" البحث الأول: آية الحجاب: (. . . يدنين عليهن من جلابيبهن) [الأحزاب: 59]
1 - يصر المخالفون المتشددون على المرأة على أن معنى (يدنين) : يغطين وجوههن وهو خلاف معنى أصل هذه الكلمة:
" الإدناء " لغة وهو التقريب كما كنت ذكرت ذلك وشرحته في الكتاب (1) - كما سيأتي في محله منه - وبينت أنه ليس نصا في تغطية الوجه وأن على المخالفين أن يأتوا
بما يرجح ما ذهبوا إليه وذلك مما لم يفعلوا ولن يستطيعوا أن يفعلوا إلا الطعن على من خالفهم ممن تبع سلف الأمة ومفسريهم وعلماءهم وهذا هو
الإمام الراغب الأصبهاني يقول في " المفردات ": (دنا) الدنو: القرب. . . ويقال: دانيت بين الأمرين وأدنيت أحدهما
من الآخر " ثم ذكر الآية. وبذلك فسرها ترجمان القرآن عبد الله بن عباس فيما صح عنه فقال: " تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به " كما سيأتي تخريجه
فإن هذا التهجم والطعن لا ينالني أنا وحدي بل يصيب أيضا الذين هم قدوتي وسلفي من الصحابة والتابعين والمفسرين والفقهاء وغيرهم - ممن ذكرناهم في الكتاب -
كما سيأتي وفي المقدمة المشار إليها أيضا وحسبي منها الآن مثالا واحدا وهو ما جاء في " الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد ابن حنبل "
للشيخ علاء الدين المرداوي (1 / 452) :الصحيح من المذاهب أن الوجه ليس من العورة ثم ذكر مثله في الكفين وهو اختيار ابن قدامة المقدسي في " المغني " (1 / 637)
واستدل لاختياره ينهيه صلى الله عليه وسلم المحرمة عن لبس القفازين والنقاب وقال: " لو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء
والكفين للأخذ والإعطاء " وهو الذي اعتمده وجزم به في كتابه " العمدة " (66)