فرنسا تتحدى أردوغان وتحيي ذكرى الإبادة التركية للأرمن
جرى إعدام مليون ونصف مليون شخص
أحيت فرنسا، الأربعاء، وللمرة الأولى رسميًّا،
ذكرى الإبادة الجماعية بحق الأرمن، حيث قال رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب، إن «مواجهة الرعب شرط أساسي لتحقيق العدالة».
ووضع فيليب إكليلا من الزهور على تمثال الأب كوميتاس في باريس.
وكان كوميتاس، وهو مثقف نجا من الترحيل الجماعيّ للأرمن على يد السلطات التركية العثمانية في عام 1915، وتوفى في فرنسا.
وأضاف رئيس الوزراء:
«لن تسمح فرنسا لنفسها أن تتأثر بأي ضغوط أو بأي أكاذيب»، في إشارة واضحة إلى رد فعل تركيا الغاضب على قرار تحديد يوم رسمي لإحياء ذكرى إبادة الأرمن.
وقوبلت تصريحات فيليب بتصفيق حادّ من قِبل مئات الحاضرين على ضفاف نهر السين، وقد حمل عديد منهم الأعلام الأرمنية والفرنسية.
وتقبل أنقرة إعلان أن الكثير من الأرمن قتلوا خلال الصراع الذي استمر من عام 1915 إلى 1917 على أيدي الإمبراطورية العثمانية، ولكنها ترفض وصف ذلك بـ«الإبادة الجماعية».
وكان الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان قد انتقد
فرنسا في وقت سابق أمس، متهمًا إياها بارتكاب أعمال إبادة جماعية في رواندا والجزائر.
لكن رئيس الوزراء الفرنسي قال، إن القتل الجماعي للأرمن على يد تركيا كان نذيرًا «بأعمال الإبادة الجماعية الأخرى في القرن العشرين».
وقال فيليب، إن الأرمن عانوا من الوصم والمقاطعة و«محاولات الإبادة» المحلية قبل ترحيل المثقفين الأرمن من العاصمة آنذاك القسطنطينية -إسطنبول حاليًا- في 24 إبريل 1915 «بداية الإبادة الجماعية».
وتابع فيليب: من إبريل 1915 إلى يوليو 1916، تم إعدام مليون ونصف مليون من الأرمن شنقًا، أو تقطيع أجسادهم أو حرقهم أحياء... لقد حولت عمليات الترحيل الجماعي مسارات الأناضول إلى طرق للموت".
وأصرّ فيليب على أن ما حدث كان إبادة جماعية «أثبتتها الحقائق، وأقرها المؤرخون منذ فترة طويلة».
وقالت عمدة باريس آن هيدالجو: «لا يعني تذكّر الرعب التعود عليه: إنه يعني تعلم الدرس والعمل على بناء عالم أفضل».
من جانبه، دافع الرئيس التركيّ عن التهجير الجماعي لمئات الآلاف من الأرمن معتبرًا أنه كان «أكثر الأفعال الرشيدة قبولًا».
وقال
أردوغان خلال فعالية حول الدراسات التاريخية في قصر الرئاسة بأنقرة: «من الواضح من هم الذين قتلوا 800 ألف شخص في الإبادة الجماعية في رواندا قبل 25 عامًا فقط.. الفرنسيون هم الجناة».
وكانت
فرنسا قد دعمت الحكومة التي تقودها عرقية الهوتو، والتي ارتكبت الإبادة الجماعية في رواندا ضد أقلية التوتسي، واتّهمت السلطات الرواندية في فترة ما بعد الإبادة الجماعية باريس بالتواطؤ في أعمال الإبادة الجماعية في البلاد، وهو ما تنكره فرنسا.
وعين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق هذا الشهر لجنة من المؤرخين والباحثين للتحقيق في دور
فرنسا في أعمال الإبادة الجماعية التي وقعت في رواندا في عام 1994. كما أعلنت
فرنسا تحديد يوم وطني لإحياء
ذكرى الإبادة الجماعية سنويًّا.
وقال أردوغان: «إنها
فرنسا مجددًا التي ذبحت مئات الآلاف من الأشخاص في إبادة جماعية في الجزائر».
وكانت الحرب في الجزائر (1958-1962) من أجل الاستقلال عن
فرنسا خلفت مئات الآلاف من القتلى، وفقًا للمؤرخين، وتفيد التقديرات الرسمية للحكومة الجزائرية بأن الحرب قد خلفت 5ر1 مليون قتيل.
ولم تقدم
فرنسا أبدًا اعتذارًا رسميًّا، بالرغم من أنه خلال حملته الانتخابية في عام 2017، وصف ماكرون الاستعمار بأنه «جريمة ضد الإنسانية».
وتأتي تعليقات الرئيس التركي في اليوم الذي يتم فيه إحياء
ذكرى التهجير الجماعي والقتل الذي تعرض له نحو 5ر1 مليون أرمني في عامي 1915 و1916 على يد الإمبراطورية العثمانية التي تعد تركيا وريثة لها.
وقال أردوغان، إنه كان من بين المهجرين «عصابات أرمنية وأنصارها الذين قتلوا السكان المسلمين، ومن بينهم نساء وأطفال وكبار السن في شرق الأناضول».
كما اتهم الرئيس التركي الحكومة الفرنسية بمحاولة «خداع العالم أجمع بتشويه المعلومات».
وقد وصف عديد من البرلمانات، في
فرنسا وألمانيا وهولندا، بشكل رسمي جرائم قتل الأرمن على أيدي الإمبراطورية العثمانية بالإبادة الجماعية.
وفي خطاب إلى بطريركيات الأرمن في إسطنبول اليوم الأربعاء، تحدث
أردوغان عن جهود «لتخفيف جروح الماضي».
وأضاف: «أتذكر باحترام الأرمن العثمانيين الذين فقدوا حياتهم في ظل ظروف قاسية». مشيرًا إلى «الأوبئة والهجرة وضعف سلطة الدولة» كأسباب لتلك الوفيات.