كشف الستر عن حقيقة مذكرات هيلاري كلينتون "كلمة السر" بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اتّبع هداه، أما بعد، فقد وقفت على خبر منشور على الشبكة العالمية للاتصالات، وقد وصل إليَّ عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هذا نصُّه: "بعد قيام الثورة الثانية بالإطاحة بنظام الإخوان ورئيس مصر محمد مرسى والذى أثبت تواطؤهم بالخيانة مع الأمريكان وأثبتت بالأدلة حيث خرجت هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بكتاب تطرح فيه مذكراتها عن أيام تولى منصبها كوزيرة للخارجية فى عهد الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وطرحته بالولايات المتحدة الأمريكية بعنوان "كلمة السر 360" وتحدثت فيه عن الكثير من الأمور الشائكة السياسية والتى نلاحظ نتائجها على السطح حالياً ولكن ما يهمنا فى هذا الكتاب هو جزئية تتحدث فيها عن مصر حيث قالت في أجزاء متراكبة ومتقاطعة فى كتابها سوف أسردها كبنود وفيها كوارث كانت تحاك على مصر بقيادة الإخوان المسلمين وبعض الدول الغربية وباعتراف ضمنى بأنهم وراء خراب سوريا وليبيا والعراق وكانت مصر على حافية الهاوية لولا وقوف الشعب مع جيش مصر الأبي لكانت مصر الآن نسخة من سوريا وليبيا فهيا نتابع ماذا قالت هيلارى كلينتون فى مذكراتها المطروحة الآن فى أمريكا: "دخلنا الحرب العراقية والسورية والليبية وكل شئ كان على ما يرام وجيد جدًّا وفجأه قامت ثوره 6/30 و 7/3 فى مصر وكل شيء تغير فى خلال 72 ساعه كنا على اتفاق مع إخوان مصر على إعلان الدولة الإسلامية فى سيناء وإعطائها لحماس وجزء لإسرائيل لحمايتها وانضمام حلايب وشلاتين إلى السودان وفتح الحدود مع ليبيا من ناحيه السلوم وتم الاتفاق على إعلان الدولة الإسلامية يوم 2013/7/5، وكنا ننتظر الإعلان لكي نعترف نحن وأوروبا بها فورًا . تقول هيلارى كنت قد زرت 112 دوله فى العالم من أجل شرح الوضع الأمريكى مع مصر وتم الاتفاق مع بعض الأصدقاء بالاعتراف بالدولة الإسلامية حال إعلانها فورًا، وفجأة تحطَّم كل شيء .. كل شيء كسر أمام أعيننا بدون سابق إنذار حيث إنه شيء مهول قد حدث ففكرنا فى استخدام القوة، ولكن مصر ليست سوريا أو ليبيا فجيش مصر قوى للغاية، وشعب مصر لن يترك جيشه وحده أبدًا. وهنا هيلاري: تفجر مفاجأة وتقول عندما تحركنا بعدد من قطع الأسطول الأمريكى ناحية الأسكندرية تم رصدنا من قبل سرب غواصات حديثة جدًّا يطلق عليها ذئاب البحر 21 وهى مجهزة بأحدث الاسلحة والرصد والتتبع وعندما حاولنا الاقتراب من قبالة البحر الأحمر فوجئنا بسرب طائرات ميج 21 الروسية القديمة، ولكن الأغرب أن رادارتنا لم تكتشفها من أين أتت وأين ذهبت بعد ذلك لا نعرف ففضَّلنا الرجوع مرة أخرى. ومن هنا ازداد التفاف الشعب المصرى مع جيشه وتحركت الصين وروسيا رافضين هذا الوضع وتم رجوع قطع الأسطول وإلى الآن لا نعرف كيف نتعامل مع مصر وجيشها". وتقول هيلارى أيضًا: "إذا استخدمنا القوه ضد مصر خسرنا، وإذا تركنا مصر خسرنا شيء في غاية الصعوبة فمصر هي قلب العالم العربى والاسلامى ومن خلال سيطرتنا عليها من خلال الإخوان عن طريق ما يسمى الدولة الاسلامية وتقسيمها كان بعد ذلك التوجه لدول الخليح، وكانت أول دولة مهيأة الكويت عن طريق أعواننا هناك من الإخوان فالسعودية ثم الإمارات والبحرين وعمان وبعد ذلك يعاد تقسيم المنطقة العربية بالكامل بما تشمله بقية الدول العربية ودول المغرب العربى وتصبح السيطره لنا بالكامل خاصة على منابع النفط والمنافذ البحرية وإذا كان هناك بعض الاختلاف بينهم فالوضع يتغير".اهـ قلت: هذا الخبر انتشر انتشارًا كبيرًا عبر شبكات التواصل، ولَمَّا وصل إلي، لم يكن محتواه مفاجئة لي؛ حيث إن أغلب ما ذُكِر فيه كان معلومًا لدي إجمالاً، وعندي في نفسي شواهد يقينية تؤيد صحة أغلبه، خاصة مسألة تواطؤ حزب الإخوان مع أمريكا ضد الدولة المصرية –بغض النظر عن تفاصيل هذا التواطؤ- فإنه أمر ثابت معلوم عند كافة العقلاء والمنصفين، بل عند الإخوان أنفسهم إلا مَن غرَّروا بهم من الشباب المتحمس على جهالة، مِمَّن لا يريدون أن يكتشفوا خياناتهم السافرة. ومن ثَمَّ لم أتوان عن نشر الخبر في بعض مواقع التواصل –رغم ضيق وقتي وعدم حرصي على الاشتغال بهذه المواقع-؛ وذلك لما احتواه من تصريحات هامة أكّدت ما هو معلوم لدي من أوجه أخرى حول خيانة حزب الإخوان المسلمين، والمخطط اليهودي الأمريكي لتقسيم بلاد الإسلام، وحول ما يبذله الجيش المصري وقادته من جهود عظيمة في حماية أمن الديار المصرية والبلاد الإسلامية عامة من مكر اليهود والأمريكان والروافض في إيران، وكتبت عليه التعليق التالي: "يا ليت الجميع يقرءون ما كتبته هلاري كلينتون في هذا الاعتراف الصريح باتفاقهم مع الخونة من حزب الإخوان المسلمين من أجل أن يعرفوا ماذا فعل الجيش المصري وقادته لحماية مصر خاصة والأمة الإسلامية عامة.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. وصدق النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "استوصوا بالقبط –أي أهل مصر- خيرًا، فإنكم ستتخذون منهم عدة وأعوانًا في سبيل الله".اهـ قلت: ثم أرسل إليَّ بعض إخواني رسائل تفيد عدم صحة نسبة هذا الكلام إلى مذكرات "هيلاري كلينتون"، وأنه لا يوجد كتاب مذكرات لها بعنوان "كلمة السر 360"، إنما نشِرت مذكراتها بعنوان: "خيارات صعبة"، وليس فيها هذا الخبر، وأنها نفسها كذَّبته. فطلبت من أحد إخواني أن يحصل لي على النسخة المترجمة المنشورة لهذه المذكرات في مصر، وبالفعل حصل لي مشكورًا على طبعتين مختلفتين، وكذلك كلَّفت أحد إخواننا في أمريكا أن يبحث لي عن شأن المذكرات المنشورة في أمريكا باللُّغة الإنجليزية. فكانت النتيجة أن المذكرات الأصلية المنشورة في أمريكا، وكذلك المترجمة في مصر هي بعنوان: "خيارات صعبة"، ولا يعرَف لها مذكرات منشورة رسميًّا بعنوان "السر 360"، إلا أن يكون هذا مِمَّا تسرب من أوراق خاصة بها عن طريق أجهزة المخابرات، وهذا ليس مستبعدًا. ولما رجعت إلى النسخة المترجمة من المذكرات لم أجد هذا النص فيه، وجاء في صفحة "جودة" –والظاهر أنها صفحة إخوانية-: "صيحة أخيرة.. تكلمنا هنا في جودة عن كيفية تمييز الخبر الصادق ومنها "إختبار التكرار وهو: اذا تكرر الخبر بشكل كبير ومتواصل لعدة أيام في كل وسائل الإعلام بدون وجود تطور نوعي أو جديد في الخبر، فهذا في الأغلب محاولة منسقة للتأثير في الرأي العام. لذلك تجد خبر "ترجمة كلينتون" انتشر مؤخرًا، وتكراره يمكن أن يوحي لك بصدقه لكن لو تتبعت مصدر الخبر تجده أتي من مكان واحد وهو موقع مخابرات مصر". هيلاري أوضحت في كتابها، فى الجزء الخاص بمصر، أنها كانت تفضل الانتقال المنتظم للسلطة تخوفًا من تبعات الفراغ الذى سيخلق فى مصر، كما روت تفاصيل لقاءاتها مع محمد مرسى الرئيس المعزول، خاصة عندما تفاوضت من خلاله بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار ما بين إسرائيل وحماس.. ومن بعض مقتطفات اللقاءات التى نشرتها فى حوارها مع مرسي، قالت: سألته ماذا ستفعل لكى تمنع القاعدة ومتطرفين آخرين من زعزعة استقرار مصر وتحديداً في سيناء؟، فكانت إجابته: لماذا سيفعلون ذلك معي؟ نحن حكومة إسلامية.. فقلت لنفسي: إذا كان هذا الشخص يتوقع تضامنا من الإرهابيين معه فهو إما ساذج جدًّا أو شرير. جزء آخر من الكتاب يتحدث عن أحد اجتماعاتها مع مرسي أثناء صياغة الاتفاق بين حماس وإسرائيل، حيث قالت: قام مرسي بالتدقيق فى كل عبارة وردت فى نص الاتفاق وفي بعض الأوقات أخذ يقول: ماذا يعنى هذا؟! وهل تم ترجمة هذه العبارة بطريقة صحيحة؟! وفى لحظة ما صرخ قائلاً: أنا لا أقبل هذا، فكان إجابتي عليه: لكنك أنت اقترحته فى واحدة من المسودات المبكرة، وعندئذ جاء رد مرسى: «أووه هل فعلنا ذلك؟ أوكيه أوكيه". قلت: ولمّا رجعت إلى "المذكرات المترجمة" وجدت فيها النص بنحو ما قالوا، مع اختلاف يسير بين النسختين: ففي النسخة الأولى (نشر مؤسسة (إ)، وقد كُتِب عليها "النسخة العربية الأصلية"، جاء هذا النص في (ص469-470)، وفيه زيادة مهمة، وهي قول هيلاري متحدثة عن مرسي: "أتقن الإنجليزية هو الحائز شهادة الدكتوراة في العلوم، في جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1982، ودرَّس في جامعة ولاية كاليفورنيا، نورثريدج حتى العام 1985". وفي النسخة الثانية (نشر كنوز)، وهي ليست ترجمة حرفية للمذكرات لكنها عرض وتحليل للمذكرات، جاء هذا النص في (ص234)، لكنه جاء بالمعنى. لكن ...!! وإن كان، فإن هذا لا يعني عدم صحة المعلومات –كلِّها أو بعضها- المنشورة تحت عنوان (كلمة السر 360)، وأذكر من شواهد صحة بعضها ما يلي: أولاً: ثبوت التواصل والتواطؤ بين حزب الإخوان وأمريكا وبريطانيا قبل نزول هذا الخبر، منذ أيام حسن البنا إلى ثورة يناير 2011م، ثم ما بعدها مرورًا بثورة 30 يونيو إلى وقتنا هذا. وتواطؤهم الأخير مع أوباما وهيلاري كلينتون، كتواطؤهم مع مَن سبقهم من الروءساء والوزراء في أمريكا. ومن الممكن أن نستشف بداية هذا التواطؤ الأخير مما قاله عبدالرحيم علي في سلسلة "ملفات سرية للإخوان" (الطريق إلى الاتحادية) (ص318): "ومن الحقائق المؤكَّدة في هذا الصدد: تمكن الإخوان في ولاية نيوجيرسي، أحد معاقل الجماعة بقيادة فؤاد حمودة مسؤول الإخوان في الولايات المتحدة، من الاتصال بالسيناتور هيلاري كيلنتون (قبل أن تصبح وزيرة الخارجية)، والتي أرسلت للحكومة المصرية -عقب اللقاء- تستفسر عن ملابسات وفاة عبد الحارس مدني (المحامي المصري الذي توفى في أحد السجون المصرية آنذالك)، وهو ما أكد إمكانية وصول الإخوان للبيت الأبيض عن طريق فرع التنظيم الدولي في واشنطن". وقال عبدالرحيم علي أيضًا في هذا الكتاب في سرد التاريخ الأسود للعلاقة المريبة بين الإخوان والأمريكان (ص296-305): "لم يكن ما سمعناه عقب نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة، من رغبة الإدارة الأمريكية إجراء حوار مع الإخوان بجديد، فعلاقة الطرفين قديمة، والاتصالات بينهم لم تنقطع أيضًا. بدأت علاقة الإخوان المسلمي بأمريكا بعد المواجهة التي حدثت بين الجماعة والثورة في عام 1954 والتي كانت بسبب رغبة الجماعة في السيطرة على القادة الجدد واختطاف الثورة لصالح الجماعة، وهرب الكثيرين واختفوا ،وكان الخيار الأفضل للكثير من أعضاء الجماعة هو السفر لأي دولة خارج مصر ؛خصوصاً الدول النفطية مثل السعودية والتي كانت في خلاف هذا الوقت مع نظام عبد الناصر، ومنهم من اختار السفر للغرب وخصوصًا أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وهناك كوَّنوا روابط إخوانية وحاولوا البقاء متماسكين حتى تتضح الصورة في مصر وتظهر الجماعة من جديد ،وسنحاول في السطور القادمة عرض مراحل تطور الجماعة في الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً حتى وقتنا هذا. ولكن لماذا الولايات المتحدة الأمريكية ؟! كانت الولايات المتحدة في فترة الخمسينات تمثل حلمًا وبريقًا لبعض القوى، خاصة الإسلامية منها، وكانت تعد نفسها لوراثة الاستعمار القديم المتمثل في إنجلترا وفرنسا، وتعاني منافسة حادة من الإتحاد السوفيتي الذي أخذ يسيطر وينشر أفكاره في منطقة الشرق الأوسط، ووسط تحركات التحرر الوطني بشكل عام، الأمر الذي استنفر الأمريكان وأخذوا في البحث عن قوى يمكن الاعتماد عليها في كسر شوكة قوى التحرر، من ناحية والوقوف ضد تمدد نفود موسكو من ناحيه أخرى، وسرعان ما وجدوا ضالتهم في حركة الإخوان المسلمين . كانت الجماعة ومعها عدد من المفكرين الإسلاميين، يعتبرون الإشتراكية كفرًا بواحًا، ومن ينادي بها كفار يستحل دمهم، الأمر الذي أدى إلى مواجهات متعددة بين أنظمة وقوى التحرر الوطني الناشئة، سواء تلك الحاكمة أو تلك التي تسعى إلى تحرير بلادها من ربقة المستعمر، كما عدد من بلدان المشرق العربي. كلُّ هذه العوامل أدت إلى ازدياد موجات هجرة الإسلاميين إلى الغرب بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص، هربًا من تلك المواجهة. كانت في الأغلب الأعم من تلك الهجرات منظمة، بمعنى أن هناك جهات عديدة تابعة لتلك الحركات، وفي القلب منها كانت حركة الإخوان المسلمين،كانت تشرف على هجرة هؤلاء الشباب، ثم تقوم بإعادة تجميعهم، لتصفهم في صفوف منظمة، تصب في بوتقة واحدة. هو ما حدث بالفعل في يناير 1963، عندما تكوّن ((اتحاد طلبة المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا))، وهو أول كيان يجمع الشباب المنتمين إلى حركة الإخوان في أمريكا. ويشير الموجز التاريخي لإنجازات الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة، والذي كان في 25 أكتوبر 1991 كورقة عمل داخلية مقدمة لمجلس شورى الجماعة في الولايات المتحدة إلى أنه في عام 1962، تم تأسيس اتحاد الطلاب المسلمين على يد مجموعة من الإخوان في أمريكا الشمالية، وتحولت لقاءات الإخوان إلى مؤتمرات ومخيمات لاتحاد الطلاب، وتأسست رابطة طلاب المسلمين في عام 1963. وأول أفراد قدموا إلى الولايات المتحدة كانوا أيضًا يُصنَّفون من الإخوان التابعين لدولتهم الأصلية، فإذا جاء أخ مسلم من دولة ليس لها تجمع كبير في الولايات المتحدة ينصح بالانضام إلى أقرب حركة له، فعلى سبيل المثال كان يمكن للعراقي أن ينضم لإخوان الأردن والليبي لإخوان مصر، وهكذا. مرت الجماعة بأشكال تنظيمية مختلفة، وأول هذه الأشكال كانت الإجتماعات الإقليمية، فكل حركة لها قيادة ومجموع هذه القيادات كون جماعات أو مايسمى المجلس التنسيقي الذي كانت تتم به اللقاءات وكانت القرارات الصادرة عن هذا المجلس غير ملزمة لأعضائه. ولاحقًا تشكل بناء رسمي ووفقا للقانون الداخلي وأعلى منظمة في الجماعة هي المؤتمر التنظيمي وهو مشتق من مبادئ الإخوان فكل أسرة تنتخب فردًا أو اثنين حسب عددهم، بعد ذلك يأتي مجلس الشورى ثم المجلس التنفيذي، أثناء هذه المرحلة لم يكن إسم هذا التجمع مهمًا، ولكن ارتباطه باسم الإخوان كان بسبب الحجم الذي تتمتع به هذه الجماعة ولهذا السبب تم تبني اسم الإخوان المسلمين كأساس لهذا العمل، وكانت هناك محاولة لتغيير اسم جماعة الإخوان المسلمين إلى الحركة الإسلامية.... وبعد أقل من 15 عام على تكوين الاتحاد كان قد وصل عدد فروعه في الجامعات الأمريكية إلى 230فرعًا في 1975/1976..."، ثم استطرد الكاتب في ذكر شبكة علاقات الإخوان في مصر، والجسور بينها وبين أمريكا، إلى أن حقّق الجيش المصري النصر في حرب العاشر من رمضان على اليهود، إلى أن قال في (ص298): "وحقَّق العرب انتصارًا كبيرًا في أكتوبر 1973، ولعبت واشنطن أدورًا أساسية في عمليات التسوية التي بدأت بفض الإشتباك الأول، وإقصاء السوفيت خارج مسرح العمليات ..واستكمل التصور الأمريكي حلقاته ببناء تحالف الذي ضم مصر والسعودية والمغرب وباكستان مع الولايات المتحدة الأمريكية بهدف التصدي لحركة أية تنظيمات شيوعية في العالم الثالث...". ثم قال: "في عام 1976م، بدأت تظهر موجه جديدة في تاريخ تطور العمل الإسلامي في أمريكا، وذلك من خلال تكوين الكيانات التي تهتم بالمسلمين القادمين من البلدان الإسلامية فكان أول اتحاد يكون بغرض تجميع المسلمين من إحدى البلاد الإسلامية هو (إتحاد الماليزيين) وذلك باسم "جماعة الدراسات الإسلامية الماليزية"، ثم تلا ذلك في عام 1977م تكوين رابطة "الشباب المسلم العربي"، وذلك لخدمة وتجميع الشباب المسلم العربي .. وتوالت بعد ذلك الاتحادات الباكستانية والإيرانية وغيرها ... وكان من أهم الأسباب التي دعت إلى ظهور مثل هذة الكيانات هو التواجد الضخم للطلبة المسلمين الوافدين من مختلف أنحاء المشرق الإسلامي...". قلت: وهذه الكيانات كلّها قامت على منهج حسن البنا وسيد قطب، وأثمرت شرًّا كثيرًا في البلاد الإسلامية التي رجع إليها مَن رجع من هؤلاء الذين رضعوا لبان الحزبية من هذه المنظمات الإخوانية بمساندة أمريكا. وذكر الكاتب بعد ذلك تفاصيل تاريخ العلائق بين الإخوان وأمريكا بعد قيام ثورة الخميني الرافضية في إيران، ثم ما حدث بعد مقتل السادات، ثم ما حدث من القتال في أفغانستان، إلى أن وصل إلى المرحلة الأخيرة من العلاقات الإخوانية الأمريكية في عهد بوش فقال في (ص319): "لقاء الرئيس بوش: استعان الإخوان بجناح التنظيم الدولي في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن أبرزهم الدكتور حسان حتحوت (رئيس أكبر المنظمات الإسلامية بأمريكا)، حيث كان أول من أستقبل الرئيس الأمريكي جورج بوش بالمركز الإسلامي التابع لهم في العاصمة الأمريكية، عقب أحداث 11سبتمبر مباشرة، بوصفه ممثلاً عن مجلس التنسيق السياسي الإسلامي الأمريكي وعن مجلس الشئون العامة الإسلامي وجهت الجماعة من خلال حتحوت رسالة إلى الإدارة الأمريكية تؤكد فيها قدرتها على تقديم العون الجيد لواشنطن في إطار امتصاص غضب الشباب المسلم، وتحويله إلى نشاط إيجابي بعيدًا عن سلبية الجماعات المتطرفة، شريطة أن تدعم أمريكا الجماعة في مواجهة تلك الحكومات الدكتاتورية ـ على حد توصيفهم ـ .
واستمرت اللقاءات في الانعقاد، ولكن بشكل سري، حتى كان احتلال العراق، الذي أمر خلاله المرشد العام السابع للجماعة محمد مهدي عاكف (المنسق السابق للعلاقة مع الأمريكان)، جناح التنظيم الدولي في العراق (الحزب الإسلامي العراقي بقيادة محسن عبد الحميد والاتحاد الإسلامي الكردستاني بقيادة صلاح الدين بهاء الدين)، بالتعاون مع الحاكم الأمريكي ـ آنذاك ـ بول بريمر، والمشاركة في الحكومة الإنتقالية التي شكلها عقب سقوط النظام العراقي مباشرة...".اهـ وجاء في كتاب "مخابرات الجماعة: أسرار اتصالات الإخوان المسلمين بالـ c.i.a الأمريكية، والـ m16 البريطانية والجستابو الألماني" (ص5) أن هناك خمسة من نواب الكونجرس الأمريكي تقدموا ببلاغ لنائب المفتش العام بوزارة الخارجية الأمريكية ووزارتي الأمن الداخلي ومكتب مدير المخابرات الأمريكية للتحقيق في اختراق جماعة الإخوان البيت الأبيض، وذكرت العضوة ميشيل باكمان أن مها عابدين –مديرة مكتب وزيرة الخارجية الأمريكية: هيلاري كلينتون- تمكنت من توفير التواصل بين جماعة الإخوان وهيلاري كلينتون. وشمل الكتاب ذكر بعض صور استخدام المخابرات الأمريكية والبريطانية لحزب الإخوان منذ نشأته إلى وقتنا في تحقيق مصالح لهم في البلاد الإسلامية، ومن هذا استخدامهم في إحداث الاغتيالات التي تخدم أهدافهم، وأشار إلى تعاون حزب الإخوان مع جماعة "مريدي الله" الرافضية الشيعية في إيران في فترة سابقة. وليس خافيًا المنظمات والشركات الإخوانية في أمريكا وأوربا، وأن أغلب رموز التكفيريين القطبيين لم يجدوا مأوى لهم إلا في أمريكا، فهذا صلاح الصاوي ومحمد سرور ... إلخ، عندهم المراكز والجامعات والمؤسسات الدعوية في بريطانيا وأمريكا. وهذا يوسف ندا مفوض العلاقات الدولية لحزب الإخوان ومؤسس بنك التقوى، وكثير من رموز الإخوان الهاربين تمكنوا من إنشاء مراكز إخوانية في كل بلد كافر نزلوه ليس لنشر الإسلام كتابًا وسنة، إنما للترسيخ لمنهج الإخوان الخارجي الصوفي الماسوني بمباركة دول الكفر؛ لمسخ الإسلام والمسلمين.