الإعتدال : مشتق من العدل وهو لزوم الحق والدوران مع القسط .
ويمثله الوسط بعيداً عن الإفراط والتفريط والغلو ، وهو أمر صعب
في ميدان المشاعر والأفكار والأقوال والسلوك الفردي والإجتماعي
ولزومه أصعب لأن الطرفين يتجاذبان صاحبه بقوة .
وقد عني القرآن الكريم تصريحاً وإشارة بتربية المسلم على الإعتدال :
عاطفة ، وتفكيراً ، وسلوكاً .
فنص على أننا أمة وسطاً بعيدة في كل شؤونها عن الحديه . وهذا ما يؤهلها للشهادة على الأمم .
مجالات الإعتدال :
# الصلاة : رفع الصوت فيها صنو المخافته إلى حد الإسرار
قال تعالى ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وأبتغ بين ذلك سبيلا)
# الإنفاق : من صفات عباد الرحمن أنهم معتدلون في الإنفاق
قال تعالى ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما)
ولزوم الإعتدال في هذا المجال ليس بالأمر الهين ، لأن المال يغري النفوس
ونلاحظ ورود كلمة ( بين) في وصف الصلاة والإنفاق وهي تدل على نقطة
الوسط بين الطرفين وذلك هو الإعتدال .
# المعاش : قال تعالى ( وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا )
وهذا هو مقياس الإستمتاع بالطيبات ويدخل في ذلك اللباس والآثاث والمركب ونحوه .
بهذا يحدث التوازن في حيات المسلم بعيداً عن التصوف الذي يخالف فطرة الله وعن
النزعه اللادينيه التي تقطع الإنسان عن الآخره وتأسره في سجن الدنيا .
# الحب والبغض : كثيراً ما تكون المشاعر ميداناً للغلو في الحب والبغض
ولناخذ مثالين على ذلك :
الأول : موقف النصارى واليهود من عيسى بن مريم عليه السلام
_ النصارى غلو وأفرطوا في حبه حتى ألهوه فهلكوا
_ واليهود جفوه وفرطوا فيه فهلكوا
_ في حين إلتزم المسلمون الإعتدال والوسطية فيه بلا إفراط ولا تفريط .
الثاني : موقف الشيعه الروافض و الخوارج من علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
_ الشيعه غلو فيه وأفرطوا ورفعوه فوق منزلته التي أنزله الله عليها فضلوا عن الحق .
_ الخوارج جفوه وفرطوا فيه فضلوا بذلك عن الحق .
_ في حين إلتزم أهل السنه والجماعه بالإعتدال والوسطية فيه فعرفوا له فضله واحبوه
وأنزلوه منزلته التي أنزله الله عليها بلا غلو ولا جفا وبدون إفراط أو تفريط
# التدين : يلتزم المسلم في تدينه بضوابط شرعيه تمنعه من الغلو ، آنه تدين يراعي
الطبيعة البشرية وضعفها و طاقتها المحدودة ، فلا تكلف فيه ولا عنت .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الذين تشددوا في العبادة إلى درجة
هضم حقوق النفس والزوجة ودعاهم إلى إلتزام سنته المتسمه بإعطاء كل ذي حق
حقه أي ( الإعتدال )
قال عليه الصلاة والسلام :
( إن هذا الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا )