمية، فأي كمية مطلوبة يتم توفيرها وبشكل غريب.
ظاهرة تستحق إثارة الانتباه لها، وقضية خطيرة يستوجب منا جميعًا أن نقف يدًا واحدة في وجهها؛ منعًا للاتجار غير المشروع، والترويج المغشوش، والتعامل الخفي، وحماية وأمنًا للوطن وأبنائه، ومجتمعه واقتصاده.
فهل آن الأوان؟!