ﻻيمكن أن يتقدم الفرد والمجتمع بدون الوعي بأهمية اﻻدخار، فالذي ﻻ يدّخر من دخله شيئاً ﻻ يتقدم، وﻻ يضيف أي شيء يذكر لنفسه ومجتمعه والبشرية، أما الذين يصرفون أكثر مما يكسبون عن طريق القروض فسرعان ما يصابون باﻻرتباك والحاجة في المستقبل الذي أخذوا حقه، وهم يصنفون على أنهم خصوم ﻻ أصول. * إن ثقافة اﻻستثمار ضعيفة جداً في مجتمعنا، حلّ مكانها صفات كريهة من (التفاخر وحب المظاهر) لدى كثيرين، ممن يغيّرون سياراتهم الصالحة لمجرد الجخ، ويسافرون وهم مالياً ﻻ يتحملون، ويسرفون بالنسبة لدخلهم الذي يعكس إنتاجهم الحقيقي، ومن يستهلك أكثر مما ينتج فهو عبء على المدخرين الجادين الذين يسهمون في بناء اﻷعمال وتواصل النمو. * من الحقائق الثابتة أنه ﻻ يجتمع (الحس التجاري) مع (التفاخر وحب المظاهر) وﻻ يتوافق مع اﻹسراف، إنَّ بداية التاجر الجاد تعتمد على العمل الكاد والتدبير (والكلمة اﻷخيرة جامعة تعني الحكمة واﻻدخار وحسن اﻻستثمار). * إن للثروة يدين: التوفير والتدبير، وﻻ مكان هنا للتفاخر وعشق المظاهر، الجادون من الرجال والنساء يعملون بإصرار ومثابرة ويوفرون من دخولهم ويستثمرونها في المجال الذي يجيدونه لتكبر أعمالهم وتكثر أموالهم مع الزمن، فالزمن صديق للمدخرين الواعين، وعدو لدود للمسرفين المغرمين بالمظاهر . * وديننا الحنيف نهى كثيراً عن اﻹسراف، وذمّ المسرفين، ودعا إلى اﻻعتدال في اﻹنفاق، فﻼ إسراف وﻻ تقتير، واعتبر اﻹنسان مسؤوﻻً عن المال ومؤتمناً عليه ﻷنه مال الله عز وجل، وينبغي أن يصرف بعقل وفيما ينفع، وأن يحتاط اﻹنسان للمستقبل ويسهم في نمو مجتمعه. * والمؤلم أن عادة اﻹسراف والهدر امتدت من اﻷفراد إلى كثير من الشركات المساهمة والتي يقوم على إدارتها أناس مسرفون بطبعهم، ويزداد إسرافهم وهدرهم حين يكون ذلك من مال غيرهم، وهذا خيانة لﻸمانة وإنهاك ﻻقتصاد اﻷمة. * إن كل تقدّم مادي ونمو إنما يقومان على عواتق المدخرين أما المسرفون فهم عبء على اﻻقتصاد والتنمية