يوجد عدد من طلبة العلم والمثقفين والمتعلمين صامتين ؛ لأنهم أُسارى حقبة زمنية سيطر فيها الحركيون الإسلاميون على الساحة الفكرية ، وصاروا هم الذين يُوجهون المجتمع ، وصارت وجوه الناس تنصرف إليهم ، على اعتبار أنهم المخلصون الغيورون ، الذين يُدافعون عن المسلمين في جميع أصقاع الدنيا بالتحريض على الجهاد وجمع التبرعات تحت هذا العنوان ، وهم الذين يُحافظون على مباديء المجتمع والأمة وثوابتها بإنكار المنكرات .
ولقد انكشف هؤلاء الحركيون الآن ، وأدرك الناس خطرهم ، فالعقلاء كلهم مجمعون على خطرهم ، فنشاطاتهم تؤدي إلى سفك الدماء وضياع الأمن ، والتقاتل والتنتاحر بين أفراد المجتمع الواحد ، فيا أيها الصامتون ، العارفون بخفايا وأسرار هذه الحركات والتنظيمات أترضون أن تبقوا أُسارى لهؤلاء الذين تعرفونهم ، وربما كان منهم أصدقاء لكم وزملاء الدراسة الأولية وأقران الطفولة ، لكنهم تورطوا وتلوثت عقولهم وأفكارهم بهذه الآراء الشاذة ، ألا تُساهمون في حفظ بلادكم ومحارمكم وأمنكم ، وتدفعون الخطر عن أمتكم ومقدساتكم .
تعرفون أنهم أصحاب أهواء ، أترضون أن تكونوا أسارى لأصحاب الأهواء ، نعم هم أصحاب أهواء ؛ لأنهم بذلوا من أوقاتهم وأعمارهم عشرات السنين ، بل وبذلوا من أموالهم حيث يدفعون نسبة معينة من مرتباتهم للتنظيم الذي انخرطوا فيه ، فسعيهم لتحقيق هذه الأهداف التي يسعى لها التنظيم هو من اتباع الهوى ، وليس من العمل بالدليل والحجة والبرهان ، فليسوا من أهل العلم الذين يرجع الناس إليهم في بيان أحكام الشرع وثوابت الدين ، ولو حصّلوا الشهادات العليا في العلوم الشرعية ، فليس الذي يدفعهم هو العلم الذي حصّلوا ، وإنما تدفعهم العاطفة التي تربوا عليها من نعُومة أظفارهم .
أين النصيحة لعامة المسلمين بأن تُبينوا لهم ما تعلمونه من حال هؤلاء ولا يعرفه عامة الناس ، أنتم بصمتكم هذا تُساهمون في تجهيل الناس بحالهم ، واغترار الناس بهم وتعاطفهم معهم ، وتكثير سوادهم .
أين النصيحة لولاة الأمر ؛ أليس هذا من الدين ، بل حصر النبي صلى الله عليه وسلم الدين فيه فقال " الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم "
بيُنوا تكلموا ، فليس هذا من الفتنة كما يزعمون ، بل سكوتكم وصمتكم هو الفتنة ، الفتنة حين لا يكون للناس إمام وولي أمر تجب طاعته ، وإنما يتقاتل الناس ويتناحرون كل منهم يطمع في الوصول ، أما وإن للناس إمام وولي أمر تجب طاعته فيلزمك أن تكون في الخانة التي فيها ولي أمرك ، وإلا فستكون أحد المساهمين في ضياع بلادك وأمنها ، حفظ الله بلادنا وبلاد المسلين من كل سوء ....