ما أكثر الكلمات التي يقولها من يقولها تقليدًا لمن يسمع، بلا برهان من العقل، ولا دليل من الشرع، والمقلِّد ذاهل فيما يقلّد عن الحقيقة والصواب، ومن هذا هذه، أعني ( أعوذ بالله من قولة أنا)، وهي نوع من التواضع المزخرف ، ولا ذنب للفظة ( أنا ) إلا أنّ إبليس قالها في الاحتجاج على فضله على من خلق من تراب وهو آدم ، وذلك حين قال: ( أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ )، ولابن القيم تحذير منها ومن كلمة(لي) التي قالها فرعون، و( عندي ) قال قارون: ( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ) .
هذه المقولة من البدع اللفظية المعاصرة المتكلّفة؛ لأمور لا تخفى على أولي الألباب. أحدها: أنه لا معنى لأن يستعيذ المرء من لفظة بريئة من السوء والفحشاء في ذاتها ، ولا يفهم منها معنى إلا بتركيب..وهم يقولونها بعد النطق بها ، وفي كل سياق حتى لو كان الكلام في خير ، بل هو الغالب، بل الواقع يشهد أنها لا تقال إلا قبل كلام حسن .
الثاني: إما أن يكون قائل ذلك صادقا فيما يقول وإما لا يكون، فإن كان صادقا فلا معنى له، وحمد الله على تسديده في القول أولَى ، وإن كان كاذبا فاستعاذته تلبيس من تلبيس إبليس.
السادس: لم تحفظ – فيما نعلم – هذه الجملة عن صاحب من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولا عالم أو فاضل متقدم
ولا يخلو كلام من ينطق باللسان العربي من
( أنا) فهل غفلوا عنها أم الخلف أهدى ؟
السابع: إن كان في الألفاظ المفردة ما يصح الاستعاذة منه فهو كلمة ( لو ) التي تفتح عمل الشيطان، وأما (أنا) فبريء مما يقولون!
المواضع التي تذم فيها كلمة ( أنا )
إذا كان المتحدث كاذباً
إذا كان الدافع لقولها العجب أو الغرور أو
الكِبْر والتعالي .