كشفت مؤسسة النقد العربي السعودي أمس، أنها عيّنت جهة استشارية لتجربة عملة رقمية مع المصارف السعودية والإماراتية في المعاملات التجارية بين البلدين، على أن يكون هناك غطاء لها من العملة الرسمية المتداولة في السوق.
وتأتي الخطوة ضمن مسار تجسيد التجارة الإلكترونية على أرض الواقع، وباعتبارها المرة الأولى التي تشهد تعاون سلطات نقدية من بلدين مختلفين لاستخدام تلك التقنية في الدفوعات المالية.
وتعتبر العملات الرقمية، عملات افتراضية مشفرة ولها رقم تسلسلي ويتم التعامل بها عبر شبكة الإنترنت وعادة لا يخضع هذا النوع من العملات للرقابة، لكن الأمر سيكون مختلفا في السعودية والإمارات على ما يبدو.
ونسبت صحيفة “الاقتصادية” السعودية إلى أحمد الخليفي محافظ مؤسسة النقد (البنك المركزي)، قوله إنه “سيتم العمل لمدة ستة أشهر وتقييم التجربة لتقرير الاستمرار أو الإلغاء بحسب الفائدة المتحققة منها”.
وأوضح أن العملة الرقمية الجديدة مختلفة عن تلك الافتراضية مثل “بيتكوين” التي يُحذر من المضاربات فيها، كونها لا تخضع إلى رقيب من قبل السلطات المالية في أي دولة، مثل بقية العملات التقليدية الموجودة في العالم.
ويقول خبراء إن البلدين لديهما كافة الإمكانيات للتعامل بالعملة الرقمية خاصة على مستوى البنية التحتية، فضلا عن متانة الأنظمة المصرفية لديها.
أحمد الخليفي: سيتم العمل بالعملة الرقمية المشتركة لستة أشهر ثم نقيم التجربة
أحمد الخليفي: سيتم العمل بالعملة الرقمية المشتركة لستة أشهر ثم نقيم التجربة
وعبر البنكان المركزيان بالبلدين سابقا عن تشككهما إزاء العملات الرقمية مثل البتكوين، حيث أكد مصرف الإمارات المركزي أنه لا يعترف بها كعملة رسمية، كما حذرت مؤسسة النقد السعودي في يوليو الماضي من تداولها لأنها خارج متناول النظام المصرفي.
وأشار الخليفي، في وقت سابق خلال تصريحات صحافية إلى أنه يجري العمل على مشروع بين السعودية والإمارات، بخصوص تقنية رقمية تسمى “تقنية السجلات الموزعة”.
ويوفر المشروع بحسب مؤسسة النقد، السيولة في نظام المدفوعات بين بنوك الدولتين في أوقات خارج العمل الرسمي، وهي مضمونة بضمانات لدى البنكين المركزيين.
ويقول محللون في أسواق المال إن تحركات السعودية والإمارات نحو إصدار عملة رقمية، تعد بمثابة خطوة إيجابية تسهم في تقنين أوضاع هذه العملات وتحمي المتداولين بها من أي مخاطر قد يتعرضون لها.
ورجحوا انضمام باقي دول الخليج في حالة نجحت التجربة السعودية الإماراتية خاصة في ظل تزايد الاهتمام بالعملات الرقمية وتوجه الكثير من الدول والأشخاص نحو الاستثمار فيها، رغم المخاطر الجمة التي قد يتعرضون لها.
وكان محافظ المصرف المركزي الإماراتي مبارك المنصوري قد كشف في منتصف ديسمبر الماضي عن خطة تهدف إلى إصدار عملة رقمية مشتركة مع السعودية، وذلك للاستخدام في التعاملات والمدفوعات التجارية.
وقال خلال اجتماع عقد بمقر صندوق النقد العربي في العاصمة أبوظبي حينها إن “الإمارات تعمل مع البنك المركزي السعودي على إصدار عملة رقمية ستكون مقبولة في المعاملات عبر الحدود بين البلدين”.
وأوضح أن العملة الرقمية “ تشين” ستعتمد على تكنولوجيا سلسلة الكتل وهي سجل مشترك للتعاملات يُحفظ على شبكة من أجهزة الكمبيوتر المتصلة بالإنترنت بدلا من سلطة مركزية.
وتعد “ال تشين” تقنية تعمل بموجبها العملات الرقمية المتداولة في بعض أسواق العالم، حيث يعتبرها خبراء بمثابة الطفرة النوعية التي ستؤدي إلى ظهور الجيل الثاني من الإنترنت حين يتم تبنيها بشكل واسع باعتبار أنها ستقدم فرصا كبيرة لدعم اقتصادات الدول.
وتأمل السلطات الإماراتية في أن يشجع هذا الإنجاز على المزيد من التعاون متعدد الأطراف بين دول مجلس التعاون الخليجي في السنوات القادمة، نظرا لجنوح دول العالم إلى التركيز على رقمنة اقتصاداتها.
وناقش مسؤولون سعوديون وإماراتيون قبل عقد من الزمن إمكانية إطلاق عملة موحدة بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي الذي يضم ست دول، بيد أن الإمارات انسحبت من المشروع في عام 2009.