تعتبر المؤشرات ة ترمومتر الاقتصاد مهما كان نوعه وانتماؤه، وبعض المؤشرات تعتبر مؤشرات قيادية أي تسبق التغيرات وتكون نوعا من التنبؤ بالأوضاع المتوقعة حدوثها، وذلك من زاوية الدورة ة ومراحلها.
وتعتبر مؤشرات التضخم والعرض النقدي بمختلف أنواعه وسعر الفائدة ومؤشر السوق من المؤشرات القيادية، التي تحدث قبل حدوث التغيرات في الدورة ة أو دورة رجال الأعمال.
ويبني ون على مستوى الدولة كثيرا من القرارات استنادا إلى مراحل الدورة، ولعل أهمها ربحية الشركات وغيرها من المؤشرات التابعة. وسنتناول أداء المؤشرات خلال الفترة السابقة من ٢٠١٠ حتى منتصف ٢٠١٢، وبنمط ربع سنوي، حسب نوعية البيانات المتوافرة والمنشورة من جهات الاختصاصات ساما مؤسسة النقد العربي السعودي. والهدف التعرف على العلاقة بين المتغيرات ونوعية سلوكها ومدى توافقها، حسب التوقعات والنظريات المعروفة، ومحاولة تفسير النتائج في ضوء أوضاع وصفات الاقتصاد السعودي.
ونهتم من خلال طرحنا إلى قياس ومعرفة العلاقة بين مختلف المتغيرات ة وسوق الأسهم السعودية في ظل اتجاهات الاقتصاد المحلي. ولكن الأوضاع التي عايشها العالم بدءا من عام ٢٠٠٨ وانتهاء بالفترة الحالية، ولعل ما يميز الفترة الحالية الضغط المستمر على سعر الفائدة من قبل الحكومات المركزية في مختلف دول العالم المتقدم نتيجة للرغبة في الخروج من الكساد الحالي وتحويل الاقتصاد نحو الانتعاش، وبالتالي الخروج من النفق المظلم.
المتغيرات المستخدمة
تم استخدام سبعة متغيرات اقتصادية رئيسية هي القاعدة النقدية والعرض النقدي حسب تعريف ن١ و ن٢ و ن٣ ومؤشر الأسعار القياسي وسعر الفائدة علي أذونات الخزانة، وأخيرا مؤشر سوق الأسهم السعودي. وتم استخدام الإحصائيات، التي توفرها مؤسسة النقد العربي السعودي وبنمط ربعي حتي يكون التغيير طويل الأجل، ومن خلال منحنى واضح بعيدا عن الذبذبات الصغيرة والنظر للمنحنى للتغيرات الرئيسية. وهذه المتغيرات تعد اقتصادية قيادية تسبق حدوث التغير في الدورة ة بمراحلها الأربعة وتتنبأ بها، ولكن بفترة قصيرة من شهر إلى أربعة أشهر، وبالتالي نظرا لنشرها بنمط متأخر، ما يجعل القدرة على التنبؤ معدومة في كل الأسواق العالمية بمختلف انتماءتها.
العرض النقدي
والقاعدة النقدية
يحتوي الجدول رقم ١ على كافة البيانات المستخدمة في التحليل ولمختلف المتغيرات، والملاحظ أن القاعدة النقدية لم تأخذ اتجاها ثابتا للنمو، حيث تراجعت في الربع الثاني٢٠١٠ والربع الثاني والثالث من عام ٢٠١١ وأخيرا الربع الأول والثاني من عام ٢٠١٢، وكان الأكبر في الربع الثاني من عام ٢٠١٢ ويرجع السبب في ذلك إلى تراجع احتياطيات المصارف السعودية، وتراجع ودائعها لدى المؤسسة، مقارنة بمكونات العرض النقدي الأخرى، التي استمرت في الارتفاع. وبالنسبة للعرض النقدي بتعريفه ن١ نجد أنه استمر في الارتفاع وعدم التراجع خلال الفترة بشكل مستمر، وتعكس توفر السيولة بصورة واضحة والنمو خلال تسعة أرباع بلغ ٢٣٤.٦٩ مليار ريال أو نحو ٤٠.٦٨ في المائة. الوضع الذي يعكس تدفق وتوفر السيولة في الاقتصاد السعودي بصورة كبيرة، ما يسهل وضع البنوك والقطاعات الإنتاجية في الحصول عليها، ومقابل انخفاض ضغط الدولة على السيولة الوضع الذي يخفض من تكلفتها. ونما العرض النقدي بتعريفه ن٢ في نفس الاتجاه وخلال الفترة دون أي ذبذبة وبمعدل ٢٣٩.٦١٩ مليار ريال وبزيادة ٥ مليارات تقريبا عن ن١، ما يجعل نمو المدخرات أقل بكثير من المكونات الأخرى وهو هنا انعكاس سلبي حول الادخار وقوته بالرغم من نمو السيولة أو بنسبة ٢٧.٢ في المائة أو تباطئة وتيرة الادخار هنا والسبب ضعف سعر الفائدة. وأخيرا بالنسبة للعرض النقدي بتعريفه ن٣ حقق نفس الاتجاه مع ن١ و ن٢ نموا مستمرا ودون تذبذب وحقق زيادة قدرها ٢٥٠.٥٦٥ مليار ريال أي بزيادة قدرها ١١ مليار ريال تقريبا، وبنسبة ٢٤.٢ في المائة، ويعضد النظرة السابقة حول ضعف الادخار مع نمو السيولة في الاقتصاد السعودي، ولعل انخفاض عدد الاكتتاب وزيادة الشركات تعتبر البديل في حال انخفاض الادخار وتوجهها نحو الودائع الجارية.
مؤشر الأسعار وأسعار الفائدة ومؤشر
سوق الأسهم
حسب الجدول نجد أن مستويات الأسعار أخذت في النمو والارتفاع خلال الفترة، وكانت بمعدل مرتفع في ٢٠١٠ وبمعدلات أقل في عام ٢٠١٢ ولكنها كانت متفقة في الاتجاه مع العرض النقدي، ما يعني تحسن السيولة عادة يؤدي لزيادة معدلات التضخم، ويقع عبء الإدارة على مؤسسة النقد العربي السعودي في تحجيم التضخم، وحسب البيانات استطاع أن يقوم بعمل جيد فخلال الفترة كان التضخم ١٠.٠٢ في المائة لسنتين وربع.
أسعار الفائدة في نفس الوقت تذبذبت وراوحت بين ٠.٤٨ و٠.٥٩٢ في المائة لكل ثلاثة أشهر، وكان الانخفاض في الربع الثاني والثالث عام ٢٠١١ ومن ثم عاود الارتفاع. واستمر في الارتفاع بالنسبة لأذونات الخزانة، ما يعني أن تحسن أسعار الفائدة جاء متناسقا مع التضخم وهي إشارات متناقضة، ولكن تثبيت أسعار الفائدة عالميا هو السبب خلف السلوكيات المتناقضة هذه.
ومؤشر سوق الأسهم شهد تذبذبا واضحا، حيث انخفض في الربع الأول والثالث عام ٢٠١١ والربع الثاني عام ٢٠١٢ وحافظ المؤشر على مستوياته فوق الستة آلاف، ولم يخترق السبعة آلاف نقطة سوى في ربع واحد، كما هو واضح من الجدول.
مسك الختام
النتائج توضح لنا عددا من الحقائق المهمة، وهي تحسن ونمو السيولة، وإن كانت القاعدة النقدية تذبذبت بسبب القطاع البنكي، ولكن سعر الفائدة ومؤشر الأسهم تذبذبوا، ولعل انخفاض الادخار مع توافر سوق الأسهم كبديل في ظل انخفاض حجم الطرح، وارتفاع حجم الفرص في السوق أسهم في الضغط على أسعار الفائدة بالرغم من توافر السيولة ونموها بقوة. المناخ العام وحسب قراءة البيانات يعتبر إيجابيا وبعيدا عن السلبيات في الاقتصاد المحلي. لذلك لا نعرف إلى متى يبقى الضغط الحالي على السوق والمفترض فيه هو النمو والتحسن، فهل ينطلق كما هو مقدر له السوق في الأيام القادمة في ظل التطمينات العالمية، وقوة الاقتصاد المحلي، وتوافر السيولة فيه، خاصة أن القطاع العقاري في المدن الرئيسية يعيش حالة من التضخم الكبير.