مقدمه :
ما زال مسؤلي الأقتصاد لدينا يضربون عرض الحائط بكل الأراء والأصوات الكثيرة المطالبة
بوقف اكتتاب شركة المعجل ذات العلاوة الاصدارية المبالغ فيها .
اعلم ان بكل واحد منا هماً وغماً وقهراً مما يراه من استمرار لمهازل وسرقات ما تسمى مجازاً بالإكتتابات العائلية وهي في حقيقة الأمر
سرقة منظمة بقوة القانون استغلها اصحاب تلك الشركات في عدم وجود مسؤليين اقتصاديين يقدرون حجم الكواراث الاقتصادية التي يمكن ان تسببها تلك الطروحات التي تتم بشكل عشوائي من تاثير على الإقتصاد الكلي بشكل عام .
بقدر الحسرة التي تعتريني من تلك المهازل والسرقات التي تتم جهاراً نهاراً الا اني رأيت وقفة جميلة ومعارضة صادقة من الكثير من الكتاب في هذا المنتدى وغيره من المنتديات الاخرى وكذلك في الوسائل الاعلامية والصحف . وكأن هنالك صحوة شعبية واحساس لمسه الشعب بما تسببت به تلك الاكتتابات العائلية من اثراء غير مشروع لفئة محدوده تتمثل بعائلة واحدة على حساب 20 مليون مواطن .
2100 مليون ريال ستدخل حساب بن معجل مباشرة وهذا متحصلات بيع 30% فقط من شركته وسيحتفظ بالباقي البالغ 70% (تقدر قيمتها السوقية بـ 5 مليار ريال)
لن نتحدث عن (الإجرام الإقتصادي) الذي يمارس بحق الشعب والمتمثل في خصخصة الشركات العائلية ، فهي اصبحت مسلسل روتيني (وديكتاتورية اقتصادية) تفرض على الشعب فرضاً ، مستغلين حاجة الملايين من الموطنين لكسب بضع ريالات .
ولكن الأهم هي الاثار المستقبلية على الوضع الاقتصادي العام .
يمكن اختزال ما يحدث وسيحدث لدينا بما حدث في روسيا في عهد الرئيس السابق جورباتشوف ، حينما انهار الاتحاد السوفيتي الشيوعي عام 1989م وانهار معه النظام الاشتراكي ، وبدءت معها خوابير النظام الراسمالي في ظرب اطنابها بالأقتصاد الروسي ، وبدءت خصخصة الشركات التي كانت مملوكة للحكومة في تلك الحقبة الاشتراكية مع وجود مافيا الفساد المنتشره فماذا حدث خلال 17 عاماً تقريبا .
كانت روسيا من ارخص بلدان العالم ان لم تكن ارخصها على الإطلاق في تلك الفترة اما الآن فتعتبر روسيا من اغلى بلدان العالم حسب آخر الإحصائيات ، بعد ان سيطر 200 ملياردير روسي على اكثر من ثلثي الناتج المحلي .
هذا جزء من مقال كتبه جيمس بيتراس وهو عالم ماركسي أمريكي معروف مختص بقضايا أمريكا اللاتينية
يقول جيمس بيتراس
(....كان النهب في روسيا أسوأ, وكان الانهيار الاقتصادي أشد قسوة. فمع حلول منتصف التسعينيات عاش أكثر من 50% من السكان (وأكثر من ذلك خارج موسكو وسانت بطرسبورغ- لينينغراد سابقاً) تحت خط الفقر, وازداد عدد المحرومين من السكن, وانهارت منظومتا الصحة والتعليم المجانيتان العامتان. لم
يسبق لبلد في تاريخ العالم أن انهار زمنَ السلم إلى هذا الدرك, وبهذه السرعة التي تصيب بالدوار كما حدث في روسيا الرأسمالية. (خصخص) الاقتصاد- أي انتقل إلى أيدي قُطَّاع طرق روس يتحكم بهم ثمانية من أصحاب المليارات الأولغارشيين, الذين نقلوا 200 مليار دولار إلى المصارف الخارجية, وبالأخص إلى نيويورك وتل أبيب ولندن وسويسرا. كان القتل والإرهاب هما السلاحان المختاران في (المباراة الاقتصادية), بينما كانت جميع فروع الاقتصاد والعلم تتعرض للدمار, وحرم العلماء الأكثر تأهيلاً والمشهورين على المستوى العالمي من الدخل والموارد والشروط الأساسية اللازمة لممارسة العمل. كان الرابحون الأساسيون من هذا هم البيروقراطيين السوفييت السابقين, وعرابي المافيا, والمصارف الأمريكية والإسرائيلية, وسماسرة العقارات الأوربيين, وبناة الإمبراطورية الأمريكيين, والعسكريتاريين والشركات المتعددة القوميات...
قدم الرئيسان بوش الأب وكلينتون الدعم السياسي والاقتصادي لنظامَيْ غورباتشوف ويلتسين, اللذَيْن قادا عملية نهب روسيا, التي ساعد عليها أيضاً الاتحاد الأوربي وإسرائيل وشاركا فيها. كانت نتيجة هذا النهب الجماعي البطالة والفقر اللذين جاءا بعدها, واليأس الذي جر وراءه النمو الهائل في حوادث الانتحار, والمشاكل النفسية, والإدمان على الكحول والمخدرات وغير ذلك من الأمراض, التي لم يكن أحد يصادفها تقريباً في الأزمنة السوفييتية .
* الخصصة والحالة الاقتصادية والتضخم الجامح التي مرت بها روسيا تشبه الى حد كبير ما يحدث لدينا
مضى سنتان على خصخصة الشركات العائلية وتضخمت الاسعار بمعدلات مرعبه فماذا تتوقع للأقتصاد بعد 5 او 10 سنوات
لقد اصبحت (ثقافة الفساد) جزء لا يتجزء من ثقافة البلد ، والأخطر من هذا التقبل الإجتماعي لهذا الفساد .
لدينا خصخصة ولدينا فساد .. فهل ننتظر حتى نتجاوز روسيا في الغلا !!